اليونان أصبحت تشكل عبئاً على منطقة اليورو

لأول مرة يصدر تصريح صريح جداً عن مسؤول ألماني كبير وهو وزير الاقتصاد الاتحادي فيليب روسللا يتحدث فيه عن رفع ما كان يعتبر في السابق من المحرمات واعتبار اليونان دولة مفلسة.


برلين: يفسر بعض خبراء المال تصريح وزير الإقتصاد الألماني بشأن اليونان، وهو طبيب بالأصل يفضل التضحية بعضو مريض في الجسم تفاديا لإصابة كامل الجسم بالمرض وتكون النهاية.

وبهذا يكون اصغر وزير في حكومة المستشارة انجيلا ماركل قد تخطى الخطوط الحمراء بقوله من اجل ضمان استقرار منطقة اليورو لا يجب ان يكون هناك اي تفكير بالتكتم على شيء او عدم التحدث عن المحرمات، وهذا ينطبق على اليونان التي يجب ان يتم التحضير لإجراءات اعلان افلاسها اذا ما توفرت الآلية الضرورية لذلك.

وبرأيه ايضا ان الاجراءات غير الكافية لتوحيد الجهود في اليونان زادت من سرعة تآكل ثقة الشعب والاسواق المالية بالعملة الاوروبية الموحدة. وطالب بإنشاء نظام للعقوبات تلقائية لدول اليورو إذا لم يتم تنفيذ الإصلاحات، ويجب ان لا يكون سحب حق اليونان بالتصويت في منطقة اليورو من الممنوعات بعد الان.

ولم تكتف برلين بإرسال هذه الرسالة الحادة على لسان الوزير روسلر من الحزب الليبرالي الى اليونان بل اعلنت المستشارة انجيلا ماركل ولاول مرة موقفا من سياسة الحكومة في اثينا رغم انها كانت اول السياسيين الاوروبيين الذين شددوا على منح هذا البلد المتعثر والمفلس ضمانات مالية وفيرة، حيث هددت بوقف الدفعة الثانية من الضمانات المالية التي وافق عليها مجلس النواب الالماني قبل ايام قليلة اذا لم تنفذ سياستها الداعية للتوفير والتقشف.

الا انها لا تريد اتخاذ موقف متصلب حيال اليونان لذا اضافت القول علينا التحلي بالصبر لان المشاكل التي اهملت سنوات طويلة لا يمكن حلها بين ليلة وضحاها. وما لا نحتاجه الان هو اسواق مالية غير هادئة، فالشعور بعدم الامان كبير جدا حاليا، ويجب بذل الجهود من اجل توفر تماسك سياسي في منطقة اليورو.

لكن ماذا يعني ذلك بالتحديد؟

هنا يعتقد الخبير المالي المعروف غرهارد مولر من فرانكفورت ان برلين وكما يبدو تريد سلوك سياسة العصا والجزرة، فهي تريد من جانب التأكيد على ان اليونان جزء من منطقة اليورو لكن من جانب آخر ممارسة زيادة الضغط عليها كي تشعرها بان الامر لم يعد يحتمل واهمالها لتنفيذ سياسة تقشفية لا يجب ان يكون بسبب ضغط الشارع اليوناني. مع ذلك يقر الخبير بان الحكومة اليونانية بين شر الرافضين لسياسة التقشف في اليونان وشر العقوبات الاوروبية والالمانية بالدرجة الاولى، وكل واحد امر من الاخر.

وحيال هذا الوضع لا يريد المسيحي البافاري الحزب الشقيق للحزب المسيحي الاجتماعي الذي تتزعمه المستشارة ماركل الضغط اكثر من اللزوم على اليونان، فهو يرى ان تجريد اي بلد مثقل بالديون من مكانه في محيط اليورو يجب ان يكون اخر علاج، مذكرا بمضمون معاهدة النقد الموحد بعدم السماح بطرد اي بلد من منطقة اليورو ولا حتى خروج البلد طوعا منها.

وفي هذا الصدد قال خبير اسواق المال فالتر فوبيس لايلاف ان مخاطر ابعاد اليونان عن منطقة اليورو، سيكون مثل احجار الدومينو، ما ان يتهاوى حجر حتى تتهاوى احجار اخرى، وهذا بحد ذاته يشكل خطرا على كل منطقة اليورو. ولانه لا توجد الية مضمونة من اجل التحضير لإعلان افلاس دولة في محيط اليورو لا يجب ركوب المخاطر في ما يتعلق بهذا الموضوع.

ويساند الخبير المالي موقف رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي زيغمار غبرايل القائل ان إعلان افلاس اليونان سيعود بالضرر الكبير على المانيا. وفسر الخبير هذا الامر بالقول عندما تترك اليونان منطقة اليورو، لن ينتهي الامر عند هذا الحد بل ستجري اسواق المال امتحانا للوضع المالي في ايرلندا والبرتغال واسبانيا وايطاليا يوما ما فكلها تعاني مشاكل مالية عندها ستوضع علامة استفهام كبيرة حول مصير النقد الموحد وعلى مدى قوته، ما سيسبب مشاكل لا تحصى لالمانيا. كما وان اضعاف وضعية اليورو في وقت تعاني فيه اسواق المال ازمات كبيرة يعني تهديد مصير النقد الاوروبي.

لكن لخبير المال ومستشار الحكومة الالمانية في الشؤون المالية كليمنت فووست رأي يساند رأي وزير الاقتصاد روسلر، حيث يعتقد كما نوه في ندوة صحافية في برلين بانه من الممكن تنظيم عملية افلاس لليونان دون ان تترك اي تأثيرات سلبية كما حصل مع الازمة المالية عام 2008. فالبنوك متحضرة ليونان مفلسة. عدا عن ذلك فان الالية السياسية تطورت بشكل يمكنها اليوم من السيطرة على المصارف. وهو لا يتوقع حدوث سيناريو كما حدث مع المؤسسة المالية المفلسة ليمان برازر عام 2008.

ويذكر بان اعلان افلاس اليونان لا يعني بالضرورة خروجها من منطقة اليورو، فخروجها ليس الزاميا وغير مرغوب به ايضا.

وهنا يتعارض رأيه مع رأي خبير المال مولر الذي حذر كما عدد من خبراء المال من مخاطر اعلان افلاس اليونان لانه قد يسبب اضطرابات جديدة في اسواق المال وافلاس بعض المؤسسات المالية وانتقال عدوى الافلاس الى بلدان مثل اسبانيا والبرتغال وايطاليا التي تعاني مشاكل، عندها تصبح مسألة اعلان افلاسها موضوع الساعة. ويشدد على اهمية تطوير معايير واضحة لمنطقة اليورو تحدد في اي وضعية يجب تخفيض الديون.

وردا على اصرار فولفغانغ شوبليه وزير المالية الالمانية بانه لا يريد سماع كلمة افلاس اليونان لانه يشكك بانها امام افلاس حقيقي، ولا داعي ان نطلق التصاريح التي تزيد من توتر اسواق المال، يقول تقرير للمؤسسة الالمانية للبحوث الاقتصادية انه بسبب تلال الديون لا يمكن لليونان ان تدفع ديونها بعد ذلك، واعلان الافلاس اجراء غير موجه ضد اليونان، بل انه قرار سوف يكون الافضل للجميع، حتى ولو كان يتضمن مخاطر كانهيار بعض المصارف.