التجار الإيرانيون يهرّبون البضائع الأجنبية عبر مضيق هرمز

أصبح مضيق هرمز ساحة للصراع بين إيران والغرب حول الملف النووي، لكنه يبقى صلة وصل وممر رئيس للسلع الأجنبية إلى طهران، فقبل بزوغ الفجر، تنطلق زوارق سريعة من إيران إلى الميناء، لتعود عند المغيب عبر مضيق هرمز محمَّلة بالسلع الاستهلاكية المهرّبة على أنواعها.


لميس فرحات: في الوقت الذي تشتد فيه العقوبات على إيران، لم يبق للتجار الإيرانيين سوى منفذ بحري ضيق إلى الخليج، يربط الساحل الإيراني بساحل عمان الصخري على بعد نحو 60 كلم. لكن حتى هذا المنفذ، الذي يستخدمه التجار للتهريب، يرزح اليوم تحت الضغوطات الغربية على إيران بسبب برنامجها النووي.

تدنت نسبة الأعمال بشكل حاد، وفق ما يقوله الوسطاء وأصحاب القوارب، وتراجعت العملة الإيرانية، الأمر الذي أدى إلى تقليص نسبة البضائع المهرّبة إلى الداخل الإيراني. وفي الوقت عينه، يواجه المهرّبون مخاطر عديدة، بسبب تكثيف السلطات الإيرانية دورياتها بالقرب من ممرات ناقلة النفط الاستراتيجي في فم الخليج.

مضيق هرمز، الذي يعتبر نقطة الوصل الوحيدة لإيران إلى داخل منطقة الخليج وخارجها، تحوّل إلى مسرح سياسي لما يشبه الحرب الباردة بين إيران والغرب، بعدما هددت طهران في الشهر الماضي بعرقلة ممر نحو سدس كمية النفط العالمي انتقاماً من فرض عقوبات أميركية جديدة.

في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;غارديانquot; البريطانية عن أغيل، وسيط بين المهرّبين، قوله: quot;كنا نقوم برحلتين أو ثلاث يومياً. أما الآن فبالكاد نستطيع ترتيب رحلة واحدةquot;.

يعمد التجار إلى تهريب البضائع لتجنب التعريفات الإيرانية، وتأمين المنتجات الأميركية والأوروبية، التي اختفت من الأسواق الإيرانية، بسبب العقوبات الدولية. ويشير الخبراء إلى أن المواد الاستهلاكية لا تشكل تحدياَ حقيقياَ للجهود المبذولة لمنع وصول المواد ذات الاستخدامات العسكرية أو النووية.

وقال بول روجرز، الذي يتابع الشؤون الأمنية في جامعة برادفورد في المملكة المتحدة إن quot;عملية التهريب تظهر أنه من غير الممكن إغلاقكل القنوات في إيران مهما حاولنا، فالناس سيجدون وسيلة لتأمين احتياجاتهمquot;.

عند الجانب الآخر من الخليج العربي، يعمل المهرّبون في ظل تسامح ضمني من قبل السلطات، على الرغم من أن سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة هما من الحلفاء المقرّبين للولايات المتحدة، وتعهدا بفرض عقوبات على إيران.

يتم استيراد البضائع بشكل قانوني في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويعمل سائقو الشاحنات على نقلها عبر الحدود، ويدفعون تعريفة دخول بقيمة 50 درهم (8.75 pound;)، ثم يتم أخذ البضائع عبر ولاية خصب العمانية إلى مستودعات تكدّس على أرصفة على بعد أقل من 100 متر من مقر شرطة الميناء.

وعلى الرغم من الدوريات الإيرانية المشددة على الساحل، إلا أن للمهرّبين أساليبهم في تجنب السلطات الإيرانية. فهناك عدد من الراصدين قبالة الساحل - على جزيرة قشم وبالقرب من ميناء بندر عباس ndash; يراقبون حركة خفر السواحل. ويرصد سائقو القوارب بشكل وثيق أوضاع المياه في مضيق هرمز، ويحاولون الاقتراب من الساحل الإيراني بعد غروب الشمس.ويمكن أن تأخذ الرحلة أقل من 90 دقيقة في الأحوال الملاحية الهادئة، وتصل إلى أربع ساعات في الأحوال الصعبة.

مرت شاحنة أغيل من خلال محطة الجمارك في خصب عند منتصف النهار، ثم اجتازت طريق وعر باتجاه الميناء. عند وصول الشاحنة، تختبئ عشرات القوارب وراء سفينة ضخمة على الساحل، لتعبئة البضائع من الشاحنة، وهي عبارة عن تلفزيونات مسطحة، أفران quot;مايكرووايفquot; وأجهزة quot;دي في ديquot; وقطع غيار الدراجات النارية من نوع quot;ياماهاquot;، إضافة إلى السجائر والمنسوجات والصحون اللاقطة والملابس والأحذية الصينية الصنع.

نقلت الصحيفة عن عزيز، أحد المهرّبين، قوله quot;في الأشهر الأخيرة، كنت أقوم بأكبر عدد ممكن من الرحلات، لأن التجار في إيران يطلبون البضائع بكثرة. أما اليوم فلا أحد يريد الشراء، لأن عملية الريال الإيرانية غير مستقرة، بسبب العقوبات التي يمكن أن تستهدف البنك المركزي الإيراني، مشيراَ إلى ان الدوريات الإيرانية الساحلية ازدادت في ظل التوترات المتصاعدة حول المضيق.

يوم الأربعاء ، قال وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، إن الجيش الاميركي على استعداد تام للتعامل مع أي محاولة إيرانية لإغلاق الممر المائي، كما من المتوقع أن يقوم الحرس الثوري الإيراني بمناورات بحرية في الشهر المقبل.

وقال عزيز إنه في حال تمكنت الدوريات من إيقاف القوارب، يعمل الطاقم على رمي البضائع في البحر، ويعيد دفع ثمنها لشبكة المهربين، الأمر الذي قد يكلفهم آلاف الدولارات. وأضاف: quot;لكن الأمر يستحق المخاطرة، فالوضع يزداد سوءاً، والأسعار ترتفع، ولا يوجد سبيل آخر سوى التهريبquot;.