يبدو أن أوروبا لن تتضرر من فقدان النفط الإيراني، وقد يكون ضعفها الاقتصادي عامل قوة للوقوف في وجه الجمهورية الإسلامية. وعلى الرغم من التخوف من أن العقوبات التي فرضت على النفط الإيراني، سوف تؤثر على الدول المستوردة للنفط، من المرجّح ألا يعاني الاتحاد الأوروبي نقصًا في النفط، لأن الطلب على هذه المادة انخفض منذ الآن، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعانيها منطقة اليورو.


أوروبا لن تتضرر كثيرًا من العقوبات النفطية غير المسبوقة على إيران

لميس فرحات: قبل يوم الثلاثاء، كانت وكالة الطاقة الدولية تتوقع أن يشهد اقتصاد الاتحاد الأوروبي المتأزم، انخفاضاً في الطلب على النفط في عام 2012، أي ما يعادل حوالى ثلث ما تستورده المنطقة من إيران. وفي حال انكمش اقتصاد الاتحاد الأوروبي بنسبة 0.1 % هذا العام، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي، فمن المرجح أن تتراجع كمية الطلب على النفط بشكل أكثر حدة.

وفي الوقت الذي يتوقع فيه أن تعود ليبيا إلى إنتاج النفط بطاقتها الكاملة كما كانت ما قبل الثورة ضد العقيد الليبي معمّر القذافي، لن تكون هناك حاجة إلى الخام الإيراني على الإطلاق.

تشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن الاتحاد الأوروبي تلقى نحو 600000 برميل يومياً من النفط الخام من إيران خلال الفترة من كانون الثاني (يناير) إلى تشرين الأول (أكتوبر) في العام 2011.

في الأسبوع الماضي، قالت الوكالة إنها تتوقع أن يكون الطلب على النفط في الاتحاد الأوروبي أقل بنحو 267.000 برميل. ويرجّح أن خفض توقعات النمو في صندوق النقد الدولي سيعني مزيداً من الانخفاض في الطلب على النفط لعام 2012.

واعتبرت صحيفة الـ quot;وول ستريت جورنالquot; أن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يتخلى عن نحو نصف حجم النفط الذي يستورده من إيران ببساطة من خلال الانكماش الاقتصادي. ونقلت عن أوليفييه جايكوب، العضو المنتدب لمؤسسة quot;بتروماتريكس الاستشاريةquot; قوله: quot;لا شيء يتغير بالنسبة إلى أوروبا، بشأن العقوبات النفطية على إيران، لأن كمية الطلب على النفط منخفضة في الوقت الراهنquot;.

وأشارت الصحيفة إلى أن الزيادة المتوقعة في الصادرات من ليبيا، بعدما بدأت صناعة النفط تتعافى من الحرب الأهلية، قد يساعد أيضًا في سد فجوة احتياجات الاتحاد الأوروبي للنفط.

وأضاف جايكوب: quot;إن كمية النفط الخام التي فقدتها أوروبا خلال الحرب الليبية هي أكثر من ضعف ما ستكون عليه خسارة الاتحاد بسبب الحظر على النفط الخام الإيرانيquot;.

ويقول مسؤولون في صناعة النفط الليبية إن البلاد تنتج حاليًا حوالى 1 مليون برميل يومياً من النفط، وأن الكمية يجب أن تصل إلى مستويات ما قبل الحرب، البالغة 1.6 مليون برميل يومياً، بحلول منتصف العام. كل هذا يعني أن هناك بالفعل فائضاً في المعروض في سوق النفط في الوقت الحاضر، من دون الحاجة إلى المملكة العربية السعودية لزيادة إمدادات النفط إلى أوروبا، كما اقترحت بعض الدول.

لكن مما لا شك فيه، فإن التحوّل لن يكون خاليًا من الألم للجميع، فالخام الليبي يختلف تماماً عن النفط الثقيل، الذي ترسله إيران إلى أوروبا. لذلك، فقد تعاني المصافي الفردية، التي تشتري عادة الخام الإيراني، أزمة مالية، في حال لم تتمكن من العثور على إمدادات بديلة ذات نوعية مماثلة. كما إن المصافي الأوروبية ليست في وضع أفضل لتحمّل مثل هذه الصدمات، وهذا ما تجلى من إعسار مصفاة quot;بتروبلسquot; لتكرير النفط في سويسرا يوم الثلاثاء.

قد تعاني أيضًا فرادى البلدان، لا سيما اليونان المثقلة بالديون، والتي تشتري أخيرًا أكثر من ثلث احتياجاتها من النفط من إيران، بسبب شروط التمويل المواتية التي عرضتها. وقال وزير الخارجية اليوناني ستافروس ديماس الأربعاء إن quot;تمويل عقود جديدة هي نقطة الخلاف، فهناك حاجة إلى خطوط الائتمانquot;.

وعرض المجلس الأوروبي quot;المساعدة التقنية وجوهريةquot; للتغلب على الصعوبات التي ستواجه اليونان، لكن قد تكون هناك حدود لهذه السياسة.

من جهته، اعتبر جايكوب أن موقف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيكون quot;مثيراً للاهتمام، عندما سيضطر لأن يشرح لعمّال مصفاة بتروبلاس أن الحكومة الفرنسية لا تستطيع أن تفعل شيئاً لهم، بل عليها مساعدة مصافي النفط اليونانيةquot;.