الدوحة: بلغت موارد الدول الخليجية المصدرة للنفط حوالي 800 مليار دولار العام الماضي بسبب ارتفاع أسعار النفط، بحسب السيد يوسف حسين كمال وزير الاقتصاد والمالية القطري. وأكد الوزير، خلال كلمة افتتاحية أمس للملتقى الرابع عشـر لمجتمع الأعمال العربي، أن دول الخليج تسعى لاستثمار الكثير في الإنفاق المحلي باستخدام تلك الموارد للحد من الآثار السلبية للمعطيات الاقتصادية الراهنة.وقال وزير الاقتصاد القطري إن معظم التحديات التي تواجه المنطقة تنشأ من الضغوطات الداخلية الناتجة عن قلة موارد الميزانية والحاجة في الوقت نفسه للإنفاق لتخفيف التوترات الاجتماعية. وأوضح أن ملتقى مجتمع الأعمال العربي يعد استثنائياً، حيث يأتي بعد مرور عام على ما شهدته المنطقة من ثورات عربية جاءت نتيجة اختلال في العدالة والمساواة بين فئات المجتمع في دول الربيع العربي.

وأشار الوزير القطري إلى أن هذه الثورات لا تزال حتى الآن تعصف بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتغيير المشهد السياسي في المنطقة، بل أفرزت في المقابل مشهداً اقتصادياً جعل المنطقة، التي تضم أهم مصادر النفط في العالم، موضع تقييم واهتمام كبير، كما جعل منها بيئة خصبة للتكهنات، خاصة من قبل المؤسسات المالية العالمية التي تعددت توقعاتها في محاولة لاستشراف آفاق النمو في المنطقة والمخاطر التي تنتظرها مستقبلاً وسبل تجاوزها.

ولفت في هذا الصدد إلى أن صندوق النقد الدولي كان قد خفض توقعاته بشأن النمو المحلي الإجمالي بالسعر الثابت في الدول العربية لعام 2012 من 4,2% إلى 3,6%، مؤكداً وجود مسارين في أداء اقتصادات المنطقة العربية، نشهد في أولهما نمواً سريعاً في اقتصادات الدول المصدرة للنفط، خاصة دول مجلس التعاون الخليجي نتيجة لارتفاع أسعار النفط وارتفاع مستويات الإنفاق الحكومي، بينما يشهد الأداء الاقتصادي في الدول المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تدهوراً كبيراً.

ونبه وزير الاقتصاد القطري إلى وجود ثلاثة عوامل رئيسية تفسر هذا التراجع الاقتصادي المذكور، في مقدمتها ارتفاع أسعار النفط وأسعار السلع، والتي تعمل على عرقلة النمو في اقتصادات هذه الدول، مع تراجع الأداء الاقتصادي في أوروبا، مما أدى إلى تداعيات سلبية قوية على تلك الدول، حيث يوجد ارتباط وثيق بين الاقتصادات الأوروبية واقتصادات الدول المستوردة للنفط في شمال أفريقيا ودول المشرق العربي عبر السياحة والتجارة وتحويلات العاملين، إضافة إلى ارتباك الأداء الاقتصادي بسبب التغييرات الناجمة عن الثورات العربية.وأوضح يوسف حسين كمال أن الآثار السلبية على الأداء الاقتصادي جراء الثورات العربية بدت واضحة من خلال الأضرار الفادحة في القطاع السياحي في كل من تونس ومصر، والذي وصلت خسائره إلى حوالي 10 مليارات دولار حتى الآن.

وقال وزير الاقتصاد القطري إن أوضاع الدول العربية متفاوتة من حيث التأثر بالثورات العربية، ففي تونس بدأت الأوضاع تميل نحو الاستقرار والهدوء، بينما في دول أخرى لا يزال الطريق طويلاً في الانتقال السياسي، لذلك فإن كلاً من القطاعين المحلي والخاص، والاستثمارات الأجنبية المباشرة، لا تزال قيد الانتظار حتى تتأكد من وجود حكومات جديدة أو انتقالية، وما ستسفر عنه من قرارات.وأوضح أنه باستثناء صادراتها من النفط، فإن منطقة الشرق الأوسـط وشمال أفريقيا التي تضم حوالي 400 مليــون نسمة من السكان، تصدر الكمية نفسها من السلع والبضائع التي تصدرها سويسرا التي تضم أقل من 8 ملايين نسمة، داعياً إلى إعادة النظر في نموذج نمو التخطيط الاقتصادي ليكون أكثر شمولاً حتى تضيف كل نقطة مئوية في النمو الاقتصادي مزيداً من فرص العمل بدلاً من خفضها.