تبدو التأثيرات الموجعة للعقوبات الدولية واضحة في إيران التي تسعى جاهدة إلى التمسك بمشتري صادراتها من النفط الخام. ففي كانون الثاني/يناير، خفضت الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة اعتمادها على نفط إيران بشكل حاد. وفي الشهر الماضي، ألغت شركة الشحن الهندية quot;شيبينغ كوربquot; شحنة من النفط الإيراني لأن شركات التأمين في أوروبا رفضت توفير التغطية للناقلة. كما طلبت شركات تكرير النفط اليابانية إضافة شروط إلى عقود شراء النفط حتى يتمكنوا من التراجع إذا لم يتمكنوا من الحصول على تأمين للناقلة.


إعداد لميس حطيط: تسعى إيران تسعى جاهدة إلى العثور على مشترين لنفطها، لكن البلدان الأخرى تتدافع أيضًا إلى تنويع اقتصاداتها بعيداً عمّا يعتبرونه quot;عرضاً محفوفاً بالمخاطرquot;، وفقاً لريتشارد ميد، رئيس تحرير قائمة لويدز.

إضافة إلى ذلك، خرجت شركة النفط الأنغولية quot;سونانغولquot;أخيرًا من مشروع إيراني لتوسيع إنتاج الغاز الطبيعي في حقل بارس الجنوبي. وقالت سونانغول إن العقوبات تجعل من الصعب تمويل حصتها، البالغة 20 في المئة، في المشروع الذي تبلغ قيمته 7.5 مليارات دولار.

وعلى الرغم من هذه الظروف السيئة، التي تضرب صادرات النفط الإيرانية، تستفيد طهران في الوقت الحالي من التوترات المتصاعدة في المنطقة، والتي دفعت أسعار النفط إلى الارتفاع.

علاوة على ذلك، من غير الواضح ما إذا كانت إيران قد قللت من حجم صادراتها النفطية، على الرغم من أن الصادرات خلال منتصف شهر شباط/فبراير كانت أقل من متوسط ​​العام الماضي.

في هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـ quot;واشنطن بوستquot; أن إيران سوف تجد صعوبة متزايدة في الحفاظ على صادراتها، في الوقت الذي تقترب منه من موعد 1 تموز/ يوليو لدخول قرار حظر تصدير النفط، الذي أقرّته أوروبا حيز التنفيذ، وفي ظل تشديد الولايات المتحدة القيود على المعاملات المصرفية مع إيران.

مع ارتفاع أسعار النفط الخام الأميركي نحو 107 $ للبرميل، يراقب المسؤولون في إدارة الرئيس باراك أوباما الوضع عن كثب، ويشعرون بالقلق من أن ضغوط سوق النفط تسابق خطط العقوبات. وكان مسؤولون أميركيون وأوروبيون يأملون في أن يبتعد الزبائن في أوروبا عن النفط الإيراني، قبل أن يدخل قرار الحظر حيز التنفيذ.

وتعتقد إدارة أوباما أن التعويض عن فقدان إمدادات النفط الخام الإيراني يمكن أن يتم من خلال زيادة الإنتاج من قبل المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول المصدرة للنفط.

وبدلاً من ذلك، يخشى المسؤولون الأميركيون من احتمال حدوث نقص في العرض، ما يسبب أزمة في أسواق النفط وارتفاع الأسعار، وهذا الوضع ليس بجيد بالنسبة إلى أوباما في عام الانتخابات.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية قوله: quot;العقوبات على البنك المركزي الإيراني لن تبدأ تأثيراتها حتى 28 حزيران/يونيو، لكن شركات التأمين بدأت تحركاتها منذ الآن، فالناقلات متوقفة لأنها لا تستطيع تفريغ حمولتهاquot;.

وتقول شركة quot;سي انرجيquot; الاستشارية في واشنطن، إن إيران لديها 35 مليون برميل في التخزين، أي نحو نصف قدرتها. ويشير تجار النفط في واحدة من الشركات الأوروبية إلى وجود أربع ناقلات تبحث عن مكان لتفريغ النفط الإيراني الخام.

ما يزيد الطين بلة، وفقاً للمسؤول الأميركي، هو أن عقوبات على النفط الإيراني تأتي في الوقت الذي تشهد فيه سوق النفط إمدادات شحيحة quot;فشحنات النفط من جنوب السودان واليمن وسوريا توقفت كلها بسبب الحرب الأهلية أو العقوباتquot;، مشيراً إلى أن هذه الدول كانت تشكل معاً أكثر من نصف مليون برميل يومياً من صادرات النفط، أي تقريباً بقدر صادرات إيران الى أوروبا.

وأشارت الصحيفة إلى أن القلق بشأن أسعار النفط المتصاعدة يكمن وراء تردد الإدارة الأميركية لتبني فرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني، الذي يسهل مبيعات النفط الإيراني.

ونقلت عن وزير الخزانة تيموثي غايتنر، في رسالة وجّهها إلى الكونغرس في 1 كانون الأول/ديسمبر، قوله إن الإدارة بحاجة إلى المرونة حول طريقة فرض عقوبات على تدفق النفط الإيراني، وذلك بسبب عدم القدرة على التنبؤ برد فعل السوق.

وحذر غايتنر من أن القانون المقترح، الذي يقضي بفرض عقوبات على البنك المركزي الإيراني quot;يمكن أن يكون له تأثير عكسيquot;. لكن مشروع القانون حاز موافقة الكونغرس بعد أيام قليلة بدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

واعتبر مسؤول أميركي آخر أن إيران quot;خبيرةquot; في مجال التلاعب بأسواق النفط،وذلك باستخدام التهديدات في التوقيت المناسب لرفع أسعار النفط. وأضاف: quot;تهديدات إيران كانت متعمدة لرفع الأسعارquot;.