تتجه الحكومة العراقية للطلب رسميًا من نظيرتها الأميركية إصدار قرار بتمديد حمايتها الأموال العراقية في الخارج والبالغة حوالى 64 مليار دولار لمدة عام آخر بدءًا من 20 من الشهر المقبل لحمايتها من مطالبات متضررين ومن التلاعب فيها من قبل جهات داخل العراق وخوفا على نهبها بحسب ما قال نائب عراقي.


تتجه الحكومة العراقية للطلب من الولايات المتحدة إصدار قرار بتمديد حمايتها الأموال العراقية في الخارج. جاء ذلك خلال اجتماع للجنة الوزارية الخاصة بوضع آلية لضمان حماية أموال العراق برئاسة نائب رئيس الوزراء روﮋ نوري شاويس ومشاركة وزراء المالية والنفط والعدل ورئيس ديوان الرقابة المالية ومحافظ البنك المركزي العراقي ووكيلي وزارتي الخارجية التخطيط والمستشار القانوني لرئيس الوزراء ومستشار نائب رئيس الوزراء.

وبحثت اللجنة خلال اجتماعها quot;الإجراءات والخطوات الواجب مواصلتها لحماية الأموال والاصول العراقية المودعة في الخارج خصوصا مع قرب انتهاء فترة الحماية التي يوفرها القرار الرئاسي الأميركي لهذه الأموال والأصول حتى 20 من الشهر المقبلquot;.

واتخذت اللجنة جملة من القرارات والتوصيات الواجب العمل بها في هذا المجال وفي المقدمة منها التوصية الى مجلس الوزراء لتقديم طلب رسمي باسم حكومة جمهورية العراق عبر وزارة الخارجية الى حكومة الولايات المتحدة الأميركية لاستصدار قرار رئاسي جديد يوفر الحماية للأموال العراقية لمدة عام جديد اعتباراً من 20 آيار (مايو) عام 2012quot; كما قال بيان صحافي لمكتب شاويس رئيس اللجنة تسلمته quot;ايلافquot; اليوم.

ويحمي القرار الأميركي صندوق تنمية العراق والحسابات المصرفية والممتلكات العراقية والمصادر النفطية العراقية المودعة في الخارج بينما تحاول شركات وأشخاص يدعون أنهم تضرروا من العراق، فك حماية تلك الأموال من أجل رفع دعاوى للاستيلاء عليها. ويعتبر القرار الأميركي بحماية أموال العراق في الخارج غطاء إضافيا للحماية بالإضافة إلى الحصانة التقليدية لدى الدول أمام القضاء حول العالم.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش قد بدأت بعد الحرب على العراق عام 2003 اجراءات حماية الأموال العراقية وتعهدت من خلال quot;اتفاقية الإطار الاستراتيجيquot; التي وقعت بين العراق والولايات المتحدة أواخر عام 2008 بدعم العراق في جهود إعادة الأموال ومساعدته في الخروج من قرارات البند السابع لميثاق الأمم المتحدة. يذكر أن الإيرادات تخزن حاليا في quot;صندوق تنمية العراقquot; الذي أنشأه قرار مجلس الأمن الدولي المرقم 1483 في عام 2003.

وبقيت الأموال العراقية محمية من قبل الصندوق العراقي للتنمية ووضعت فيه موارد النفط وتذهب 5% منها لتعويضات الكويت و95% للعراق وبقيت الأموال محمية بأمر الحاكم الأميركي السابق للعراق برايمر لمدة ست سنوات في البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وتنتهي الشهر المقبل وهذا يجعل الأموال العراقية في خطر.

واعتبر التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر مطالبة الحكومة العراقية لواشنطن بحماية الأموال العراقية في الخارج تفويضا بـ quot;احتلالquot; جديد وطالب الحكومة بتخليص تلك الأموال وإعادتها إلى الخزينة العراقية ودعاها إلى فتح تحقيق بسرقة لجنة اعمار العراق التابعة للإدارة الأميركية مبلغ 17 مليار دولار. وقال النائب عن التيار علي التميمي إن quot;هذه الأموال والعائدات سواء أكانت احتياطات أموال البنك المركزي العراقي او أموال الحكومة العراقية الناجمة عن التصدير النفطي الان موجودة في الولايات المتحدة بحوالى 90% او اكثرquot;.

وأوضح أن quot;العراق يحتاج الى حماية من الدعاوى في الولايات المتحدة الأميركية لان اغلب الأموال مودعة لديهاquot;. وأكد ان العراق يحتاج الى قرار رئاسي أميركي بتجديد الحماية حتى لا تأتي اي شركة سواء أميركية او غير أميركية لحجز هذه الأموال واقامة دعوى بشأنها وبالتالي ستكون هذه الأموال محمية في الولايات المتحدة الأميركيةquot;. وتخشى قوى عراقية من إمكانية التلاعب في هذه الأموال في حال اعادتها الى العراق حاليا نظرا للفساد المالي المستشري في البلاد والذي قد يؤدي الى نهبها من قبل متلاعبين متنفذين.

وكان الرئيس الأميركى باراك أوباما قرر العام الماضي بناء على طلب رسمي عراقي تمديد الحماية الأميركية لصندوق التنمية في العراق لسنة واحدة رغم إقراره بوجود عقبات تعترض سبيل إعادة الإعمار في العراق.

وقال أوباما بحسب بيان صادر عن البيت الأبيض quot;إنني أقرر استمرار حالة الطوارئ الخاصة بحماية صندوق التنمية في العراق وممتلكات أخرى لمدة سنة واحدة، نظراً للعقبات التي تعترض سبيل إعادة الإعمار بشكل منظم في العراق، واستعادة السلم والأمن في البلاد وصيانته وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية في العراقquot;، مشيرا إلى أن تلك العقبات ما زالت تشكل تهديدا استثنائيا وغير اعتيادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدةquot;.

أموال العراق الخارجية واختفاء 17 مليار دولار من صندوقه للتنمية

ويقدر البنك المركزي العراقي حجم الأموال العراقية في الخارج بأنها كبيرة (حوالى 64 مليار دولار) فهناك عدة مليارات دولار تتوزع في عدد من الدول إضافة إلى أموال صندوق تنمية العراق الذي يحوي عوائد بيع النفط التي تتراوح بين 8 و16 مليار دولار وهناك أيضا مبلغ 52 بليون دولار وهي أموال تابعة للبنك المركزي وضعت في بنوك أميركية كغطاء للعملة العراقية وهي غير خاضعة لقرارات التجميد.

وسبق أن طالب البنك المركزي العراقي بالتوقيع على اتفاقية تسوية المطالبات مع الولايات المتحدة الأميركية التي تقف حكومتها الان في وضع حرج يتعلق بأموال العراق المودعة لديها والتي ستفقد حمايتها اواخر الشهر المقبل وبشكل يعرضها للمصادرة لتسوية مطالبات دائنين حتى الان لا يعرف العراق اعدادهم ولا حجم الأموال الضخمة التي يطالبون بها.

وفي هذا المجال، يوضح الخبير الاول في البنك المركزي العراقي مظهر محمد صالح ان هذه الاتفاقية ( تسوية المطالبات ) جاءت على خلفية قرار اتخذه الكونغرس الأميركي قبل ثلاثة اعوام من الان والذي وجه تحديدا لكامل الدول التي عرضت مواطني الولايات المتحدة للاذى ومن بين هذه الدول كان العراق حيث طالب الكونغرس حجز جميع الأموال العراقية وأرصدته في البنوك لمصلحة قرارات قضائية لمحاكم داخل الولايات المتحدة لدفع تعويضات لما يسمى ضحايا الاذى الأميركي وهذا ما شجع عددا كبيرا من الأميركيين سواء مواطنين او شركات للاسراع بتقديم دعاوى مختلفة بحق العراق والكثير من الدعاوى واهية ولا يمكن اثباتها لكن اخذت طريقها للمحاكم واستحصلوا على قرارات بتعويضات.

وأضاف ان الرئيس الأميركي حينها جورج بوش وفي اللحظات الاخيرة استخدم حق النقض الفيتو ضد قرار الكونغرس واوقفه وطلب تسوية ودية مع العراق بدلا من تنفيذ قرار الكونغرس وعرضوا على العراق هذا الامر حيث طلب الرئيس الأميركي من العراق دفع مبلغ 400 مليون دولار كتعويض للغرماء او ما يسمى الدعاوى التي قدمها اشخاص تعرضوا للاذى وبالمقابل يقوم الرئيس بغلق الملف بشكل كامل ورد اي دعوى تقام ضد العراق في المحاكم مستقبلا.

وأشار مظهر في تصريح لصحيفة (المواطن) البغدادية اليوم إلى أنّه من الناحية المنطقية ليس امام العراق اي حل آخر غير التوقيع على اتفاقية التسوية مع أميركا لان أموال العراق جميعها الان في الولايات المتحدة وتودع في صندوق تنمية العراق مثل البنك الاحتياطي الفيدرالي بموجب قرار مجلس الامن 1483 الصادر في أيار (مايو) عام 2003 وهذه الارصدة والأموال محمية بقرار مجلس الامن وفي الولايات المتحدة هناك امر رئاسي تنفيذي منذ عام 2003 يحمي أموال البنك المركزي العراقي في الولايات المتحدة لان هذه الأموال تدار من قبل البنك المركزي العراقي لمصلحة العراق باعتباره الوكيل المالي للدولة العراقية.

وأضاف انه بعد 20 من الشهر المقبل فان اي أموال عراقية في الولايات المتحدة وفي حال عدم تسديد العراق مبلغ 400 مليون دولار لضحايا الاذى الأميركيين فان هذه الأموال ستخضع لمطالبات الاذى ويتم مصادرتها وهنا تكون الاتفاقية ضرورة ملحة لتسوية المبالغ.

وأوضح ان هناك نوعين من الارصدة الاول متمثل بصندوق تنمية العراق ويحوي عائدات بيع النفط العراقي وهو رصيد متحرك بحسب السحوبات فتارة يحوي 7 مليارات دولار وتارة 5 مليارات وفي مرات يفوق 12 مليارا اي يتحرك شهريا.. والفئة الثانية هو 40% من احتياطيات البنك المركزي العراقي وهي غطاء العملة العراقية التي تقدر باكثر من 50 مليار دولار موزعة على عدة دول.. مشيرًا إلى أنّ وضع ارصدة البنك المركزي مختلف عن ارصدة الحكومة العراقية لان البنك قادر على اخراج أمواله خارج حاضنة التجميد كونه جهة مستقلة وهي ليست أموالا تجارية..

وكانت الحكومة العراقية قد اعلنت في السادس من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي عن تشكيل لجنة خاصة لمتابعة اختفاء 17 مليار دولار من صندوق تنمية العراق وتقديم تقرير دوري شهري إلى لجنة حماية أموال العراق، مشيراً إلى أنها تضم ممثلين عن وزارة المالية وديوان الرقابة المالية والبنك المركزي.

يذكر أن صندوق تنمية العراق (دي أف آي) أنشئ في أيار (مايو) عام 2003 من قبل مدير سلطة الائتلاف الموقتة وتم الاعتراف به بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1483 وبعد حل سلطة الائتلاف الموقتة في حزيران (يونيو) عام 2004 تم تفويض الحكومة الأميركية من قبل حكومة العراق لإدارة أموال صندوق تنمية العراق التي أتيحت لمشاريع إعادة الإعمار وقامت وزارة الدفاع الأميركية بإدارة أموال الصندوق المذكور نيابة عن الحكومة الأميركية وقد تم سحب التفويض اعتباراً من 31 كانون الأول (ديسمبر) عام 2007.