معدلات الفقر ترتفع في سوريا نتيجة الأزمة السياسية

أكد تقرير رسمي ارتفاع معدلات الفقروأعداد الفقراءفي سوريا، والذي تصل نسبته إلى 41 في المئة، في الوقت الذي يؤكد فيه محللون إقتصاديون أن العقوبات الغربية لا تطال سوى المواطن السوري البسيط، وأن هذه المعدلات سترتفع في ظل عدم وجود حل سياسي للأزمة.


دمشق: في الوقت الذي يجاهد فيه النظام السوري ووسائل إعلامه للظهور بمظهر الاقتصاد quot;القويquot; وquot;المتماسكquot;، وأن أحداث الاحتجاج التي استمرت لأكثر من عام ونيف، لم توهن من عزيمته أو تضعف من اقتصاده، رغم انهيار العملة المحلية، وعودتها في الأسبوع الماضي لتسجيل مكاسب ضئيلة في مقابل العملات الأجنبية الأخرى، جاء تقرير رسمي عن ارتفاع معدلات الفقر واعداد الفقراء ليبين حجم التقهقهر الاقتصادي والمعيشي الذي يعاني منه المواطن السوري، والذي تم نشره، وفق بعض المحللين الاقتصاديين السوريين، لتبيان أن العقوبات الاقتصادية التي تفرض على النظام والحكومة السورية، لا تطال إلا المواطن السوري البسيط!.

فقد أكد تقرير اقتصادي صادر عن الاتحاد المهني لنقابات عمال الكهرباء والصناعات المعدنية أن quot;نسبة الفقراء وصلت إلى 41 في المئة من عدد السكان، وأن الخطة الخمسية العاشرة هدفت إلى خلق 625 ألف فرصة عمل جديدة للنصف الأول من عمرها لكنها لم توفر سوى 277 ألف فرصةquot;.

الحكومة السورية بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في سوريا، كانت قد أعدت مؤخرًا تقريراً حمل عنوان (الفقر في سوريا 1996-2004) اظهر ان نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر الاعلى في سوريا تصل الى 30 % (2052 ليرة سورية شهريًا)، في حين تصل نسبة خط الفقر الأدنى الى 11 % (1458 ليرة شهريًا)، فيما لم تتمكن الحكومة في خطتها الخمسية العاشرة (2006- 2010) من تخفيض هذه النسبة، بحسب خبراء.

ودعا التقرير إلى quot;الاهتمام بالشركات الصغيرة والمتوسطة والورشات والحرف والمشاغل التي تشغل الجزء الأكبر من اليد العاملة، وتحفيز ما كان منها في اقتصاد الظل على التحول إلى الاقتصاد الرسمي والقانوني، وحصر نشاطات الشركات الاستثمارية الكبرى والقابضة بالمشاريع الأساسية ذات التكاليف الاستثمارية المرتفعة لا في المطاعم والمنتجعاتquot;.

كما طالب التقرير بضرورة quot;استعادة دور الدولة الرعائي الداعم للفئات الفقيرة ووضع سياسة ثابتة للأجور تقوم على سلم متحرك يتناسب مع غلاء المعيشة والحفاظ على المكاسب التي حققتها الطبقة العاملة، والحد من تفشي البطالة وخاصة بين الشباب من خلال زيادة استثمارات الحكومة في قطاعها العام والتعاون مع القطاع الخاص لتوفير فرص عمل جديدةquot;.

وأكد التقرير على quot;حق المواطن السوري في الحصول على عمل يحقق له دخلاً يمكنه من التمتع بحياته والعيش بكرامة وليس بحد الكفاف كما يسعى إليه الكثيرون اليومquot;، موضحًا أن quot;معدلات النمو المستهدفة يجب وضعها لهذا الهدف والعمل على تحقيقه، وأن تأتي السياسات الاقتصادية والاجتماعية لخدمته وتنفيذه بأقرب وقت ممكنquot;.

واشترط الاتحاد في تقريره أن quot;تأخذ هذه السياسات بالحسبان مجموعة من النقاط أهمها، استخلاص الدروس الأولية السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستفادة من الأزمة التي تشهدها سوريا، وإجراء مراجعة شاملة وشفافة لنتائج السياسات الاقتصادية الانفتاحية التي اتبعت منذ العام 2000 بشكل عام وتلك التي نفذت ابتداء من عام 2005 بشكل خاص، والرجوع إلى المبادئ الأساسية في مفهوم التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تقوم على شمولية التنمية وعدالة التوزيعquot;.

كما اشترط quot;إعادة النظر بسياسات الانفتاح والتحرير وهذا لا يعني العودة إلى غلق الأبواب بل الانفتاح على الاقتصاد الإقليمي والدولي بقدر ما يحقق الفائدة لصناعتنا الوطنية وإنتاجنا الزراعي، إضافة إلى الحفاظ على ملكية الدولة وإدارتها للمرافق الحيوية والإستراتيجية كالمرافئ والمطارات وقطاعات الكهرباء والمياه وتحديث طاقمها الفني والإداري وإعادة النظر ببعض التشريعات التي تفوح منها رائحة خصخصة هذه المرافقquot;.

وتشهد الأسواق السورية موجة من ارتفاع الأسعار وصلت إلىأضعاف عدةفي المواد الغذائية، إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى نحو 30%، بحسب اقتصاديين، ما زاد من الأعباء المعيشية على المواطن السوري.

وكان وزير الشؤون الاجتماعية والعمل رضوان الحبيب قال في تصريحات سابقة، إن نسبة البطالة ارتفعت إلى 14.8% في 2012 صعوداً من 8.2 سجلت خلال العام السابق، وأن الارتفاع الأكبر في نسبة العاطلين عن العمل سجل لدى القطاع الخاص، في مقابل زيادة نسبة العمالة في القطاع العام تبعاً لبرامج التشغيل التي أطلقتها الحكومة خلال العام الماضي، وبينت إحصائية لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أن عدد الوافدين إلى سوق العمل لهذا العام وصل إلى 300 ألف.

التقرير وجد فيه خبراء اقتصاديون، استطلعت quot;إيلافquot; رأيهم، محاولة للضغط على المجتمع الدولي لوقف العقوبات المتزايدة ضد النظام، ولتبيان أنها تؤثر بشكل مباشر على المواطن السوري، خلاف ما تدعيه الدول والهيئات المعاقبة للنظام، وفي الوقت نفسه، تبرير تقصير وإهمال الحكومة تجاه مواطنيها بوجود هذه العقوبات التي من المفترض أن تكون ذكية وموجهة ودقيقة، لكنها لم تصب إلا الشعب السوري واقتصاده المترهل، والذي يعاني من الفساد والتضخم والمحسوبية أصلاً.