متظاهرون يرفعون الفوانيس الزيتية احتجاجًا على انقطاع الكهرباء

قرر العراق اليوم خصخصة قطاع الكهرباء المثير للجدل وفتحه أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية وتأسيس هيئة استثمار وطنية في مجال الكهرباء تتولى مسؤولية تنظيم هذا القطاع الذي تثير خدماته استياء المواطنين الذين بدأوا بالخروج في تظاهرات احتجاج في بعض المدن ضد فقدان الكهرباء في صيف تتجاوز درجات الحرارة فيه 50 درجة وينقطع فيه التيار لمدة عشرين ساعة.


صوت مجلس النواب العراقي في جلسته اليوم على قرار أعدته لجنة النفط والطاقة النيابية يقضي بفتح باب الاستثمار في مجال الكهرباء لتحسين قدراته وتوفيره للطاقة الكهربائية المطلوبة التي فشلت السلطات في توفيرها خلال السنوات التسع الماضية على التغيير في العراق، والتي تم انفاق حوالي 20 مليار دولار خلالها من دون طائل بسبب الفساد وسوء الادارة. فلم تحقق الزيادة في توفير الطاقة الكهربائية منذ عام 2003 سوى الف ميغاواط على الناتج المحلي البالغ ستة آلاف ميغاواط، فيما يصل الاحتياج الوطني حاليًا الى أكثر من 15 الف ميغاواط.

ويقضي القرار بفتح باب الاستثمار في قطاع الكهرباء والزام الحكومة بتشكيل هيئة استثمار وطنية في مجال الكهرباء لتناط بها مسؤولية تنظيم هذا القطاع المهم وفتح الباب امام المستثمرين المحليين أو الأجانب. وقد اعتبر مقرر مجلس النواب محمد الخالدي تشكيل هيئة خاصة لاستثمار الكهرباء ضربة قاصمة لمافيات الفساد ونهاية لمعاناة المواطنين من مشاكل المولدات الاهلية.

وقال في تصريح صحافي وزعه على الصحافة إنquot;مجلس النواب نجح في التصويت على تشكيل هيئة لاستثمار الطاقة الكهربائية لحل أزمة نقص الطاقة وأن تشكيلها سيوجه ضربة قاصمة لظهر مافيات الفساد المسؤولة عن استمرار أزمة الطاقة الكهربائية وتعتاش عليها منذ سنوات طويلة حرم منها العراقيونquot;.

واشار الخالدي الى أن quot;هذه الهيئة ستفتح الباب امام المستثمرين الاجانب من اجل الدخول في استثمار الكهرباء وانتاجها وسد العجز في الطلب على الكهرباء وأن المشاريع الاستثمارية في الكهرباء ستكون مشاريع بديلة جيدة للمولدات التي تزود المواطنين بالكهرباء وتؤدي الى خسارة العراق لمليارات الدولارات نتيجة الوقود المستورد والمنتج بالاضافة الى ما تخلفه هذه المولدات من تلوث بيئي واضرار ومشاكلquot;.

يذكر أن العراق يعاني نقصاً في الطاقة الكهربائية منذ بداية عام 1990، وازدادت ساعات تقنين التيار الكهربائي بعد عام 2003 في بغداد والمحافظات، بسبب قدم الكثير من المحطات بالإضافة إلى عمليات التخريب التي تعرضت لها المنشآت خلال السنوات الماضية، حيث ازدادت ساعات انقطاع الكهرباء عن المواطنين إلى نحو عشرين ساعة في اليوم الواحد، ما زاد من اعتماد السكان على مولدات الطاقة.

وخلال الصيف الماضي، اقال رئيس الوزراء نوري المالكي وزير الكهرباء السابق رعد شلال على خلفية توقيعه عقودًا قيل إنها وهمية وصلت قيمتها إلى مليار و700 مليون دولار. وقالت مصادر حكومية إن قرار الاقالة صدر بعد التأكد من أنه قد وقع عقودًا تجارية وهمية باسم الوزارة بقيمة تصل إلى مليار و700 مليون دولار، موضحة أن المالكي قد أمر بفتح تحقيق في الامر.

وقد اتهم النائب المستقل حاليًا رئيس لجنة النزاهة سابقًا صباح الساعدي في حينها نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني بالتورط في العقود الوهمية التي أبرمتها وزارة الكهرباء، وقال إن وزير الكهرباء رعد شلال هو كبش فداء لمفسدين كبار كان لهم اطلاع على عقود هذه الشركات باعتبارها وهمية.

وأكد الساعدي أن المالكي مطلع على تلك العقود قبل توقيعها، كما هاجم السياسيين، وقال إنهم يحمون الفاسدين، وخاصة في الأحزاب المشاركة في السلطة. واشار الى أن وزارة الكهرباء معروفة بأنها أكثر الوزارات فسادًا، موضحًا أن المتورط في العقود الوهمية وقيمتها 1.7 مليار دولار ليس فقط وزير الكهرباء رعد شلال وإنما الشهرستاني ايضًا الذي نفى بشدة هذه الاتهامات.

واشار الى أن اللجنة الوزارية لشؤون الطاقة برئاسة الشهرستاني وافقت على عقد توريد محطات الديزل من شركة ألمانية بمبلغ مليار و250 مليون دولار، وعلى العقد الآخر بمليار و175 مليوناً ليكون المجموع مليارين و475 مليون دولار.وأضاف الساعدي أن المبلغ الذي أُنفق على الكهرباء بلغ 27 مليار دولار، وبعدما طلب المالكي في برنامجه الحكومي للسنوات الأربع المقبلة 30 مليار دولار، مما يوصل المبلغ الإجمالي الى 57 مليار دولار، لكنه لم يتم إصلاح المنظومة الكهربائية حتى الآن.

وإزاء هذه التطورات، فقد هدد وزير الكهرباء رعد شلال بالكشف عن الكثير من quot;العقود المريبةquot; التي أبرمتها وزارة الكهرباء خلال السنوات السابقة، في إشارة إلى عقود تتعلق باستيراد توربينات ضخمة من شركتي quot;جنرال اليكتريكquot; الاميركية وquot;سيمنسquot; الألمانية، ولم يتم نصبها حتى الآن.

وكان وزير الكهرباء العراقي الاسبق كريم وحيد قد استقال من منصبه عام 2010 على خلفية تظاهرات الاحتجاج التي عمّت العراق ضد فقدان الكهرباء، والتي ادت الى اشتباكات في بعض المحافظات مع رجال الامن وخلّفت قتيلين و20 مصابًا.

ويعاني العراقيون منذ الحرب الأميركية في بلادهم، والتي اسقطت النظام السابق، انقطاعًا في التيار الكهربائي وعدم القدرة على استخدام اجهزة التكييف والمراوح لفترات طويلة. لكن في هذا العام تضافر ارتفاع الحرارة مع نقص المياه لتصبح الحياة غير محتملة تقريبًا للكثيرين في شهر رمضان الحالي. ويتعرض العراقيون لانقطاع الكهرباء ما يتراوح بين ست و20 ساعة يوميًا، ومما زاد الامور سوءًا أن بعض المحافظات العراقية تعرضت لموجة من الحر الشديد على مدار الاسبوع الماضي، حيث وصلت درجات الحرارة الى 56 مئوية.

ويزيد الحر القائظ من الضغط على شبكة الكهرباء المتهالكة في العراق، ونظرًا إلى تراجع امدادات الكهرباء من الشبكة الوطنية يضطر العراقيون للاعتماد بدرحة اكبر على مولدات خاصة لتشغيل اجهزة تكييف الهواء والثلاجات. وفي إجراء استهدف تخفيف حدة الغضب الشعبي المتزايد بسبب استمرار انقطاع الكهرباء، قررت الحكومة العراقية أخيرًا توفير الوقود بالمجان لمولدات الكهرباء في أحياء المدن في أنحاء البلاد، على أن تتولى هذه الأحياء تزويد السكان بالكهرباء فترة لا تقل عن 12 ساعة يوميًا بأسعار معقولة.

وكان مستشار وزير الاقتصاد الاميركي جون دسروشر قال العام الماضي إن أزمة الكهرباء في العراق لن تحل قبل عام 2015، وأن قطاع الكهرباء العراقي سيواكب نظراءه في الدول المتقدمة بحلول عام 2030 وفق خطة استراتيجية موضوعة لتأهيله.