انتعشت تجارة تركيا بالذهب، خصوصًا مع إيران والامارات، لكن أميركا تنبهت إلى ذلك فأدرجت هذه التجارة ضمن عقوباتها على طهران، ما أضر بالصادرات التركية الذهبية، المتأثرة أصلًا بتراجع سعر الذهب عالميًا.


لندن: جلس محمد علي يلدريم تورك في محله الصغير وسط سوق اسطنبول الكبير يشرح لماذا تبقى تركيا شغوفة بالذهب رغم هبوط اسعار المعدن الأصفر هذا العام. وقال يلدريم تورك: quot;في تركيا، عندما يرى مولود جديد النور نعطيه ذهبًا، وعند ختانه نعطيه ذهبًا، وعند زواجه نعطيه ذهبًاquot;.

وبحسب يلدريم تورك، الذهب بالنسبة إلى الاتراك طريقة لتوفير دعم اقتصادي للآخرين، فهو أفضل من إعطائهم النقود. ولدى تجار الذهب الاتراك سبب وجيه للتذمر، فاسعار الذهب سجلت هبوطًا لم يُعرف نظيره منذ 30 عامًا. وهم يطالبون الحكومة بعدم استخدام مدخرات تركيا الضخمة من الذهب لدفع عجلة النمو الاقتصادي.

منافسة غير نزيهة

يقول المصرف المركزي التركي إن بحوزة السكان ما لا تقل قيمته عن 115 مليار دولار، وربما أكثر بكثير، من الذهب المحفوظ في بيوتهم. وبسبب حاجة تركيا الشديدة للاستثمار وضآلة رؤوس الأموال القادمة من الخارج وهبوط اسعار الفائدة على التوفير، فإن الدولة تحاول تحريك مخزون البلاد من الذهب وإخراجه من تحت الوسائد والأفرشة إلى مكان أنسب في الاقتصاد، إلى المصارف مثلًا، حيث يمكن استخدامه كاحتياط أو ضمانة.

واثارت البنوك غضب تجار الذهب حين دخلت على الخط بائعًا ومشتريًا، وراحت تتاجر بسبائك الذهب وبالعملات الذهبية التي تشكل عنصرًا مركزيًا في التراث التركي.

ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن علاء الدين كامير اوغلو، رئيس غرفة مجوهرات اسطنبول، قوله إن المصارف quot;تحاول أن تخطف اللقمة من افواهنا، فعليها أن تهتم بالنشاط المصرفي وأن تترك الذهب لناquot;. وكانت الغرفة رفعت دعوى قانونية على المصرف المركزي ودائرة البريد التي بدأت هي ايضًا تتاجر بالذهب بتهمة المنافسة غير النزيهة.

من مستورد إلى مصدر

سلطت التطورات بين طهران وواشنطن ضغوطًا اضافية على تجارة الذهب التركية. ففي العام الماضي، عندما امتدت العقوبات الاميركية ضد ايران إلى قطاعها المصرفي، عمدت طهران إلى زيادة مشترياتها من الذهب في تركيا، وشحن المعدن الأصفر عن طريق الامارات في أحيان كثيرة كطريقة بديلة لإدخال رؤوس الأموال إلى البلد.

وكان تأثير هذه المشتريات بالغًا على الاقتصاد التركي، إذ بلغ حجم تجارة الذهب 10 مليارات دولار، وتحولت أنقرة نتيجة هذه التجارة من مستوردة للذهب في العام 2011 إلى مصدرة في العام 2012. وفي بعض الأشهر بلغت صادرات تركيا من الذهب إلى الامارات وحدها نحو ملياري دولار، بحسب فايننشيال تايمز.

لكن هذه التجارة لفتت انتباه واشنطن، فاستهدفتها بالعقوبات. وفي شباط (فبراير) الماضي، بلغ اجمالي صادرات تركيا من الذهب 550 مليون دولار، وهو رقم يقل بكثير عن متوسطها الشهري، الذي كان 1.5 مليار دولار في العام الماضي، رغم أن الامارات وايران ظلتا الوجهتين الوحيدتين تقريبًا لهذه المبيعات.

وسجلت اسعار الذهب هبوطًا لم يُعرف له مثيل منذ الثمانينات. واثار هذا الهبوط المخاوف من وصول الانتعاش الذي شهدته اسعار المعدن الأصفر خلال العقد الماضي إلى نهايته. ومن المرجح أن يسهم هبوط الطلب على الذهب في ارتفاع العجز في حساب تركيا الجاري هذا العام بعد انخفاضه في العام 2012، وزيادة المصاعب التي تواجه تجارة الذهب التركية.

ويشير تجار البازار التركي إلى مصاعب التعامل مع ايران، قائلين إنه يتطلب تغييرات كثيرة في الإسم لتجنب القائمة الاميركية السوداء. لكنّ احدًا لا يعترف بالبيع إلى الايرانيين، الذين يشترون سبائك الذهب بدلًا من العملات المختومة التي يفضلها الاتراك.