لا يمر يوم إلا تبدأ فيه نشرات الاذاعات المرئية في العالم اولى اخبارها بنقل صور الدمار والارهاب الدموي الذي تخلفه الجماعات الارهابية الإسلاموية بقيادة القاعدة متمثلة في تفجير او ذبح او قتل الابرياء، حتى غدى الارهاب مرتبط بالمسلمين.

وكتبت قبل عدة اعوام لصحيفة quot;الحياة quot; بمناسبة الذكرى 150 لميلاد المهندس المعماري الإسباني انتونيو غاودي مقالا انهيته في ان غاودي كان تلميذا نجيبا للحضارة العربية الإسلامية التي بنيت صرحا شامخا على ارض شبه الجزيرة الإيبرية. وكانت بعد ذلك احداث الحادي عشر من سبتمبر التي سمتها عصابات القاعدة الاجرامية ب quot;غزوة منهاتنquot; والتي راح ضحيتها اكثر من ثلاثة الاف انسان، اكثر من 500 منهم من المسلمين. ومن ثم كشف النقاب عن مجازر طالبان بعد تحرير افغانستان منها. وجاءت عملية تحرير العراق من اعتى الانظمة التعسفية في تاريخه الحديث التي اثارت حقد عصابات الكره لكل ما هو جميل في هذا العالم، وفي طليعتها عصابات القاعدة التي التقت مع مخلفات النظام المقبور في حلف شيطاني من اجل تحويل الحلم العراقي في العيش الكريم بعيدا عن التسلط الفاشي، في وطن لجميع العراقيين، بغض النظر عن القومية والدين والمذهب والمنطقة، إلى كابوس مرعب ادواته اجساد رخيصة تحمل عقول مغسولة بماء الحقد الاعمى،الطائفي منه والعداء للآخر. استخدام السيارات المفخخة والاعمال الاجرامية في الاختطاف والذبح والترويع الموجه ضد الابرياء وكذلك ضد قوات التحالف التي ساعدت العراقيين على التحرر من النظام البعثفاشي. انتشرت في العالم صور حز الرقاب وقتل الابرياء في المساجد وفي الكنائس ٬في الاسواق وفي المدارس وعلى الارض العراقية امتزجت دماء الايطالين والاسبان٬ اليابانيين والبريطانيين ٬ البولنديين والاوكراينين والروس، الامريكان والعراقيين، في سفونية كونية مشيرة إلى ان الارهاب واحد وادواته نفسها وضحاياه كل العالم المتحضر وكل من ينشد بناء غد مشرق للبشرية. لقد تغيرت نظرة العالم للاسلام والمسلمين نتيجة ما يجري الآن وغدى المسلم او حتى الشخص ذو الملامح الشرقية في مطار ما او محطة في دولة اخرى موضع شك في انه يحمل حزاما ناسفا او حقيبة مملوءة بالمتفجرات. وحول التطرف الإسلامي مطارات العالم إلى ورش مراقبة وتفتيش تكلف المسافر العادي، من اي جنسه كان، ما دام ينتقل من مكان إلى آخر، الكثير من المال بالاضافة إلى المنغصات الاخرى.ولو لم يكن الارهاب ومن يقف خلفه وحول ما يصرف هذه الايام على الاجراءات الامنية في مطارات العالم على مساعدة الفقراء والمعوزيين، واغلبهم في العالم الاسلامي لقدم صورة اخرى عن الإسلام والمسلمين. وقبل مدة ودماء الابرياء تسيل في المدن العراقية على يد الجماعات الارهابية من عصابات القاعدة التي تحمل راية الاسلام بايد تقويها عصابات البعثفاشي، اتاحت لي الفرصة ان اكون في برشلونة، المدينة التي ارتبطت باسم انتونيو غاودي. وتذكرت ما كتبته عنه ان تلميذ الحضارة الاسلامية النجيب، واحد من اعظم فناني وعماري العالم في القرن التاسع عشر والعشرين الذي استلهم في اعماله الفذة منجزات العمارة العربية الإسلامية. وبدأت مع المئات من السياح الحج إلى إلى عمائر غاودي المختلفة في المدينة.وكنت مع مجموعة نزور احدها والكل فاتح فاه اعجابا بعبقرية هذا المعمار الكبير ومقدرته الفذة وهو يصوغ الحجر والخشب والحديد في تحف فنية رائعه وفي تزاوج جميل يبهر المشاهد، ومرشدنا السياحي يشرح بفخر التفاصيل الجمالية للمبنى. سألته، علني افاخر بفضل العرب والمسلمين ٬ انطلاقا إلى ما ذهبت إليه باحثا في مقالتي في صحيفة quot;الحياةquot; عن تاثير الحضارة العربية الإسلامية على ابداع غاودي ؟ اجاب المرشد :quot; لقد غطى ذلك الابداع بدماء الاسبان التي سالت في محطة قطار مدريد او في العراق. مسحتها سكاكين الارهابين المسلمين التي تقطر دما عندما حزت رقاب الابرياء او قتلت الاطفال في المدارس او فجرت المرضى في المستشفيات والمصلين في الكنائس والجوامع ودور العبادة المختلفة وروعت الابرياء في الاسواق العامة quot;. ثم دار وجهه نحو تفصيلة عمارية لغاودي ليشرح جمالها الفني. وقفت مشدوها سائلا نفسي :quot;هل سيكون هناك اثر لحضارة إسلامية تخلف وارائها ابداعا ما بعد ما مسحته سكاكين الجلادين من الارهابيين ؟ إليس الرئيس الباكستاني برويز مشرف على حق عندما قال: quot; لقد دهورنا الإسلام إلى الحد الذي جعل شعوب العالم تعتبره مرابطاً للأمية والتخلف والتعصبquot;. وهل بقي للاسلام وجه بعد ان خلف قطاع طرق وعصابات سلب وذبح وترويع واجساد رخيصة تغتال الاطفال ؟ لقد استطاع هؤلاء الخارجون على القانون الانساني والديني ان يسيئوا ليس فقط لدين عظيم وانما لما صاغه معتنقوه من ابداع حضاري في مجالات مختلفة ومنها العمارة.