الفشل الأمني للحكومة العراقية الحالية ولخططها الطموحة قد لامس حدود الخرافة؟ وأضحى أي حديث عن تقدم ملموس في الجهد الأمني ونجاح كبير في الحد من العمليات الإرهابية هو بمثابة حرث في الهواء!! خصوصا وأن الصورة الإرهابية القائمة في العراق قد أضيف لمشاهدها المرعبة مناظر الجثث البشرية الملقاة يوميا وبالعشرات على قارعة الطرق وبعضها متفسخ وتنهشه الكلاب السائبة؟ وهي حالة غير مسبوقة ولا مسجلة في تاريخ العراق الحديث ولا يعادلها سوى مشاهد الدمار في الشارع العراقي بعد الإجهاز على إنتفاضة الربيع العراقي الشعبية في آذار/ مارس 1991 بعد الهزيمة في الكويت وقد تعادلها أيضا مشاهد الرعب والدمار التي روعت الشعب العراقي خلال مرحلة الإرهاب منذ منتصف عام 1959 وأوائل الستينيات أبان حكم اللواء عبد الكريم قاسم ، أما الإرهاب السائد اليوم في الحرب الأهلية غير المعلنة والتي حذر منها السيد كوفي عنان مؤخرا فهو حالة تدميرية هائلة ومروعة تسببت بها السياسات القاصرة للأحزاب القائمة والظروف التي طرأت منذ تحرير العراق ثم تهشيم قواعد الدولة ومؤسساتها وجعل عصابات الجريمة والإرهاب هي البديل الموضوعي للدولة المفقودة والتي لم تسترد عافيتها حتى اليوم رغم كل الجراحات التجميلية التي لامست القشور ولم تلامس الجذور، فالإستقطاب الطائفي الحاد المستند لولاءات طائفية ودينية وعشائرية وتراجع الولاء الوطني قد رسم على رمال العراق مشهدا مأساويا زادته غلظة وسخونة السياسات القصيرة النظر للزعامات الحزبية العراقية التي لم تستطع الإرتقاء لمستوى المرحلة وتحدياتها، فهم يتحدثون عن ضرورة القضاء على الميليشيات منذ شهور ويترددون في التفيذ أو تشريع القوانين، فيما تزداد الأخيرة توحشا وتمارس سياسة القتل الشامل على الهوية وتحاول فرض سطوتها وهيمنتها على الشارع العراقي في ظل إختلاط فظيع في المشهد وصل لحد الغباء الشامل؟ فتصوروا أن يتحالف البعثي المعروف والمدافع الأكبر عن النظام البائد سابقا المدعو (ظافر العاني) لحليف للتيار الصدري المتكهرب والفوضوي!! والذي يمتلك واحدة من أبشع وأخطر الميليشيات المجرمة؟ من يستطيع تفسير هذه المعادلة الشاذة في السياسة العراقية المتسمة بالشذوذ الأخرق؟ ومن يستطيع الإجابة على تساؤلنا السابق حول مصير ونتائج التحقيق في إعدام عصابات (جيش المهدي) لثلة من أفراد الجيش العراقي في الديوانية في المعارك الأخيرة؟ هل وصل التحقيق لنتيجة ما؟ بل هل أن هنالك تحقيق أصلا؟ لقد راهنا على عدم قدرة حكومة المالكي على الوصول لنتيجة نتيجة لتدخل العمائم المقدسة التي أضحت فوق القانون ! هذا إن كان هنالك قانون أصلا؟ وحتى متى يتم التهرب من مواجهة الواقع ومن لجم المعتدين، ونزع القدسية عن القتلة والمجرمين؟ القتلة معروفون؟ والجناة مكشوفة أسماؤهم ودوافعهم؟ والمجهول الوحيد هو فيضان الجثث المزروعة في أرصفة الموت البغدادية والعراقية؟ حتى تحولت الشرطة العراقية لمجرد بلدية تقوم بجمع أطنان الجثث ولا تعرف شيئا عما يجري ويدور؟ أما الخطط الأمنية فهي كارثة حقيقية ومفجعة خصوصا بعد دخول أسلوب (حفر الخنادق) كوسيلة دفاعية مستمدة من تقنيات ونظريات العصور الوسطى بل من عصر الصحابي الجليل (سلمان الفارسي رض)!! ومن عصور التقاتل بين البيزنطيين والأكاسرة؟؟؟؟ فهل هذا هو التقدم العسكري؟ وهل تنفع الخنادق فيما فشلت في تحقيقه تكنولوجيا الأقمار الصناعية والإستشعار عن بعد؟ أم أن عصر اللطم العراقي الشامل قد أعاد الدولة والمجتمع لبدايات العصر الأموي؟ إنها سلسلة من الألغاز العراقية المفجعة تؤكد أن الفشل والخيبة قد أضحت من سمات الحالة العراقية... وحتى معركة الخندق الجديدة تصبحون على خير؟
- آخر تحديث :
التعليقات