لعل أولى النتائج السياسية المباشرة لتولي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر منصب رئاسة الوزارة فضلا عن إدارته للسياسة الخارجية هي الصورة الكاريكاتيرية الراهنة السائدة في حلبة السياسة القطرية ، فالموقف القطري الرسمي من حرب الإرهاب التي تضرب لبنان و المتسم بالغرابة المطلقة و التغريد المنفرد خارج السرب الخليجي في موضوع التصويت السلبي في الأمم المتحدة ضد مشروع قرار المحكمة الدولية ، يكاد يكون موقفا سورياليا قد يعتقد البعض معه أن القطريين قد قرروا إنتهاج سياسة ثورية شبيهة بتلك التي إنتهجها الرفيق فيدل كاسترو؟ و يبدو أنهم في الطريق لذلك خصوصا و أن قاعدة غوانتانامو الأميركية في العمق الكوبي تتشابه من قريب أو بعيد مع قاعدتي العديد و السيلية؟ و إذا كانت هافانا ذات يوم قد أضحت الملجأ التدريبي و الإستجمامي للعديد من قادة الثورة العالمية!! فإن الدوحة لها قصب السبق أيضا في إحتضانها للثوار العرب و المسلمين بدءا من جماعات هيئة العلماء المسلمين و البعثيين العراقيين ، و ليس إنتهاءا بأهل حماس و ثوار الشيشان و مناضلو (الماو ماو)؟ أو غيرهم من قادة العويل و الصراخ الفكري الذين تحتضنهم (قاعدة النضال ضد الإمبريالية) قناة الجزيرة المناضلة (قدس الله سرها الباتع)؟ و طبعا فاتنا أن نذكر أيضا العلاقات القطرية الوثيقة مع أهل القاعدة و من لف لفهم و تمنطق بمنطقهم؟؟ الموقف القطري مما يحصل في لبنان فضلا عن إنتقائيته و خطورته فهو يشكل حالة إقليمية جديدة و غير مسبوقة؟ و يدخل ضمن إطار الفانتازيا السياسية ، و يبدو أن أقوال السيد وليد جنبلاط و إنتقاداته للسياسة القطرية ليست سوى فاصلة على السطح في دور سياسي و إقليمي خطير باتت تلعبه الدوحة في لعبة القط و الفأر بين أهل السلم و أهل الإرهاب؟ فهي في الوقت الذي ترفع فيه الشعارات الحماسية و تعيد تسليط الأضواء على ديناصورات الثوريين العرب نراها و قد إنفتحت كل الإنفتاح على (الأشقاء في إسرائيل)!! إلى الدرجة التي قام فيها مواطنون قطريون بشراء هدايا و مصوغات ذهبية من مستوطنة (نهاريا) الإسرائيلية في الجليل؟؟ وفي الوقت الذي يطير ساسة قطر نحو الضاحية الجنوبية في بيروت لمواساة الضحايا المدنيين نرى السيد شيمون بيريز (سفاح قانا) يتجول في أسواق (الهندي) و
، (الأفغاني) في العاصمة القطرية (الدوحة
إنها إذن الأحاجي و الألغاز التي تلجأ إليها السياسة القطرية كلما أشتدت سخونة الموقف في الشرق الأوسط الذي يعيش على إيقاعات تغييرية هائلة و متسارعة ، وهو موقف يذكرنا بسياسة قطر في حرب إسقاط النظام العراقي السابق ، فقد كانت الدوحة وقتها حريصة على التواصل مع نظام صدام رغم أن الصواريخ و الأساطيل و الطائرات الأميركية كانت تنطلق من الدوحة ما غير ، حدثني أحد العراقيين من الذين ساهموا في القتال مع الأمريكيين من أنه دخل قاعدة العديد القطرية الأميركية مع مجندة أميركية دون أن يجرؤ العسكري القطري على سؤاله أي سؤال؟ و من أنه خرج من تلك القاعدة نحو بغداد بحرية كاملة؟؟ بينما كانت قناة الجزيرة وقتها تلطم الخدود و تشق الجيوب على إسقاط تمثال وصنم الرئيس السابق و تحشد الجماهير العربية ليوم الثأر؟ و تبرز صيحات التكفيريين و المتطرفين!!! إنها ملابس الصيف و الشتاء على سطح جلد واحد ، و اليوم ومع وقوف الدبلوماسية القطرية مع النظام السوري يبدو أن دولة قطر قد حسمت خيارها الستراتيجي وقررت إحياء جبهة الصمود و التصدي بل و تزعمها... و بالروح... بالدم.. نفديك يا... فلان؟
وعاشت بوركينا فاسو حرة.. عربية؟
وليخسأ الخاسئون؟؟.

[email protected]