بل هما قنبلتان إيرانيتان.. الأولى هي القنبلة المرتبطة بفتوى البرادعي، أي القنبلة النووية. أما القنبلة الكبرى الأخرى، وهي، أكبر وقوتها أضعاف قنبلة هيروشيما على حد وصف المرشد الإيراني السيد خامنئي، فهي قنبلة سياسية وفكرية ومذهبية أطلقها النظام وهو ما يؤهلاها quot;لقيادة العالمquot; كما قال قبل أيام.
فلنتحدث أولا عن الأولى بمناسبة تصريح عبقري أطلقها مدير وكالة الطاقة النووية الدكتور البرادعي. فبينما تصدر الأمم المتحدة قرارات تطالب النظام الإيراني بوقف تخصيب اليورانيوم وفوضت على إيران بعض العقوبات، فإن عبقري العصر يطالب بالسماح لإيران بتخصيب quot;جزئيquot;، دون أن يجهل أن هذه الحرية quot;الجزئية ستبيح لذلك النظام المضي قدما في عملية التخصيب حتى إنتاج القنبلة لتبز وتهدد بها المنطقة والأمن الدولي. فالنظام الإيراني لا يتقيد بقواعد التعامل الدولي، ولا يمكن توقع ما يفعله غدا. إن إطلاق حريته الجزئية لا يمكن مراقبتها. ليس هذا الموقف البرادعي الخطير إلا تتويجا لسلسلة مواقفه المائعة والتوفيقية في القضية. كان الدكتور،كلما تحدت إيران الأمم المتحدة علنا، وكلما أصدر أحمدي نجاد تصريحات علنية عن التخصيب والتصميم الإيراني على استمراره، كان الدكتور البرادعي يلطف الأجواء ويهرع للمسؤولين الإيرانيين لإجراء مباحثات جديدة يمارس فيها نظام السيد خامنئي مناوراته ومراوغاته التي عرف بها.
إن موقف البرادعي يناقض على طول الخط أهداف الوكالة، وقرارات الأمم المتحدة، ولو كان سيادته يؤمن بأنها غير عادلة، فقد كان عليه الاستقالة ليستطيع التبشير بأية فتاوى سياسية يشاء!
أما القنبلة الثانية وهي الأكبر، فما يقصده السيد علي خامنئي، هو مركب مجموعة قنابل سياسية ينشرها النظام الإسلامي في العراق، ولبنان، وفلسطين، ومناطق أخرى. إن هذه المجموعة من القنابل، التي تركّب قنبلة كبرى واحدة، تمكّن إيران، كما صرح، من quot;قيادة العالم ضد الولايات المتحدةquot;!! تصريحات تذكرنا بممارسات وعنتريات نظام صدام والتي برهنت عندما حدث الصدام على كونها مجرد تبجح مغرور وتهديدات فارغة. لكن إلى ماذا قادت تلك السياسة؟ إلى فشل بعد فشل عند المواجهة، وإلى خراب العراق، وزعزعة أمن المنطقة والتضامن العربية؛ قادت إلى حربين دمرتا البلاد، وأجاعت شعبنا، وإلى أن ترحب أكثرية الشعب بتحرير العراق بالقوة الخارجية، وما عناه ذلك من دخول القوات الأجنبية لأراضينا. ليس في العالم شعب يريد الاحتلال الأجنبي، ولكن أكثرية العراقيين لم تجد بدا من الاقتناع بأن القوى الوطنية والشعبية العراقية كانت عاجزة وضعيفة مما يجعلها عاجزة عن إسقاط النظام لوحدها، بعد فشل محاولات كثيرة.
إن مصلحة الشعب الإيراني تقتضي الانصراف للتنمية والبناء ورفع المستوى المعيشي للمواطنين؛ وتتطلب سياسة عقلانية مسالمة مع الجيران وشعوب المنطقة، والكف عن التدخل في شؤونها الداخلية، كما تفعل حاليا في العراق ولبنان وفلسطين. ترى هل سيتعظ النظام الإسلامي بتجربة صدام؟؟ نشك مع الأسف..
التعليقات