السلطة اللبنانيّة التي يقودها الثلاثي: quot;فؤاد السنيورة، مروان حمادة وسمير جعجعquot; تسلِّم لبنان مِنْ أزمة إلى أزمة سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً وأمنيّاً ومِنْ كلّ سبيل حتى قال معلِّق سياسي لبناني يميني محافظ هو سجعان قزّي في حوار على فضائيّة quot;أل. بي. سيquot; أجراه معه الإعلامي وليد عبّود الذي تناغشه وتغشغشه وتدغدغه السفارة الأميركيّة في بيروت باعتباره مثل حفنة مِنْ أضرابه نموذج في التشنيع على quot;المعارضة اللبنانيّةquot; كافّة وفي مقدّمها التيّار الوطني الحرّ إلى القول أنّ الدولة اللبنانيّة غير موجودة، وإسم على لا مسمّى، من مدخل أن الحكومة غير دستوريّة، ومجلس النوّاب مغلق، والبلد ككلّ في حال موت سريري.
فيما الذي لم يقله قزّي هو أنّ سلطة الثلاثي أعلاه، ورغم كلّ شيء، ترفض دعوات الوحدة الوطنيّة وتشكيل حكومة يقبل بها أغلب اللبنانيين، مثلما تعطِّل المجلس الدستوري فلا يبتّ بطعون الجنرال ميشال عون المتعلّقة بثلاثة عشر مقعد نيابي، ومثلما تصرّ على رفض إجراء انتخابات نيابيّة مبكِّرة بسبب مِن اختلاط الأوراق السياسيّة وتحديداً بعد انفراط عقد التحالف الرباعي السيء الذكر والذي ركب مركب قانون غازي كنعان الإنتخابي، وتبيّن أنّه حقّاً قانون الولايات المتّحدة الأميركيّة الإنتخابي، بإصرار الرئيس بوش ذاته عليه كأساس في الإنتخابات البرلمانيّة اللبنانيّة الفائتة بذريعة إجرائها في موعِدها المحدّد، كإصراره الآن على إجراء انتخاب رئيس الجمهوريّة في الموعد المحدّد. والكلام حقّ، والمراد باطل ما دام هذا الإصرار يشي بالكثير وفي الصدارة تمكين البيت الأبيض مِن الإتيان بالرئيس الذي يرتأيه.
ومنصب رئاسة الجمهوريّة اللبنانيّة كما هو معروف حكر على الموارنة كما منصب رئيس الوزراء حكر على السنّة كما منصب رئيس مجلس النوّاب حكر على الشيعة. وكما هو معروف فإنّ الجنرال ميشال عون رئيس التيّار الوطني الحرّ هو ماروني، والمرشّح العلني الوحيد تقريباً إلى الآن لهذا المنصب، وأكثر هو يمثّل ما يزيد على 70 بالمائة من مسيحيي لبنان وموارنته وفق نتائج انتخابات مجلس النواب الفائتة، وهذه النسبة إن لم نقل أنّها ازدادت تظلّ هي المعترف بها إلى حين إجراء انتخابات نيابيّة مبكِّرة (يخشاها الثلاثي السنيورة، حمادة وجعجع) أو تالية، والجنرال عون دعا واثقاً لانتخابات نيابيّة مبكِّرة ينتج عنها مجلس نيابي جديد بدوره ينتخب رئيساً للبلاد وليكن الرئيس الجديد أيّاً يكن وفي حال لم يرق هذا الإقتراح للسلطة فالدعوة صريحة ومن الجنرال ذاته لانتخاب الرئيس من قبل الشعب ولو لمرّة استثنائيّة، وquot;الثلاثيquot; يرفضون المقترحَين معاً بالفجاجة المعهودة رغم الإدِّعاء المكشوف أنّهم يمثّلون quot;الأكثريّةquot; تماماً مثلما رفضَهما السفير الأميركي فيلتمان الحريصة بلاده على quot;الديموقراطيّةquot; للبنان وعموم المنطقة العربيّة.
إذن لبنان مفكّك سياسيّاً ومتداعي اقتصاديّاً ومتذرِّر اجتماعيّاً ومنكشِف أمنيّاً أكثر وأكثر، وأحداث الشمال وطرابلس الأخيرة التي أُهدِرت فيها أرواح العشرات برعونة دليل قاطع على ذلك، ومع ذلك يتصرّف quot;الثلاثيquot; كأنّهم ينجون بالبلاد لا باعتبارهم يهلكونها.
ونذكر أخيراً الآتي: لم نورد إسم النائب سعد الدين الحريري رئيس تيّار المستقبل في قائمة quot;الثلاثيquot; لتأكيد الوقائع أنّه نفسه مصادَر مِن قبل رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة الذي لم يخف امتعاضه من اجتماعات برّي ـ الحريري الماراثونيّة للإتّفاق على حلّ للأزمة اللبنانيّة بتشعّباتها كافّة وكان له ما أراد بانسداد أفق هذه الإجتماعات ممّا حدا بالرئيس برّي لعقد مؤتمر صحافي أثنى على صدقه فيه السفير السعودي الخوجة، ولم نورد إسم الأستاذ وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدّمي الإشتراكي مستعيضين باسم الوزير مروان حماده لتأكيد الوقائع أيضاً، فالثاني يصرِّح حين يصرِّح الأوّل، والثاني يصرِّح حين يصمت الأوّل، ولا تخفى دلالات ذلك على عاقل.
[email protected]