من حروب حماس ndash; فتح في غزة
إلى إرهاب فتح الإسلام في لبنان

ما أن هدأت مؤقتا حروب فتح وحماس المخزية في قطاع غزة، حتى تحرك الريموت كونترول إياه ليشعل إرهابا جديدا في طرابلس شمال لبنان انطلاقا من مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين، من خلال مجموعة اللصوص الإرهابيين المسماة (فتح الإسلام). والتساؤل الذي يفرض نفسه هو: ما السرّ أن هؤلاء المجرمين قاموا بالسطو على المصرف اللبناني وافتعال المعارك مع الجيش اللبناني فور الوقف المؤقت لحرب الفتحاويين والحماسيين في قطاع غزة؟. وهذا يعيدنا إلى بدايات المعرفة بهذه المجموعة (فتح الإسلام) قبل شهور قليلة، إبان ما سميّ انشقاق الفلسطيني عميل المخابرات السورية (أبو خالد العملة) عن شريكه (أبو موسى)، وأعقب ذلك اعتقال العملة، ثم قام بتسريب رسالة الندم والتوبة التي وجهها لخالد مشعل محذرا إياه من التمادي في خدمة أجندة النظامين السوري والإيراني ونصائح أخرى عديدة، تؤكد بعض المصادر أنه تمت تصفية العملة وقتله في سجنه السوري عقب ذلك.

من المستفيد من استمرار اشتعال المنطقة؟
لا يستطيع عاقل أو مجنون أن يعتقد للحظة أن كل هذه الحروب التي وقودها الفلسطينيون في القطاع ولبنان أنها حروب من أجل طرد الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية، ففي القطاع هي حرب الكراسي والمصالح التنظيمية الشخصية، يستفيد منها ويمول جانبا منها النظام الإيراني لأن أي اشتعال قرب دولة إسرائيل حتى لو كان وقوده الدم الفلسطيني من شأنه إشغال إسرائيل والقوى الدولية عن الملف النووي الإيراني غير الموجه لإسرائيل أساسا، وإشعال حرب المخيمات الجديدة في طرابلس اللبنانية لا يمكن فهمه إلا أنه خدمة للنظام السوري والإيراني لسببين:
الأول: القول للشعب اللبناني الذي طرد الاحتلال السوري أنكم لن تنعموا بالراحة والأمن والأمان بعد خروج احتلالنا، ومعارك مجرمي فتح الإسلام هي امتداد لمسلسل الاغتيالات والتفجيرات التي بدأت باغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري.
الثاني: إشعال الساحة اللبنانية مجددا للفت الأنظار عن متابعة موضوع تشكيل المحكمة الدولية بعد طلب الحكومة اللبنانية من الأمين العام للأمم المتحدة النظر في تشكيلها حسب بنود الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

لماذا التخوف السوري من المحكمة الدولية؟
وهذا أيضا سؤال مهم ومنطقي: لماذا يعرقل النظام السوري وحلفاؤه في لبنان خاصة حزب الله موضوع المحكمة الدولية؟. إن من يعرقل هذه المحكمة هو من له يد وعلاقة باغتيال رفيق الحريري ويخاف أن تطاله يد العدالة من خلال هذه المحكمة، و إلا لماذا فقط النظام السوري وحزب الله هم من يخافون المحكمة الدولية، التي كانت بداية تخوف النظام السوري منها و إخفاء المعلومات عنها متمثلا في قتل وزير الداخلية السوري السابق غازي كنعان الذي كان الحاكم المطلق للبنان طوال سنوات الاحتلال السوري . إن البريء لا يخاف محكمة دولية أو محلية، لأن هذه المحكمة لا تمس من قريب أو بعيد السيادة اللبنانية كما يروج حزب الله وعملاء النظام السوري، في حين أن الاحتلال السوري للبنان طوال ثلاثين عاما، والرفض السوري المطلق للاعتراف باستقلال لبنان وتبادل التمثيل الدبلوماسي معه وترسيم الحدود، هو الاعتداء الصارخ على السيادة اللبنانية، ورغم ذلك يتغاضى عنه حزب الله والنظام السوري. ضمن هذه الخلفية فإن إشعال المعارك في لبنان لا يستفيد منها إلا النظام السوري وعملائه الذين لهم علاقة ما بجريمة اغتيال رفيق الحريري وما أعقبها من جرائم واغتيالات. وهذا ما يفسر ما إن توقفت الحرب الفتحاوية الحمساوية مؤقتا، حتى تحرك الريمونت كونترول السوري الإيراني مستعملا عصابة المجرمين المسماة (فتح الإسلام) التي ثبت أنها تضم عناصر من دول مختلفة، و لديهم أسلحة كثيرة مكنتهم في بداية المعارك من قتل حوالي ثلاثين من الجيش اللبناني، متحصنين وسط الفلسطينيين العزل من السلاح في مخيم نهر البارد، فما كان ممكنا سكوت الجيش اللبناني على هذه العصابة، فوقعت كل هذه الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين. ويلاحظ أن كل الفصائل الفلسطينية وممثل السلطة الفلسطينية في لبنان تبرؤوا من أعمال ووجود هذه العصابة، ما عدا أنور رجا ممثل عملاء النظام السوري في العصابة المسماة جماعة أحمد جبريل، فقد ظهر على شاشات الفضائيات مهددا ومتوعدا الجيش والحكومة اللبنانية بمعارك جديدة في مناطق مختلفة، مذكرا أن لهم قواعد عسكرية في منطقة الناعمة وشمال لبنان. هل سلاح هذه العصابات يستخدم ضد الاحتلال الاسرائيلي؟ إذن لماذا يحق لهم فقط في لبنان امتلاك القواعد والسلاح، ولا يجرؤون على ذلك في سورية الراعية لإجرامهم ولا في الأردن أو مصر وكلها دول حدودية مع إسرائيل؟.

الإجماع اللبناني ضد هذه العصابة
الملاحظ أن كافة القوى اللبنانية من موالاة ومعارضة ورئاسة الجمهورية توحدوا رغم خلافاتهم السياسية وراء مطلب واحد وهو رفض وجود هذه العصابة التي سمّاها البعض صراحة أنها امتداد للنظام السوري، وطالبوا بدعم الجيش اللبناني من أجل اقتلاع هؤلاء المجرمين من داخل مخيم نهر البارد قبل أن يتمددوا لمخيمات أخرى، خاصة أن عصابة أخرى اسمها (عصبة الأنصار)، أعلنت من مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان دعمها لمثيلتهم عصابة (فتح الإسلام) وهددوا الجيش والحكومة اللبنانية. إنه مؤسف ومحزن سقوط القتلى والجرحى في مخيم نهر البارد، إلا أن المسؤولية تقع على تلك العصابة، فهل كان ممكنا عند أية دولة السكوت عليها بعد نهب المصرف اللبناني وقتل أفراد من الجيش اللبناني؟ ماذا كان سيفعل جيش أية دولة لو وقعت هذه الجرائم في بلاده؟. إن هذه العصابات هي التي تؤدي لقتل الفلسطينيين وبث الكراهية ضدهم، فمرة الطريق إلى القدس يمرّ من عمّان، ومرة من عين الحلوة والفاكهاني، وأخيرا من مخيم نهر البارد، ولكن ولا مرة يعتقدون أن الطريق إلى القدس يمرّ من دمشق التي قرّر نظامها مقاتلة إسرائيل حتى آخر مواطن لبناني.
نتمنى أن لا يعاد قصف المخيم، فهؤلاء الغلابى الذين لا يملكون قوت يومهم ليسوا بحاجة لكوارث جديدة، وهنا يأتي دور الفصائل الفلسطينية الرئيسية فهي تستطيع مساعدة الجيش اللبناني في حصار هذه العصابة واقتلاعها من المخيم، قبل أن يتحرك نفس الريمونت كومنترول لنقل المعارك لمخيمات أخرى كما هددت عصابة جماعة أحمد جبريل، فهم الأقرب لأزرار الريمونت كونترول السوري. وهذه المعارك لخدمة أجندات سورية إيرانية تثبت صراحة أنه لا دحر للاحتلال السوري ولا إقامة للدولة الفلسطينية في القرون الخمسة القادمة.
[email protected]