مرت سبعة أعوام على احتلال أفغانستان الذي كان يوم ما بيت القاعدة الذهبي، وقد تشتت قادتها وقتل بعضهم أو اسر، فيما اختفاء بعضهم الآخر عن الصورة الأمر الذي فتح باب التكهنات واسعا حول مصير اغلبهم و إذا ما كانوا قد قتلوا في مذبحة تورابورا أو أنهم لجئوا إلى دول الجوار.
وقد سادت الشائعات عن احتضان إيران لعدد من ابرز عناصر القاعدة ومنهم على سبيل المثال المتحدث الرسمي، سليمان أبو غيث، و مسئول الأمن في التنظيم سيف العدل المصري , و أبو حفص الموريتاني اللذين تحدثت بعض المصادر الإعلامية والأمنية أنهم المسئولين عن علاقات القاعدة بإيران. وعلى الرغم من كل هذه الأخبار وتعدد مصادرها، والتي بلغت حد التواتر، إلا أن أي مصدر رسمي من القاعدة أو النظام الإيراني لم يؤكد تلك المعلومات أو ينفيها بشكل قاطع. فالمرة الوحيدة التي تحدث الجانبي الإيراني عن وجود عناصر من القاعدة على أراضيه جاء على لسان وزير الاستخبارات السابق الشيخ يونسي حيث اعترف حينها باعتقال عناصر من القاعدة فروا من أفغانستان عقب سقوط طالبان من دون أن يذكر هوياتهم.
وبعد احتلال العراق و تواجد القاعدة في بلاد الرافدين سرت الأخبار عن الدعم الإيراني للعمليات التي تنفذها القاعدة ضد الوجود الأمريكي ومناصريه حتى قيل أن أبو مصعب الزرقاوي الذي كان يتزعم تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين قد تلقى العلاج في إيران اثر إصابته بجروح بالغة قبل مقتله في 2006م، وهذا بالرغم من الحرب العلنية التي شنها الزرقاوي على الموالين لإيران و أنصارها في العراق. وقد أصبحت مسألة العلاقة بين القاعدة والنظام الإيرانية مسألة محسومة لدى الكثير من أجهزة المخابرات الإقليمية والدولية بما فيها جهاز المخابرات العراقي الحالي الذي تسربت مؤخرا بعض من تقاريره المرسلة إلى مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي والتي تتحدث عن المعلومات الواردة إليه بشأن الدعم الإيراني للقاعدة سواء ما يتعلق بتدريب الأفراد أو الدعم المالي أو غيرها من وسائل الدعم الأخرى.
وما يؤكد على وجود هذه العلاقة حسب رأي المراقبين، أن القاعدة ورغم شدت حربها على العملية السياسية الجارية في العراق والتي تتزعمها حكومة حليفة لايران وتحضا بدعم إيراني واسع وعلني، بالإضافة إلى ما تقدمه إيران من دعم كامل لنظام كرزاي الأفغاني الذي جاء بدعم وإسناد أمريكي عقب سقوط حكومة حركة طالبان الحليف التقليدي للقاعدة وشريكها في الحرب ضد أمريكا، إلا أن القاعدة لم يصدر منها طوال السنوات السبع الماضية ما يشير إلى وجود حالة عداء بينها وبين إيران. كما أن الأخيرة وعلى الرغم من الحوادث السياسية والمسلحة العديدة التي جرت في محافظاتها الساخنة مثل كردستان و بلوشستان، بالإضافة إلى ما شهده إقليم الأحواز العربي من عمليات مسلحة ضد المراكز والمصالح العسكرية والاقتصادية والدوائر الحكومية طوال السنوات الثلاثة الماضية والذي تعودت السلطات الإيرانية إلقاء مسؤولية مثل هذه الأحداث على أطراف خارجية، إلا أنها لم تشر بأي اتهام إلى تنظيم القاعدة أو تحميلها المسؤولية ولو عن جزء من تلك الأحداث.
علماً أن بعض الحركات التي تقف وراء تلك الأحداث هي حركات سنية أصولية، كما هو الحال مع حركة ( جند الله) بقيادة الشيخ عبد الملك ريقي التي تخوض حربا حقيقة ضد السلطات الإيرانية في إقليم بلوشستان ذات الأغلبية السنية. ولعل المرة الأولى التي أشارت فيها المصادر الأمنية و الإعلامية الإيرانية إلى من أسمتهم بالعناصر ( الوهابية وهي إشارة إلى القاعدة) بالوقوف وراء عملية اغتيال الشيخ quot; هشام الصيمريquot; احد رجال الدين العراقيين البارزين والموالين للنظام الإيراني والذي كان يشرف على أكثر من عشرين مسجدا وجمعية دينية في مدينة الأحواز و ضواحيها. فبعد عملية اغتيال الشيخ الصيمري التي جاءت في rlm;25rlm;rlm;/rlm;06rlm;rlm;/rlm;2007rlm;م شاعت بين أوساط المراقبين احتمالية أن تكون عناصر أصولية هي من يقف وراء تلك العملية،وما عزز من تلك الاحتمالية التي افترضتها منذ البداية المصادر الإيرانية الرسمية، هو التهديدات التي صدرت وللمرة من تنظيم القاعدة ضد إيران والتي توعدت فيها بشن حرب ضروس ضد طهران ما لم توقف دعمها للحكومة العراقية وتكف عن تدخلها في الشأن العراقي عامة.
وعقب تلك التهديدات نشرت وسائل الإعلام الإيرانية نقلا عن مصادر أمنية أن تنظيم القاعدة قام و على نطاق واسع في الأحواز، بتوزيع أشرطة تحمل تهديداته الموجهة لايران والتي جاءت على لسان ما يعرف بأمير quot; دولة العراق الإسلاميةquot;.
كما أضافت الوسائل الإعلامية الإيرانية أن تنظيم القاعدة استطاع أن يكسب عددا من الأنصار والمؤيدين له في محافظة كردستان غرب إيران.
وعقب نشر تلك الأنباء بأقل من أسبوع، شنت الأجهزة الأمنية الإيرانية حملة اعتقالات في أوساط طلبة المدارس الدينية في محافظ كردستان السنية. وقد أكدت تلك الاعتقالات جامعة دار العلوم الإسلامية في بلوشستان في بيانا لها أصدرته السبت الماضي.
ويعتقد المراقبون أن هذه الاعتقالات إلى جانب الاحترازات الأمنية المشددة التي بدأت باتخاذها السلطات الإيرانية في مدن قم ومشهد وشيراز بالإضافة الإجراءات المشددة المتخذة أصلا في ما يعرف أمنياً بالمناطق quot; الرخوة quot; وهي المناطق الحدودية،تشير إلى أن النظام الإيراني قد اخذ تهديدات القاعدة على محمل الجد،وان تلك التهديد قد تزداد جديتها إذا ما تم بالفعل عقد الجولة الثانية من المباحثات الإيرانية - الأمريكية التي أعلنت طهران عن موافقتها على عقدها من دون أن تحدد تاريخها. حيث يعتقد المراقبون إن إيران ربما قدمت للأمريكان الكثير من المعلومات التي في حوزتها عن القاعدة وربما ستقدم الأكثر في الجولات القادمة من المباحثات بينهما وهذا ما يجعل القاعدة تشعر بالخطر من ما يجري من توافق إيراني أمريكي بشأن الوضع في العراق والتي ستكون هي احد الأوراق المطروحة على طاولة هذه المباحثات.

رئيس المكتب السياسي لحزب النهضة العربي الأحوازي
rlm;