قال تعالى (ولمَّا جاءهم رسول من عند الله مصدِّق لِما معهم نبذ فريق من الّذين أُوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم وكأنهم لا يعلمون) البقرة 101.
الرسول هو نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، جاء الى الناس أجمعين، ولكن هنا خَُّصَ اليهود في سياق سجالي بينه وبينهم حول نبوَّته الكريمة. لقد جاء هذا النبي مُصدِّقاً لما مع اليهو د والنصارى، أي التوراة والانجيل بطبيعة الحال، ولكن كيف يمكن توجيه هذا التصديق؟
هناك توجيهان رئيسان في هذا المجال: ـــ
الأول: إنَّ هذا التصديق في الجملة وليس على وجه التفصيل، كالتوحيد والنبوّة بشكل عام، وبعض القيم الإخلاقية والشرعية والإجتماعية، فضلا ً عن لقاء على مديات ملحوظة فيما يخص مسيرة هذا النبي أو ذاك، وآخيراً وليس آخراً إمضاء نبوَّة موسى عليه السلام.
الثاني: إنَّ مادَّة هذا التصديق هي نبوِّة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد إفترق القائلون بهذا المقترب الى فريقين كبيرين، منهم منْ يرى أن هذا التصديق يتمثّل بذكر إسم النبي صراحة في هذه الكتب، والفريق الثاني يقول انَّها تتمثَّل في ذكر شمائله وصفاته ونعوته، وذلك في سياق التبشير به صلى الله عليه وآله وسلم، وبالتالي كان مجي النبي الكريم مصدِّقاً لهذه البشارات، وأكثر المفسِّرين على التصوَّر الأخير، أي أنَّ مادَّة التصديق هي التبشير بنبوَّة الرسول العظيم. وسوف نبني على هذا الاتجاه.
هذا التصديق كان سببا في حدَث غريب، إذ (نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم)، والكتاب هنا هو ا لتوراة على أكثر الآراء وليس القرآن، ذلك أنَّ النبذ ينصَبُّ على ما كان محلاً للاعتقاد والتمسّك والعمل، والقرآن خارج هذه الدوائر لدى اليهود، فيما ينطبق ذلك على التوراة بإعتبارها كتابهم الديني المقدَّس.
الرسول هو نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، جاء الى الناس أجمعين، ولكن هنا خَُّصَ اليهود في سياق سجالي بينه وبينهم حول نبوَّته الكريمة. لقد جاء هذا النبي مُصدِّقاً لما مع اليهو د والنصارى، أي التوراة والانجيل بطبيعة الحال، ولكن كيف يمكن توجيه هذا التصديق؟
هناك توجيهان رئيسان في هذا المجال: ـــ
الأول: إنَّ هذا التصديق في الجملة وليس على وجه التفصيل، كالتوحيد والنبوّة بشكل عام، وبعض القيم الإخلاقية والشرعية والإجتماعية، فضلا ً عن لقاء على مديات ملحوظة فيما يخص مسيرة هذا النبي أو ذاك، وآخيراً وليس آخراً إمضاء نبوَّة موسى عليه السلام.
الثاني: إنَّ مادَّة هذا التصديق هي نبوِّة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد إفترق القائلون بهذا المقترب الى فريقين كبيرين، منهم منْ يرى أن هذا التصديق يتمثّل بذكر إسم النبي صراحة في هذه الكتب، والفريق الثاني يقول انَّها تتمثَّل في ذكر شمائله وصفاته ونعوته، وذلك في سياق التبشير به صلى الله عليه وآله وسلم، وبالتالي كان مجي النبي الكريم مصدِّقاً لهذه البشارات، وأكثر المفسِّرين على التصوَّر الأخير، أي أنَّ مادَّة التصديق هي التبشير بنبوَّة الرسول العظيم. وسوف نبني على هذا الاتجاه.
هذا التصديق كان سببا في حدَث غريب، إذ (نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم)، والكتاب هنا هو ا لتوراة على أكثر الآراء وليس القرآن، ذلك أنَّ النبذ ينصَبُّ على ما كان محلاً للاعتقاد والتمسّك والعمل، والقرآن خارج هذه الدوائر لدى اليهود، فيما ينطبق ذلك على التوراة بإعتبارها كتابهم الديني المقدَّس.
ولكن هل نبذ كل اليهود هذا الكتاب (التوراة)؟
إنَّ الذين نبذوا هم (فريق من الذين أ وتوا الكتاب)، أي الذين أحاطوا به علما، تدارسوه وعرفوه وفقهوه، بدليل ما خُتمت به الآية (وكأنهم لا يعلمون)، فهم نبذوه عن علم ومعرفة، وبذلك يظهر فساد الراي الذي يُحمِّل مسؤولية هذا النبذ كل اليهود، بما في ذلك العالم منهم وغير العالم.
وما زال هناك كلام...
إنَّ الذين نبذوا هم (فريق من الذين أ وتوا الكتاب)، أي الذين أحاطوا به علما، تدارسوه وعرفوه وفقهوه، بدليل ما خُتمت به الآية (وكأنهم لا يعلمون)، فهم نبذوه عن علم ومعرفة، وبذلك يظهر فساد الراي الذي يُحمِّل مسؤولية هذا النبذ كل اليهود، بما في ذلك العالم منهم وغير العالم.
وما زال هناك كلام...
ما معنى النبذ هنا وما هي صورته؟
النبذ الترك، أي تركوا التوراة، طرحوها، وقوله تعالى (وراء ظهروهم) كناية عن الإهمال المبالغ فيه، فكأنه ليس بين أيديهم، وقيل كناية عن عدم العمل به، والإعراض عنه، وقلّة الالتفات اليه. ولم يزل المعنى غامضاً، ذلك إنَّنا لم نفهم ان هذا النبذ يتمثَّل في عدم الفحص أساسا، ام انهم فحصوا ووجدوا الحقيقة وتجاهلوها؟
يبدو أنَّ هذا النبذ جاء عن علم بهذه البشارات، وهم بذلك قد جانبوا الحقيقة عناداً، وتلك هي الجريمة الفكرية التي يندِّد بها القرآن الكريم فاستحقوا التكفير، نستفيد ذلك من قوله تعالى (ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدِّق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين) ــ البقرة 89 ــ
يستفيد بعضهم من انَّ هذا الكفر بنبوَّة محمَّد صلى الله عليه وأله كان بإهمال هذه البشارات، فقد نبذوها بعد ان وعوها في كتبهم، فضلا عن ذلك معاجزه سلام الله عليه، وهي إ ضافة غير مذكورة في النص الكريم، وبذا ينصَبُّ الحديث ــ في نطاق هذه الايات ــ على علماء أهل الكتاب الذين نظروا في كتبهم، وعيَّنوا صفات النبي ألآتي، ورغم إ نطباقها على محمّد أهملوها، وتركوا العمل بها، فلم يؤمنوا بنبوَّته ولم يدعوا اليها، خاصَّة وأن الآية الشريفة تشير الى انَّ اليهود كانوا يعلمون بان نبيِّاً سوف يُبعَث عن قريب.
قال تعالى (... ويكفرون بما وراءه وهو الحق مُصدِّقاً لما معهم...) ــ البقرة 91 ــ مُصدِّقا لما جاء في الكتابين من إشتمالهما على نبوّة محمَّد، وعلى هذا الوزان قوله تعالى (وآمنوا بما أنزلتُ مصدِّقاً لما معكم ولا تونوا أوَّل كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً وإياي فاتقون) ــ البقرة 41 ــ فإن التصديق هنا منصرف ــ أكبر الظن ــ إلى ما جاء من البشارات بنبوَّة الرسول الكريم، والخطاب يحاكم علماء أهل الكتاب بالخصوص، وليس كل اليهود والنصارى، وبذلك فإن (أوّل من كفر به)، هنا هم العلماء من أهل الكتاب الذين كانوا في المدينة،، وليس كلهم،، وليس سرَّاً أن أوَّل من كفر به هم مشركو العرب في مكّة، ولذا صرفوا الآية هنا إلى (العلماء) من أهل الكتاب، اي لا تكونوا يا علماء أهل الكتاب أوَّل من يكفر به من قومكم. وهم يكفرون به بإخفائه، ليس بعدم العمل به، هذا من لوازم الأ خفاء، فهم يخفون هذه الحقيقة، لا يعملون بها من قبلهم، ويُجَهِّلون به ألآخرين، وفي هذا السياق يقول تعالى ((يايها الين أُوتوا الكتاب آمنوا بما نزَّلنا مُصدِّقاً لما معكم من قبل ان نطمس وجوها....) ـ النساء 48 ــ حيث ورد في مجمع البيان [ (مصدقاً لما معكم...) من ا لتوراة والإنجيل اللذين تضمَّنتا صفة نبينا محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم... ]، والبيان موجّه الى علماء آهل الكتاب بطبيعة الحا ل وليس إليهم جميعا، لان هذا الاكتشاف يحتاج إلى قدرات معرفية كبيرة، يحتاج الى قراءة بين السطور، وإحاطة بالتوراة وخفاياها، و الإنجيل وأسراره. نقرأ في سورة المائدة أية (48) قوله تعالى(وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدِّقاً لما بين يديه من الكتاب)، وكذلك في فاطر (والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدِّقاً لما بين يديه إنّ الله بعباده لخبير بصير)، وتكاد تتطابق المضامين الكبيرة في الايات الكريمة.
الآية رقم (89) من سورة البقرة تكشف بوضوح انَّ التكفير المُترتب على إنكار هذا التصديق إنَّما هو بحق علماء أهل الكتاب، فإنَّ الخطاب لهم بالذات، بل وعلماء أهل الكتاب الذين عاصروا الرسالة بالذات، بدليل قوله تعالى في الآية التي تسبقها (وقالوا قلوبُنا غُلفُ بل لعنهم الله بكفرهم فقليلاً ما يؤمنون)، فهؤلاء كانوا مصرِّين على عدم الإستماع، على تكريس الموقف المعاند، وقراءة سريعة للآيتين معا، اي الآية رقم (88)، والاية رقم (89) تكشف بوضوح ان هذه المسألة كانت تخصُّ علماء أهل الكتاب في زمن الرسالة (وقالوا قلوبنا غُلفُ بل لعنهم الله فقليلاً ما يؤمنون، ولمَّا جاءهم كتاب من عند الله مصدِّق لِّمَا معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلمَّا جاءهم ما عرفوا وكفروا به فعلنة الله على الكافرين).
إنَّ علماء أهل الكتاب في زمن الرسالة هم الذين قا لوا ان قلوبنا (غُلف)، وهم الذين كانوا يستفتحون الناس بقدوم النبي الجديد، ومن ثم تنكَّروا لذلك لما جاء النبي العظيم، وهم القادرون على إكتشاف تلكم البشارات من طيَّات الكتاب، وهم المسؤولون آنذاك عن مجتمعاتهم. والمعالجة القرآنية واضحة بصرف(التكفير) الى هؤلاء العلماء، وليس الى كل أهل الكتاب، ومن ثمَّ إنَّ هذه الآيات تعالج حالة تاريخية قديمة، رغم ان ذلك لا ينفي ضرورة تدارس أهل الكتاب لهذا الدين من اجل الحقيقة.
النبذ الترك، أي تركوا التوراة، طرحوها، وقوله تعالى (وراء ظهروهم) كناية عن الإهمال المبالغ فيه، فكأنه ليس بين أيديهم، وقيل كناية عن عدم العمل به، والإعراض عنه، وقلّة الالتفات اليه. ولم يزل المعنى غامضاً، ذلك إنَّنا لم نفهم ان هذا النبذ يتمثَّل في عدم الفحص أساسا، ام انهم فحصوا ووجدوا الحقيقة وتجاهلوها؟
يبدو أنَّ هذا النبذ جاء عن علم بهذه البشارات، وهم بذلك قد جانبوا الحقيقة عناداً، وتلك هي الجريمة الفكرية التي يندِّد بها القرآن الكريم فاستحقوا التكفير، نستفيد ذلك من قوله تعالى (ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدِّق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين) ــ البقرة 89 ــ
يستفيد بعضهم من انَّ هذا الكفر بنبوَّة محمَّد صلى الله عليه وأله كان بإهمال هذه البشارات، فقد نبذوها بعد ان وعوها في كتبهم، فضلا عن ذلك معاجزه سلام الله عليه، وهي إ ضافة غير مذكورة في النص الكريم، وبذا ينصَبُّ الحديث ــ في نطاق هذه الايات ــ على علماء أهل الكتاب الذين نظروا في كتبهم، وعيَّنوا صفات النبي ألآتي، ورغم إ نطباقها على محمّد أهملوها، وتركوا العمل بها، فلم يؤمنوا بنبوَّته ولم يدعوا اليها، خاصَّة وأن الآية الشريفة تشير الى انَّ اليهود كانوا يعلمون بان نبيِّاً سوف يُبعَث عن قريب.
قال تعالى (... ويكفرون بما وراءه وهو الحق مُصدِّقاً لما معهم...) ــ البقرة 91 ــ مُصدِّقا لما جاء في الكتابين من إشتمالهما على نبوّة محمَّد، وعلى هذا الوزان قوله تعالى (وآمنوا بما أنزلتُ مصدِّقاً لما معكم ولا تونوا أوَّل كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً وإياي فاتقون) ــ البقرة 41 ــ فإن التصديق هنا منصرف ــ أكبر الظن ــ إلى ما جاء من البشارات بنبوَّة الرسول الكريم، والخطاب يحاكم علماء أهل الكتاب بالخصوص، وليس كل اليهود والنصارى، وبذلك فإن (أوّل من كفر به)، هنا هم العلماء من أهل الكتاب الذين كانوا في المدينة،، وليس كلهم،، وليس سرَّاً أن أوَّل من كفر به هم مشركو العرب في مكّة، ولذا صرفوا الآية هنا إلى (العلماء) من أهل الكتاب، اي لا تكونوا يا علماء أهل الكتاب أوَّل من يكفر به من قومكم. وهم يكفرون به بإخفائه، ليس بعدم العمل به، هذا من لوازم الأ خفاء، فهم يخفون هذه الحقيقة، لا يعملون بها من قبلهم، ويُجَهِّلون به ألآخرين، وفي هذا السياق يقول تعالى ((يايها الين أُوتوا الكتاب آمنوا بما نزَّلنا مُصدِّقاً لما معكم من قبل ان نطمس وجوها....) ـ النساء 48 ــ حيث ورد في مجمع البيان [ (مصدقاً لما معكم...) من ا لتوراة والإنجيل اللذين تضمَّنتا صفة نبينا محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم... ]، والبيان موجّه الى علماء آهل الكتاب بطبيعة الحا ل وليس إليهم جميعا، لان هذا الاكتشاف يحتاج إلى قدرات معرفية كبيرة، يحتاج الى قراءة بين السطور، وإحاطة بالتوراة وخفاياها، و الإنجيل وأسراره. نقرأ في سورة المائدة أية (48) قوله تعالى(وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدِّقاً لما بين يديه من الكتاب)، وكذلك في فاطر (والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدِّقاً لما بين يديه إنّ الله بعباده لخبير بصير)، وتكاد تتطابق المضامين الكبيرة في الايات الكريمة.
الآية رقم (89) من سورة البقرة تكشف بوضوح انَّ التكفير المُترتب على إنكار هذا التصديق إنَّما هو بحق علماء أهل الكتاب، فإنَّ الخطاب لهم بالذات، بل وعلماء أهل الكتاب الذين عاصروا الرسالة بالذات، بدليل قوله تعالى في الآية التي تسبقها (وقالوا قلوبُنا غُلفُ بل لعنهم الله بكفرهم فقليلاً ما يؤمنون)، فهؤلاء كانوا مصرِّين على عدم الإستماع، على تكريس الموقف المعاند، وقراءة سريعة للآيتين معا، اي الآية رقم (88)، والاية رقم (89) تكشف بوضوح ان هذه المسألة كانت تخصُّ علماء أهل الكتاب في زمن الرسالة (وقالوا قلوبنا غُلفُ بل لعنهم الله فقليلاً ما يؤمنون، ولمَّا جاءهم كتاب من عند الله مصدِّق لِّمَا معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلمَّا جاءهم ما عرفوا وكفروا به فعلنة الله على الكافرين).
إنَّ علماء أهل الكتاب في زمن الرسالة هم الذين قا لوا ان قلوبنا (غُلف)، وهم الذين كانوا يستفتحون الناس بقدوم النبي الجديد، ومن ثم تنكَّروا لذلك لما جاء النبي العظيم، وهم القادرون على إكتشاف تلكم البشارات من طيَّات الكتاب، وهم المسؤولون آنذاك عن مجتمعاتهم. والمعالجة القرآنية واضحة بصرف(التكفير) الى هؤلاء العلماء، وليس الى كل أهل الكتاب، ومن ثمَّ إنَّ هذه الآيات تعالج حالة تاريخية قديمة، رغم ان ذلك لا ينفي ضرورة تدارس أهل الكتاب لهذا الدين من اجل الحقيقة.
التعليقات