بيروت: إستغربنا بشكل كبير ما كتبه الناشط وائل غنيم على حائط صفحة quot;كلنا خالد سعيدquot; بعد إطلاق سراحه من قبل أمن الدولة في مصر متنكراً لوسائل الإعلام العربية التي وقفت معه في أزمته وساندت الثورة المصرية منذ أول يوم، حيث كتب بالحرف:
quot;كلنا خالد سعيد: يا ريت وسائل الإعلام اللي مش مصرية تريح نفسها خالص .. أنا مش باتكلم إلا مع وسائل الإعلام المصرية بسquot;
نذكر أننا صباح يوم 25 يناير كان لنا آخر إتصال مع مراسلنا quot;في مصرquot; قبل أن تختطف بالكامل، ومراسلنا quot;مصري وطني وليس إسرائيلي عدوquot;، قال لنا بأن الإتصالات ستقطع، بعد قطع الإنترنت، ففهمنا بأن هناك نيةلعزل المتظاهرين بالكامل، وأكمل وزير الإعلام هذا الحصار عندما كمم فاه الإعلام المصري الشريف منه، وحاول وضع الإعلام العربي والغربي تحت الإقامة الجبرية ومنع نزول الكاميرات الى الشارع.
يومها أطلقنا نداء عبر الفيس بوك لجميع زملائنا الإعلاميين العرب والمصريين المقيمين خارج مصر، لكسر الحصار ونقل ما يمكن نقله من صور من داخل التظاهرات quot;حماية للمتظاهرينquot; لأننا أدركنا أن هذه الإجراءات البوليسية لها هدفين:
الأول حجب الصورة عن الإعلام لكي لا يعرف الشارع المصري والعربي والعالميالحجم الحقيقي للتظاهرة.
والثاني الإستفراد بالمتظاهرين وقمعهم بحرية بعيداً عن أعين وسائل الإعلام لتفريقهم وإنهاء تظاهرتهم باكراً.
ولم يحم أحد المتظاهرين في ميدان التحرير وبقية ميادين مصر سوى كاميرات وسائل الإعلام العربية والعالميةالتي نقلت قدر المستطاع صوراً لهذه الوحشية التي مورست ضد المتظاهرين، وفضحت إجرام النظام، وأحرجته على مستوى دولي، وأحرجت بالتالي حلفاؤه، وأجبرتهم على التخلي عنه.
لولا هذا الإعلام الحر لإجهضت ثورتكم في مهدها، أو لكانت الخسائر في الأرواح أكبر بكثير، فالإعلام المصري كان إما صامت أو كاذب،ووصفكم بالعشرات، والخونة، والمسيرين، بينما الإعلام العربي والغربي فتح لكم أثيره، وكان وسيلتكم للتعبير.
وائل غنيم تخطيء إذا تنكرت للإعلام الخارجي (عربي أو غربي) لأن مراسلوه أغلبهم مصريون، وكانوا معكم في خندق واحد، ضربوا وإعتلقوا ونزفوا وكسرت كاميراتهم من قبل نفس البلطجية الذين هاجموكم.
مراسل إيلاف مثلاً مصري إعتقل لمدة أربع ساعات يوم 25 يناير من قبل قوات الأمن،وأصيب بحجر في رأسه، ونزف على أرض ميدان التحرير يوم 28 يناير،وكسرت كاميرته وهو يحاول أن ينقل للعالم صورة حقيقية لما يحصل.
ومراسلوا العربية مصريون، ومراسلوا الجزيرة مصريون، وكذلك بي بي سي العربية وغيرها من وسائل الإعلام.
لولا الفيديو الوحشي الذي نشرته الجزيرة مثلاًلما حدث للمتظاهرين على الجسر، كان العدلي لا يزال يبطش بكم حتى يومنا هذا، ولولا إضاءة وسائل الإعلام العربية على مسألة إعتقالك لما شهدت معاملة متحضرة، ولما رأيت النور لا في وقت قريب ولا بعيد. كانوا محترمون معك لأنهم يعلمون بأن الكاميرات تنتظرك في الخارج.
لا تحقق لهم هدفهم الأساسي الا وهوquot;عزلك وعزل المتظاهرين عن الإعلام الخارجيquot;، لأنهم عندها سيسهل عليهم السيطرة عليكم، فالإعلام المصري حتى الشريف منه لا يزال في قبضتهم، لا ترتكب أخطاء مميتة، ولا تنقلب على من مدوا إيديهم لكم، وسهروا خوفاً عليكم، وتعاطفوا معكم.
فبعد سقوط فزاعة الإخوان، بدأ النظام بإستحداث فزاعة جديدة، وبدأنا نسمع إتصالات مشبوهة عبر الفضائيات المختلفة: quot;شاهدنا سيدة عراقية تنقل المياه للمتظاهرينquot; أين الخطأ في هذه الصورة، إذا كانت هذه السيدة مقيمة في مصر وتعاطفت مع المتظاهرين وأرادت أن تسقيهم هل تكون لها أجندة خارجية؟
quot;شاهدنا سيارة ميكروباص يقودها سوري وسلمناه للأمن العامquot;، صوت مجهول، يلقي بإتهام مشبوه، لا دليل عليه، هدفه شق الصف العربي، بعد أن شقوا صف الشارع المصري.
ثورة الياسمين الهمت ثورة مصر، وثورة مصر هزت كراسي الدول المجاورة، فتغيرت حكومة في الأردن، والشارع العراقي يغلي وناشطوه يجمعون أنفسهم على الإنترنت ليثوروا كما ثرتم،وسوريا على صفيح ساخن، ولبنان تظاهر دعماًلكم، والجزائر تغلي هي الأخرى، وإعلامها نسي الأحقاد ووقف في صف ثورتكم، واليمن تنتفض والسودان تتظاهر، فأي أجندة تلك التي ينفذها الإعلام العربي الذي تقصيه بعد أن بذل كل ما في وسعه ليسمع العالم صوتك وصوت رفاقك؟
وهناك خطأ آخر تقعون فيه إذا إعتقدتم بأنكم أكثر مصرية من بقية المصريين الذين كانوا بين خائف، أو محتار، أو مضلل، أو من لايملك وعياً سياسياً كافياً، أو ترك لعاطفته التأثير على رجاحة عقله، يحق لهؤلاء أن يغيروارأيهم وينضموا اليكم،انتم اليوم تقصون من يحاول مد يده لكم،وتغيير مواقفه، وهذه خطيئة أخرى مميتة لأنكم تعزلون أنفسكم وتثيرون إستيائهم منكم،وعددكم ليس بكاف بعد لفرض ما تريدون، الأمر لم ينته، وأنتم لم تنتصروا بعد، وعلى أرض الواقع لم يتغير شيء بشكل حقيقي ونهائي.
كونوا أذكياء لا عاطفيين، وإستغلوا الإنتهازي فهو إن غير موقفه أضعف ذلك النظام، وقواكم وزاد عددكم، وخصوصاً إذا كانوا هؤلاء من المشاهير،لأنهم ساهموا سابقاً في شق الصف وتحريك الشارع بتأثيرهم في معجبيهم للتظاهر دعماً quot;لإستقرار مصرquot; إستقطبوهم وإجعلوهم يتخندقون معكم اليوم ليتوحد الشارع المصري.
ضرب تامر حسني، وطرد أحمد السقا، وإقصاء عمرو أديب وغيرهم حماقة، لأنهم أشخاص مؤثرون، إستغلوهم لإيصال صوتكم لأكبر عدد من الناس. ففيديو ضرب تامر حسني مثلاًمسمار في نعش تحضركم، وسلميتكم، مالفرق بينكم وبين شرطي البوليس الذي ضربكم لأن وجهة نظركم كانت مختلفة عن وجهة نظر النظام الذي يمثله؟
أين الدعوة للحوار والإقناع التي تتحدثون عنها طيلة الوقت، لم لا تتحاورون مع من يختلفون معكم في وجهة نظركم من الشعب وتستقطبوهم بدلاً من تخوينهم وإقصائهم؟!!
لا تختطفوا ميدان التحرير انتم كذلك، فهو لكل المصريين وليس لفئة بعينها إفتحوا قلوبكم ومدوا إيديكم لمن يمد يده لكم كائناً من كان،ومهما كانت مواقفه السابقة، قوتكم في وحدتكم كشارع مصري، لا تحيدوا عن مبادئكم ولا تسكركم نشوة نصر لم يكتمل بعد.
- آخر تحديث :
التعليقات