سارعت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، وعبر بيان صحفي أول، إلى الترحيب بالعملية الفردية التي قام بها منتميان لها بالتسلل عبر الحدود نحو إسرائيل، ما أدى إلى تحييدهما بعد أن تمكنا من إصابة جنود إسرائيليين.
البيان الثاني للإخوان في الأردن حرصت فيه الجماعة على أن يصل إلى وكالات أنباء أجنبية قبل العربية، وصيغ بانتقاء المفردات مراعاة لحسابات داخلية أولًا وإقليمية ثانيًا، وحمل في طياته تهرّبًا من تحملهم مسؤولية العملية أو التخطيط لها أو توفير الدعم اللوجستي لتنفيذها.
في المقابل، سعت الجماعة لتوظيف ما جرى في الشارع الأردني من خلال التجمهر والتظاهر وفتح بيت عزاء، في استغلال إخواني معهود؛ استغلال يُبنى عليه سياسيًا بما يخدم اكتمال طور تحالفات الإخوان الإقليمية وكسب نقاط لأجندات مشروعهم في المملكة.
من السابق لأوانه الحديث عن تداعيات العملية أو تأثير انعكاساتها على الشأن الداخلي الأردني، مع التأكيد على قوة الدولة وحضورها، وقدرتها على التعاطي ببراغماتية بما سيترتب عليها خارجيًا، دون إغفال ما يسعى إليه الإخوان عبر تبنيهم نهجًا تحريضيًا منذ بدء الحرب على قطاع غزة وما تلاها من توسع دائرة التصعيد الإقليمي؛ نهج ساهم بشكل أو بآخر في تأجيج المشاعر، وتشجيع ارتكاب مثل هذه العمليات بشكل فردي. فهل يسعى هذا النهج الإخواني بالتدرج لتشكيل ميليشيا عسكرية على غرار تجارب ميليشيات وحركات تتبع النظام الإيراني في دول نفوذه المحيطة بالأردن؟
إقرأ أيضاً: حرب الأعمى والبصير في الشرق الأوسط
الأردن دولة تقودها مؤسسات دستورية، تدرك الخط الفاصل بين توازن قيم الديمقراطية ومفاهيمها وبين سياسات الحزم المتقن، لذا لن ينجرّ لتصرفات انفعالية لشخص متهور أو جماعة ترى في الحرب فرصة للوصول إلى السلطة منفردة ضمن سياق داخلي يجعلها جزءًا من مشروع إقليمي يريد التوسع والتمدد لابتلاع دول على رأسها الأردن.
وهذا ما يطرح تساؤلات جادة حول مراهنات الإخوان في الأردن على ما يجري في الإقليم، والدور المطلوب من الجماعة الانخراط فيه في قادم الأيام مع تزايد احتمالات تعمق هذا التصعيد نحو حرب إقليمية متعددة الجبهات والأطراف، خاصة وأن إيران أصبحت قبلة جماعة الإخوان المسلمين (الأم).
إقرأ أيضاً: بدء الانحسار الإيراني في الشرق الأوسط
خلاصة ما سبق تضعنا أمام احتمالين لا ثالث لهما: إما أنه سعي إيراني متخبط بدأ بتنشيط جبهة الضفة الغربية عبر عمليات تقودها عناصر من الإخوان في الأردن تسهم في تخفيف الضغط العسكري الإسرائيلي عن حزب الله في جبهة جنوب لبنان، ويحسن من مواقف طهران التفاوضية ومناوراتها الدبلوماسية، أو أنه اجتهاد ينم عن قصور في الرؤية السياسية تقوده الجماعة في الأردن منفردة في محاولة لتأجيج الصراع عبر جبهة الضفة الغربية لإنقاذ ما تبقى من حماس ضمن حسابات الصراع الدائر.
التعليقات