من اغرب ما يمكن ان توصف به برامج المسابقات التي تقدمها اغلب القنوات الفضائية العراقية انها تتنافى تماما مع حرمة شهر رمضان الكريم ، وان القائمين عليها غير مدركين لذلك او انهم مدركون ولكنهم يتجاوزون ذلك لان المصلحة الشخصية تقتضي ان تكون فوق كل اعتبار .
بغداد:تمتليء القنوات الفضائية العراقية ببرامج المسابقات التي نادرا ما تختلف في اسلوبها ، فهي متشابهة في خطوطها العريضة حيث تقوم بطرح الاسئلة على المشاهدين من خلال البث المباشر وعبر الاتصالات التلفونية، وبالنتيجة يتم تقديم جائزة لصاحب الاجابة الصحيحة او الاجابات الصحيحة اذا ما كانت هناك اكثر من سؤال، وهذه القنوات الفضائية تبث هذه البرامج بالتنسيق مع شركات الاتصالات للهاتف النقال ، ولكن الغريب ان هذه القنوات التي تبتهج بشهر رمضان وتحاول ان تعمل على مساعدة المواطنين بهذه الجوائز او الهدايا المقدمة لهم تقوم بأخذ مبالغ طائلة من المشاركين في البرامج ، فالاتصال التلفوني قيمته اضعاف القيمة العادية وكذلك الرسائل النصية (المسجات) ، فضلا عن أن هذه البرامج ليست فيها اية فائدة تذكر للمواطن من حيث المعلومات التي اكثرها خاطئة، وتستخدم هذه الفضائيات الفنانين لتقديم هذه البرامج في محاولة منها لاستقطاب اكبر عدد من المشتركين ، وبالتأكيد يتفنن الفنان ،الذي يحصل على مبلغ كبير جدا، في استمالة الجمهور بلهجته المحببة واسلوبه الكوميدي ، والغريب فيها انه ما على المشاهد الا ان يتصل ويجري الباقي على شكل تمثيلية اذ يعمد مقدم البرنامج الى مساعدته باعطائه الجواب ، وهو ما يثير الحيرة عند المشاهدين ، ولكن العجب سرعان ما يذهب حين نعلم ان اغلب القنوات تتبع اسلوبا غريبا في التعامل مع المشاهدين البسطاء ، وهو ان المشاهد الذي يبعث اكثر عدد من الرسائل النصية هو الذي يسمح له بالاتصال والمشاركة في البرنامج ، وتبين ان الرسالة النصية الواحدة تكلف الفي دينار (اقل من دولارين) على غير ما هي العادة التي كلفتها 20 دينار فقط ، والمشاهد لا يعلم بذلك ، وهناك بالطبع الاف الرسائل النصية او المكالمات التي يستقطع ثمنها ، وفي الاخير يتم اختيار بعض المشاركين ويفوز احدهم بجائزة او ان يفوز عدة مشاركين بجوائز بسيطة اذا ما حسبنا اثمانها فهي لا تكون الا جزء بسيطا مما تناله القناة ومن خلفها شركة الاتصال ، ويبدو ان القائمين على مثل هذه البرامج يستغلون رمضان للكسب .
قال الفنان جبار محيبس ، مخرج مسرحي : ما يؤلمني في شهر رمضان هو هذه الاطلالة غير المرحب بها وغير الجميلة والخادشة للذوق والمسمع والثقافة التي تتعاطاها القنوات الفضائية وتهجم فيها على العوائل العراقية المسكينة الوديعة بحجة المسابقات وروح النكتة ، وهي في الحقيقة برامج سطحية لا تمت الى حضارة وتراث البلد وجل من يقدمها الممثلن الكوميديون الذي اساءوا للمسرح العراقي والثقافة العراقية ورحلوا مفردات ساذجة الى التلفزيون ، ويمكن الاشارة الى ان هذه المسابقات وضيعة جدا وتحتاج الى اعادة نظر وانتباه وعلى الدولة ان تضع يدها ولا تسمح لاي برنامج للمسابقات الا بعد ان تمر على مجموعة خبراء ذلك لان هذه البرامج تؤثر سلبيا في الناس فضلا عن كون غاية معروفة وهي الترويج لقنواتهم الخالية من الثقافة الحقيقية والجادة والممتعة والتي تؤثر سلبا على هذا الجيل من ناحية تربوية ، ينبغي اعادة النظر تماما في هذه البرامج من اجل تقديم ثقافة حقيقية تليق بهذا البلد ، ولا ننسى ان ان هذه البرامج تستنزف اموال الناس البسطاء بحجة الفوز بجوائز وهمية في حقيقتها .
وقال الاعلامي عماد جاسم : اجد انها برامج تستخف بوعي الجمهور وتنحدر بذائقته الجمالية والمعرفية ، وكان من الممكن استثمار الطاقات والمبالغ في صنع برامج تحفز وتحرك العقل وتبني حوار متمدن حضاري دون الاكتفاء باسئلة ساذجة وسطحية لا تعمل عصفا ذهنيا وانما تتوقف عند ثنائية بليدة هي الربح والخسارة وتحول المعرفة الى بضاعة، ويدلل ذلك على جهل المشرفين على الاعلام اليوم بماهية التكنولوجيا الاعلامية لتثقيف المجتمعات وليس تحويلهم الى ادوات استهلاكية وبرامج تسلية تيبتعد عن توهج العقل وتبني لغة الحوار المعرفي.
واضاف : اجد ان الفضائيا تستنسخ آلية خداع الناس بالاتصالت التكررة وتسخر من وعيهم وتدفعهم للاتصال بمبالغ كبيرة دون ان تحقق له الهدف الامثل في متعة وتثقيف حضارية.
اما الاعلامي فائق التميمي فقال : نلاحظ ان اغلب برامج المسابقات هي لخداع المواطن البسيط ذلك باستنزاف امواله من خلال الاتصال هاتفيا بالاتفاق مع شركات الموبايل بحجز رقم وبالتالي تقسيم المبالغ فيما بينهم ، والغريب ان كل القنوات العراقية باتت تقدم هذا النوع من البرامج التي تستنزف اموال الناس ، وهذه مشكلة
واضاف : الغريب ايضا ان الاجابة مهما كانت فمقدم البرنامج يعطيها للمشارك ، اي ان كل من يشارك يستطيع حل السؤال ، ولكن المهم انه اتصل مرات عديدة وقطعوا من رصيده في الموبايل نسبة كبيرة ، وليست هي الا استغلال حاجة الانسان للمادة ، وانا اعجب ان هذا الانسان بحاجة الى المال او بحاجة الى الالف دينار فيما هم يستنزفون منه الاف الدنانير
فيما قال الصحافي احمد ثائر : المتتبع لبرامج المسابقات الرمضانية يجد ان هناك جوائز متطرفة الكرم تعلن عنها الفضائيات منها الفوز بمنزل او تأثيث بيت او الفوز بسيارة او بأجهزة كهرباء او تقنية او هواتف نقالة من احدث ما صنعته التكنلوجيا ، ولكن اغلب المواطنين يعلنون ان هذه المسابقات ما هي الا مجرد كذب ونصب واحتيال، و يؤكدون انهم لم يشاهدوا او يعرفوا احدا فاز بأي من هذه الجوائز ، ولا اعتقد ان ما تعلن عنه هذه القنوات الا عبارة عن اكياس مليئة بالخداع ، والادهى انها تقدم في شهر مقدس عند المسلمين .
وقال الصحافي زهير الفتلاوي : هذه البرامج ما هي الا خدعة كبيرة من اجل استقطاع المبالغ من ارصدة المتصلين تصل الى دولارين عن كل مكالمة او رسالة ، ويا ليتهم يجعلون المتصل يشارك في مسابقاتهم بل انهم يريدون المزيد من الرسائل والاتصالات التي تستنزف رصيد المتصل ، وهذه سرقة غير مباركة في شهر مبارك ، ويبدو ان هذه القنوات وشركات الاتصالات وجدت في الشهر الكريم فرصة لجني مبالغ طائلة تسرقها من جيوب الناس البسطاء الذين يفرحهم ظهور اسمائهم على الشاشة او المشاركة بصوته ، وهناك الكثير من الاساليب التي تتبعها القنوات ومنها ان مقدم البرنامج يظل ينادي على المشترك ألووو ألوووو ومن ثم يقول انقطع الاتصال ، واعتقد ان هذا غير صحيح بقدر ما هو نوع من الضحك على المواطن .
اما المواطن كريم البهادلي فقال : هذه المسابقات فخ تضعه الفضائيات لافراغ جيوب الناس البسطاء لان الاغنياء لا علاقة لهم بهذه البرامج ولا يتابعونها ، ومع الاسف ان الفضائيات تتسابق في شهر رمضان المبارك من اجل كسب ود المشاهدين وذلك من خلال مصيدة المسابقات التي تأتي على الاغلب بفنانين كوميديين او معرفونين لتقديمها ، ولكن يبدو ان النتائج بعضها يأتي عكسيا ، حيث يكتشف المشاهدون ان هذه المسابقات ما هي الا مصيدة بالتعاون ما بين الفضائيات وشركات الاتصالات التي تستخدم هكذا دعاية لتربح اكثر عددا من المشتركين وهذا يعني جني ارباح كثيرة رغم الخدمة السيئة التي تقدمها هذه الشركات في احيان كثيرة .
وقالت سمية علي : مع اولادي الذين تستهويهم مثل هذه البرامج تفرجت وشاهدت احد برامج المسابقات الذي تبثه احدى الفضائيات التي تعلن عن جوائز مغرية للفازين بمسابقاتها ، مثل تأثيث بيت او جائزة مالية كبيرة فقمت واتصلت على الرقم الظاهر اسفل الشاشة والذي اعلنت الفضائية للجمهور الاتصال به وحين اتصلت سمعت صوتا يقول ( سجّل اسمك الكامل وانتظر) وانتظرت حتى انقضى عمر الرصيد ( وطار الرصيد وطارت معه الجائزة ) ولم اربح غير المشاجرة مع زوجي بسبب تصديقي بهذا الكذب والخداع الذي تقوم به شركات (الموبايل) والفضائيات .
واضافت : الظاهر ان غالبية هذه المسابقات هي من باب الدعاية لشركة الاتصال او الفضائية او الجهة الراعية لمثل هذا البرنامج ، وفي باطنها ممارسات للكذب والخداع في شهر كريم يحترمه الناس ويصدقون ما تطرحه الفضائيات ،وهناك بعض الناس قد يتعلق بوهم الفوز بجائزة مغرية بسبب العوزوالحرمان والفقر ، فعندما تقول لشخص انك ستربح بيتا او سيارة او اضعف الايمان (100 دولار) تجده يسعى الى المشاركة عسى ان يفوز وهو لا يعلم ان سيخدع ، وليس لنا الا ان نقول : ان شهر رمضان.. لا يحمي المغفلين !!
التعليقات