كأسلوب جديد لتعزيز الثقافة البيئية لدى شريحة الأطفال والمتمدرسين، ابتكرت فعاليات جزائرية كتيّبات صغيرة سمتها quot;جوازات النظافةquot; تمّ منحها للبراعم على مستوى منطقتي وهران وأرزيو غربي البلاد، على أن يجري تعميمها لاحقا لنشر الثقافة البيئية لدى الناشئة، وحفز طلائع الجيل الجديد على التألق في تنظيف محيطهم الصغير وإيقاف نزيف البيئة.

كامل الشيرازي الجزائر: تشير quot;نوال بلعربيquot; وهي مسؤولة جهوية للوقاية، إلى أنّ جوازات النظافة التي تشبه في شكلها جوازات السفر الرسمية في الجزائر، تحتوي على كم معتبر من المعلومات والتوجيهات التي تهمّ الأطفال في نشاطاتهم وتعاملاتهم مع مختلف مكونات منازلهم ووسطهم الخارجي، وتصف بلعربي هذا الجواز بـquot;الدليل البيئي الثلاثي الأبعادquot;، حيث يُعنى بالتعريف والإرشاد والوقاية.

ووفق منهج بيداغوجي توجيهي شائق، تتضمن هذه الجوازات/الكتيبات أيضا رسومات جذابة وعبارات مُصاغة بحرفية، ناهيك عن إدراج نماذج مشرقة يحتذى بها ضمن طابع تربوي جميل، يُراد من خلاله توعية الأطفال وجلب اهتمامهم إلى البيئة وإدراك مقاصدها السامية، عبر مجموعة متكاملة من النصائح والارشادات، وتوضح بلعربي أنّ الجوازات خصصت صفحة تحذيرية من الآثار الخطيرة لبعض السلوكات السلبية ليس على البيئة فحسب بل الصحة والمحيط العام كذلك.

وتبرز quot;سهام بوردوزquot; الناشطة في ميدان البيئة، إلى أنّه جرى اعتماد جوازات النظافة كأطر رمزية تجعل من البيئة وما يتصل بها من قيم نظيفة تشكّل هوية وماهية الأطفال، ويحتوي جواز النظافة على أيقونات خاصة يتم تعبئتها بالمعلومات الشخصية لحامله، كما يُنصح الأطفال بالمحافظة عليه وجعله وثيقة ملازمة لهم أينما حلوا وارتحلوا.
من جهته، يعدّد د/quot;شاكير قوارquot; فضائل البادرة على رمزيتها، إذ كانت لها ولا تزال آثار لافتة، حيث فضلا عن إثارتها فضول الأطفال الذين أقبلوا بكثرة على اقتناءها، فإنها بثت عدوى إيجابية من حيث مراجعة الكثير من البراعم وأوليائهم لسلوكياتهم، وجعل رواد المدارس يتعاطون بشكل إيجابي مع المحيط من خلال إحياء حملات التنظيف الأسبوعية، وتناقص رمي القاذورات في الشوارع، وهي ظاهرة مقزّزة مشينة.

ويلاحظ قوار وهو أحد أعضاء الطاقم المشرف على العملية، إنّ quot;جوازات للنظافةquot; يمكنها أن تشكّل إحدى الآليات الفعّالة في محاربة هاجس التلويث، ويتصور قوار أنّ هذه الجوازات تقترح حلولا في العمق وعلى المدى الطويل، على نحو يؤهلها لأن تولّد جيلا مستقبليا متشبعا بفضائل تحصين البيئة وحماية المحيط.

بدوره، يدعو quot;محمد لكحلquot; رئيس الجمعية البيئية quot;شمسquot; إلى ضرورة ابتكار صيغ أخرى للتعبئة من أجل حماية البيئة، وعدم الاكتفاء بجوازات النظافة فحسب، ويسوّغ لكحل كلامه بحجم الرهانات والتحديات المفروضة محليا، بفعل تدهور المحيط والتلوث البحري، فضلا عن تكاثر المفرغات العشوائية في المدن والتكديس العشوائي لمختلف أصناف النفايات والمواد المشعّة، بجانب ما يلف الغطاء النباتي والثروة الحيوانية في البلاد.

وتكشف د/بلعربي عن استعدادات حاليا للشروع قريبا في تنفيذ برامج توعية وتحسيس في الأحياء وبتأطير متخصصين لتعزيز ثقافة الوقاية، وتحذير السكان المحليين من مخاطر رمي النفايات في البحر وانعكاساتها السلبية على السلسلة الغذائية البحرية.

وجنحت الجزائر خلال العام الأخير إلى الاعتناء بتأهيل الصغار بيئيا، وهو ما تجلى من خلال الاشتغال على التربية البيئية في المقررات الدراسية، فضلا عن استحداث quot;المزارع البيداغوجية للأطفالquot; وإحياء quot;المسرح الأخضرquot;، وإنشاء ما عُرف بـquot;النوادي الخضراءquot;، في نقلة نوعية استهدفت ما يربو عن الثمانية ملايين تلميذ.

وتشكو المنظومة البيئية في الجزائر من وضع كارثي يشوبه زحف الاسمنت وزوال مظاهر الاخضرار في المدن الكبرى، وما نجم عن ذلك من احتباسات وتهديدات كخطر انقراض الحيوانات والطيور والممارسات الإنسانية الخاطئة التي حولت السهوب الجزائرية إلى مناطق حساسة للتصحر كالرعي الفوضوي والحرث العشوائي والاعتداء على الأشجار والاستغلال المفرط للموارد البيئية.