تشكل أبراج الاتصالات في العراق مشكلة للسكان وللبيئة من خلال نصبها داخل المساكن والمؤسسات الحكومية.


وسيم باسيم من بغدد: سمح أحمد السلطاني لشركة اتصالات بنصب برج اتصالات لشركة موبايل على بناية عالية من أربع طوابق هي من توابع منزله وملاصقة له، مقابل مبلغ 100 ألف دينار شهريا وامتيازات في الاتصالات الهاتفية التي يجريها، اضافة إلى ميزة أخرى مكنته من الحصول على كهرباء لا تنقطع عن بيته أبدا. لكن حين بدأ الناس يهمسون في أذنه بان الترددات المنبعثة من البرج تسبب أمراضا في الدم، لم يعبأ السلطاني للأمر من أول وهلة، غير أن تزايد التأكيدات من حوله، جعله يستقصي الحقيقة عبر مواقع الانترنت فوجد ان ما بتناقله الناس صحيح إلى حد كبير.

برج اتصالات في منزل عراقي

وتشير دراسات طبية الى ان الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة تسبب جلطات دماغية وقلبية، وأمراضا سرطانية.
وتزداد المداولات حول حقيقة التأثيرات السلبية لأبراج الهواتف النقالة مع انتشارها العشوائي في العاصمة بغداد والمدن العراقية الأخرى.وبحسب خبراء بيئة فان موجات (غير متأينة ) تنبعث من الأبراج وتؤثر في صحة الإنسان، لاسيما وان الكثير من تلك الأبراج غير مرخصة بيئيا.

وفي بعض مدن العراق ومنها الناصرية طالبت دوائر البيئة شركات الهاتف الجوال بينها شركات (اسيا سيل) و (زين) و(أمنية) و(فرات فون)، برفع أبراجها الرئيسية من داخل المدن إلى خارجها بسبب التخوف من التأينات الصادرة منها بموجب إحكام الفقرة رابعا من مادة 12 من قانون حماية وتحسين البيئة رقم 3 لعام 1997 المعدل الذي يحمي البيئة من مخاطر التلوث الإشعاعي.

وفي دول العالم المتقدمة فان ترخيصا بيئيا يجب ان يتوفر لدى الشركة قبل شروعها في نصب أبراج الاتصال. ولا يعرف بالتحديد الحد الأقصى للإشعاع المسموح به في العراق. كما لا تسمح هذه الدول بتجاوز الحد الأقصى المسموح به لحماية السكان من أية إخطار محتملة.

وبينما يدرس السلطاني فكرة الطلب من الجهة المعنية ابعاد البرج من بيته الا انه قلق من انه يخسر مبلغا شهريا فيما لو تقرر ذلك، وهو مبلغ في أمس الحاجة إليه. وفي بغداد رفع مواطنون شكاوى ضد شركات الهواتف، حيث اوقف عمل بعض الأبراج من قبل الجهات المعنية.

وتحاول بعض الشركات التحايل على قانون حماية البيئة بالادعاء ان الأبراج المنصوبة هي أبراج ثانوية مؤقتة، لكن الدلائل تشير الى عكس ذلك.
وتعتبر هيئة الاتصالات والإعلام العراقية، الجهة الرسمية التي تمنح تراخيص توزيع الأبراج لشركات الاتصال. وبحسب مصدر في الهيئة فان هناك حوالي ألف وأربعمائة برج مرخصة بيئيا.

ويقول حسين المتوكل من شركة زين للاتصالات ان ابراج الشركة مرخصة بيئيا وان خطط التوسع ستأخذ في الاعتبار نظافة البيئة.
وغالبا ما تختار شركات النقال أماكن عالية لتطل منها الابراج على اوسع حجم ممكن من المدينة لغرض التغطية الأوسع والأقوى.
وغالبا ما تزرع الهواتف داخل المدينة بين الاحيان السكنية وبين البيوت بعدما يتم الاتفاق بين الطرفين حول ذلك.
وتلقى احمد الزبيدي في الحلة (مركز محافظة بابل تقع على بعد 100 كم جنوب بغداد)عرضا مغريا لنصب برج اتصالات جديد فوق البناية التي يمتلكها والمؤلفة من خمسة طوابق، وقال لquot;إيلاف quot; أنه يدرس العرض لكنه سيقبله في النهاية على اكثر تقدير.

ويرغب كثير من المواطنين تأجير سطوح البنايات العالية لشركة الاتصالات في بيته باعتبارها فرصة جيدة للحصول على مبلغ شهري ثابت من الشركة اضافة الى امتيازات في الاتصالات التي يجريها، غير عابئ بمخاطر الموجات المنبعثة على الصحة..

ويتهم كامل احمد من مدينة المحاويل (30 كلم شمالي مدينة الحلة جنوب بغداد)، برج الجوال الملاصق لمنزله بانه السبب وراء اصابة ابنه بسرطان الدم (اللوكيميا).
لكن احمد يتردد في اقامة دعوى قضائية ضد الشركة لانه لا يمتلك الأدلة على ذلك، وحتى الأطباء الذين يعالجون ابنه رفضوا تزويد ه بتقرير يؤكد صحة ما ذهب اليه. لكنه سمع من الأطباء ان الترددات المنبعثة لها تأثيرات سلبية على البيئة، وهي بشكل عام ربما تكون سببا في الإصابة بمرض اللوكيميا، لكن لا احد يستطيع الجزم بذلك.
ويسبب الزرع العشوائي لأبراج الاتصالات بعد العام 2003 داخل الاحياء السكنية، الى تشويه منظر المدن، كما انعكست اثار ذلك البيئة.
ويقترح الخبير البيئي سالم احمد أن تنصب الأبراج خارج النطاق العمراني للمحافظة على صحة المجتمع لان محطات الهاتف المحمول تشكل مجالا راديويا يسبب نقصا في القدرة الذهنية وتؤثر في خصوبة النساء.

ويقول احمد ان الظاهرة الأبرز في مظهر المدن العراقية انتشار أبراج الجوال فيها على نطاق واسع لكنه يرى ان المسافة بين محطات المحمول والاحياء السكنية يجب ان لا تكون اكثر من 100 متر بحسب المواصفات العالمية، وهذا لا يتوفر في العراق.

ويشير احمد الى ثلاثة أبراج تعلو التجمعات السكانية في شارع السعدون وكيف انها ndash; بحسب تقديره ndash; لا تلائم الشروط المذكورة.
وعلى رغم الانتشار الواسع للأبراج واعتلائها الأماكن العالية في الأحياء السكنية والتجارية الا ان خدماتها متدنية، كما ان المبالغ التعويضية التي تمنحها لأصحاب البنايات التي تعلوها الأبراج مبالغ ضئيلة جدا.