اختيرت منطقة تيميمون (أقصى جنوبي غرب الجزائر) عاصمة عالمية للصحاري، لكن ارتسامها يصطدم بزحف رقعة التصحر واحتباس مخزونها الهائل من المياه الجوفية التي تزال راكدة.

كامل الشيرازي من الجزائر: يشيد quot;معلم دحانquot; وهو مسؤول محلي على مستوى مدينة تيميمون، بالتنوع البيئي للمنطقة وامتلاكها عديد الخواص التي تؤهلها لتصدر المناطق المحلية الجافة.

وبحسب دحان، فإنّ تيميمون تشكل نموذجا في مجال مواجهة التحديات المناخية بالمناطق الصحراوية والجافة، إذ يصفها ابن المنطقة quot;عبد المجيدquot; بالواسعة الدور التي تزاوج بين الغنى والخصوبة، كما تتوفر المنطقة على قدرات ممتازة تسمح لها بالتحوّل إلى أحد أهم الأقطاب الصحراوية في العالم، حيث تستوعب تيميمون 423 ألف نسمة، وتمكن ساكنوها من الحفاظ على فضاء معتبر يمتد إلى حدود 337 ألف هكتار بينها 29 ألف هكتار من المساحات المسقية.

والزائر لصحراء تيميمون، يلحظ تلك الهضاب والتلال الصغيرة ذات التربة الحمراء المترامية، مثلما تتوفر المنطقة على قصور عتيقة متألقة بجمالها، وتشتهر تيميمون بواحاتها على منوال الواحة الحمراء نسبة إلى لونها الأحمر الوهّاج.

في مقام خاص، تتمتع تيميمون التي تلقبّ بـquot;عروس الصحراءquot;، بمخزون ضخم من المياه الجوفية يقدر مخزونها ما بين 30 و40 ألف مليار متر مكعب، بهذا الصدد، يبرز quot;عمر عليانquot; احتواء تيميمون على طبقة مائية معتبرة تدعى النهائي القاري وتمتد إلى جهات أخرى في الجنوب على مساحة أكثر من مليون كم مربع، وتوجد مياه هذه الطبقة على مستوى غير عميق وتتميز بالجودة والبرودة، إلاّ أنّ نسبة الملوحة تزداد نوعا ما، وبدأت الطبقة السطحية من هذه المياه تتعرض للتلوث جرّاء المياه الآسنة الراكدة ما يربك استغلال هذا السائل الثمين.

إلى ذلك، يشدد خبراء على أنّ تيميمون بمقوماتها الإيكولوجية الهامة، تمثل فرصة لا يجب تضييعها لتحسين الاستثمار الطبيعي وتحقيق فاعلية اقتصادية من خلال تحسين استعمال الموارد الطبيعية، ويلاحظ quot;شريف رحمانيquot; الوزير الجزائري لتهيئة الإقليم والبيئة إنّ تيميمون بالخواص التي تحوزها، تسهّل أي استثمار في التنمية المستدامة من أجل حماية الصحراء وتنميتها، خصوصا وأنّ الأمر يتعلق بعدد معتبر من الأشخاص المستقرين في المناطق الصحراوية.

وأكد رحماني أنّ الرهان يكمن حاليا في المحافظة على تراث صحراء تيميمون وثراءها البيولوجي، سيما مع استمرار وجود شبح التصحرّ في عموم المناطق الصحراوية، ما يهدّد بزوال ثلثي الأراضي الصالحة للزراعة.

ضمن هذا المنظور، يحذر المتخصص quot;نجيب زبيشquot; من خطر تدهور نسيج الواحات وانجراف الأراضي بفعل التصحر، في حين يسجّل الخبير quot;رشيد عزريquot; أنّ مساحات كثيرة مهددة باتساع ظاهرة التصحر، إذ يتواجد وعاء غير قليل قاب قوسين أو أدنى من هاجس التعرية بسبب الرياح، وما يرافق الظاهرة من انزلاقات متتالية للتربة وتنامي الملوحة وارتفاع منسوب المياه في الغيطان الصحراوية.

ويقول quot;أمين مدّاسquot; إنّ التصحر ينذر بتداعيات وخيمة على تيميمون كما غيرها من المناطق، حيث تواجه ثروة الجزائر من الماشية مخاطر جمة في ظل السوداوية التي تغلّف 20 مليون هكتار من الأراضي الرعوية، ما يعني ارتهان لمصير حوالي 16 مليون رأس من الأغنام، بفعل الزحف المستمر للرمال أضف إلى انعدام أي حواجز تحول دون تصحر مساحات إضافية، وما يزيد الطين بلّة، انحلال الغطاء النباتي بجانب قلة الأمطار وحالة شبه الجفاف التي تتعرض لها الجزائر منذ سنوات عديدة، ويجزم خبراء أنّ الحل كامن في وضع سياسة واضحة تضع حدا للنزيف الواقع، من خلال وضع آليات عملية تكفل تأمين الأراضي وكذا الواحات.