تعبق مدينة سامراء الواقعة على ضفة نهر دجلة اليسرى ، (135 كم شمال بغداد) بالتاريخ العباسي ، اذ تضم هذه المنطقة آثارا كثيرة تعود الى هذه الحقبة التاريخية التي ازدهرت فيها المدينة، وما يميزها كوجهة سياحية مهمة ، انها العاصمة الاسلامية الوحيدة التي لا تزال تحافظ على آثارها.

تقع أغلب آثارمدينة سامراء التي شيدها الخليفة المعتصم بالله ثامن الخلفاء العباسين في عام 221 ه / 836 في سهولً واسعة تحتضن نهر دجلة ، كما تقطع مئذنة سامراء الملوية رتابة الفضاء ، كصرح تاريخي عملاق يحرص الجميع على زيارته والتقاط الصور عنده . ولا تبتعد المدينة كثيرا عن العاصمة بغداد مما جعلها مقصدا لكثيرين ممن يزورون بغداد أيضا ، حيث تجذبهم المئذنة الملوية ، والقبتان الذهبيتان المشهورتان في قبري الإمامين علي الهادي والحسن العسكري .
لكن سامراء إضافة الى إرثها الآثاري ، فانها تشكل ركنا مهما في السياحة الدينية ، اذ يزورها سنويا الآلاف من المسلمين ، مما يجعلها تزدحم بالزوار طيلة أيام السنة ، الذين ينظمون رحلات لزيارة الآثار الأخرى بعد انقطاع لعدة سنوات بسبب الأحداث الأمنية المضطربة. ويتوقع الخبير السياحي رضا السامرائي ان تشهد المنطقة اقبالا سياحيا لم تعرفه طيلة العقود المنصرمة بسبب الانفتاح الذي يمر به العراق وقدوم الكثير من زوار العتبات المقدسة الذي يغذي السياحة الاثارية ايضا .
ويبدي السائح حسن محمد من لبنان إعجابه بالمنطقة ، بعدما وصلها ضمن مجموعة سياحية تضم أربعين شخصا.يقول محمد : لمست عمليات إعمار قائمة في المدينة ، لا سيما مرقد الامامين العسكريين .
ويتابع : قررت المجموعة السياحية زيارة المئذنة الملوية أيضا ، إضافة الى آثار تاريخية اخرى. ويشير السامرائي الى ان مدينة سامراء لا تعتمد بمرور الزمن على السياحة الدينية فحسب في تطوير اقتصادها بل على السياحة الاثارية بشكل عام لاسيما وانها من المناطق العراقية الغنية بالآثار من جميع العصور لاسيما العصر الاسلامي .
وأضاف: زرنا أيضا المئذنة الملوية في جامع أبي دلف الواقع شمال المدينة ، والتي بناها الخليفة جعفر المتوكل بارتفاع 20 مترا وتدور أربع دورات باتجاه معاكس لعقرب الساعة .
وفي حين تتركز أغلب الخدمات للسواح في مركز المدينة فان أغلب السائحين يفضلون جولات قصيرة حول المناطق الآثارية. يقول السامرائي : يبكر الزائر في جولته خارج مركز المدينة ، حيث ترتفع درجات الحرارة في الصيف الى مستويات قياسية .
ويلمح المراقب أفواجا سياحية بعضها أجنبية بدأت تتوافد على المدينة ، وهي على ندرتها الى انها في ازدياد حيث تُقبل على التجول في قصور الخلفاء مثل قصر العاشق والقصر الفوقاني ،وقصر البلوراه ، ،وقصر البديع . كما اكتسبت سامراء أهمية جديدة بإنشاء بحيرة بحيرة الثرثار من أجل وضع حد للفيضانات.
والمئذنة الملوية في سامراء من أهم المعالم الآثارية شكلها مخروطي وبناها المعتصم كمنارة للمسجد الجامع. ويمكن للسائح الصعود الى قمتها بواسطة سلم حلزوني في اتجاه معاكس لعقرب الساعة .
جدير بالذكر ان الأونيسكو ضمت سامراء في العام 2007 إلى قائمة مواقع التراث العالمي المهددة بالخطر. ومما سيساهم في تنمية السياحة الآثرية في المدينة ، تأهيل مبنى متحف سامراء للتراث الذي يحتوي على قطع أثرية ثمينة ونادرة ، بحسب مدير آثار سامراء عمر عبد الرزاق الذي قال ان اعادة افتتاح المتحف سيزيد من اهتمام السائحين بزيارة المدينة .
ويضم المبنى الجديد أربعة أقسام تحتوي على اكتشافات آثارية تعود الى نحو ألفي سنة وتشمل مخطوطات ورقع جلدية وخرائط تلقي توضح مراحل نشوء المدينة .
من جانب آخر يشير أحمد سعد من تكريت الى ان الكثير من العراقيين لاسيما اهالي المناطق القريبة من سامراء ، يحرصون لاسيما في المناسبات الدينية على زيارة الامامين العسكريين ، في جولة سياحية ودينية يعرجون فيها ايضا عل الاثار الكثيرة في المدينة مثل جامع الملوية و قصر العاشق وقصر الخلافة وجامع ابودلف وكذلك تل الصوان الذي يقع في جنوب المدينة بعشرة كيلو مترات وهو من اقدم المواقع الأثرية في العالم .
ويقول محمد حسن وهو متعهد زيارات الى أنه شرع مع مجموعة عمل بتنظيم زيارات الى المدينة في كل من ايران ولبنان وسوريا ، مؤكدا ان هذا لا يشمل زيارة المراكز الدينية فحسب بل يشمل كل آثار المدينة .
ويتابع : هناك حركة سياحية واسعة في سامراء بدأت تؤتي ثمارها ، اذ يلمح المرء الكثير من الافواج السياحية الاجنبية التي تجوب المدينة . ويتابع : لا يجد المرء صعوبة في عمل جولة عبر الكثير من المواقع الاثرية نظرا لقربها من المدينة اضافة الى ما يتمتع به اهالي المدينة من كرم وحسن استقبال للزوار. ويشير السائح عامر كامل من لبنان الى انه لمس حماية أمنية جيدة للمكان لكنه يأمل في تحسن الخدمات التي تفتقر لها الأماكن التاريخية خارج المدينة.