قتل اللبناني جان ديب زوجته نسرين روحانا، ورماها في نهر، قبل أن يسلم نفسه ببرود، بعدما تحملت إدمانه وتعنيفه 20 عامًا.


بيروت: احتفلت نسرين روحانا بميلادها السادس والثلاثين في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، من دون أن تفكر أن هذا هو الميلاد الأخير الذي تحتفل به. فقد قتلها زوجها جان ديب بعد 11 يومًا برصاصتين، واحدة قرب قلبها وثانية في عينها اليسرى، ورمى بجثتها في نهر ابراهيم.

عاد من مشواره "الجنائي"، وكأنه لم يقتل زوجته بوحشية، وكأنه لم يرمِها قتيلة في النهر. اغتسل من دمها، وترك ثيابه المدماة في غرفة الغسيل، ليسلم نفسه للسلطات الأمنية معترفًا بما جنته يداه.

تحملت عقدين من العذاب

كانت نسرين تعمل في شركة لوريال لمستحضرات التجميل في مجمع ABC بمنطقة الأشرفية شرق العاصمة اللبنانية بيروت. أمام المجمع انتظرها جان قرابة نصف ساعة، ثم خطفها تحت تهديد السلاح، لتعود إلى منزلها جثة هامدة. وجان زوج نسرين منذ نحو 20 عامًا، أنجبت منه ولدين، لكنها عاشت عقديها هذين متحملة إدمانه وعنفه ولا مسؤوليته.

تحملت طويلًا، حتى فاض بها الكيل في آيار (مايو) الماضي، فتركت المنزل الزوجي ولجأت إلى أحضان عائلتها.

روى جوزف روحانا، والد القتيلة، لصحيفة النهار اللبنانية بأن جان كان يراقب تحرّكاته وتحركات ابنته منذ شهر تقريبًا، بحسب ما قال جان في التحقيق، "فرآني عندما وصلت إلى المنزل في التاسعة والنصف صباحًا، لأعطي السيّارة لابنتي فتذهب إلى عملها، في حين أخذت سيّارتها بداعي التمويه خوفًا منه، فسبقها إلى الأشرفية".

قال لوالدته

أخذت نسرين سيّارة والدها ومعها صديقتها، وذهبتا إلى العمل. ما إن وصلت وترجّلت منها، حتى ركض جان نحوها وسلبها حقيبتها وهدّدها بالمسدس. ركبت معه في السيّارة، بينما هربت صديقتها وأبلغت الشرطة.

في التحقيقات، اعترف القاتل بأنه خرج من منزله صباحًا حاملًا مسدسًا وسكينًا. قال لوالدته إنه سيقتل نسرين، وعاد إلى المنزل بعدما قتلها. في مخفر غزير، قال إنه رمى جثة نسرين في بلاط بجبيل، فلم يعثروا عليها هناك. إلا أنه اعترف أخيرًا بأنه رماها في نهر ابرهيم. وهناك، عثروا عليها، نصفها في النهر ونصفها معلق بشجرة".

ويتهم والد نسرين والدة جان بأنها علمت بنيته قتل ابنته، ولم تحاول ثنيه أو التبليغ عن الأمر لمنع وقوع الجريمة.

مدمن وعاطل عن العمل

في آيّار (مايو) الماضي، ضربها وعنّفها وطردها من المنزل، كما يقول الوالد المفجوع، "فعلمنا حينها ما كان يحصل معها، وإدعينا عليه، فتحوّل المحقّق إلى كاهن وبدأ يعظها، علمًا أنها لم تصل إلى هذه المرحلة إلّا بعدما ذاقت منه الأمرّين".

يضيف الوالد: "أصدروا بحقّه مذكرة بحث وتحرٍّ، لكنه هرب إلى مستيتا في جبيل، وأخذ الأولاد ووالدته معه، ولاحقًا علمنا أنه كان يرسل أولاده ليستدينوا المال من الناس ليصرف على نفسه، فهو عاطل عن العمل، وكانت ابنتي تصرف عليه. وبعدها استطعنا الحصول على قرار حماية ونفقة لابنتي، وأخذت حقّ رعاية الأولاد، على أن يخضع هو لجلسات علاج من الإدمان. لكنّه كرّه الأولاد بوالدتهم ولم نستطع جلبهم للعيش معنا. وكان طوال الفترة يهدّدها بالقتل وبأولادها وعائلتها".

كان جان يتعاطي المخدّرات في المنزل، ويضربها باستمرار من دون أن يراه الأولاد، وكانت هي تعمل وتصرف عليه وعلى الأولاد. عندما لجأت إلى عائلتها، أمن والدها لها الحماية من تهديداته، وأبلغ القوى الأمنيّة، التي لم تأخذ تهديداته على محمل الجدّ.

ضحايا

نسرين روحانا ليست الوحيدة. ففي 10 كانون الثاني (يناير) 2014، تعرضت فاطمة النشار، الحامل، للضرب المبرح بيد زوجها وشقيقه وحماتها، ونقلت عل الاثر بحالة حرجة جداً الى المستشفى الاسلامي الخيري. وفي 4 شباط (فبراير)، تشاجر محمد النحيلي وزوجته منال عاصي فضربها بطنجرة ضغط مرات على رأسها، فسقطت مضرّجة بدمائها أمام عيون إبنتيها تالا وسارة.

وفي 16 من الشهر نفسه، توفيت كريستال أبو شقرا مسممة بالديمول، ووجهت عائلتها أصابع الاتهام لزوجها. وبعد يومين، اتهمت الشرطة في سيدني اللبناني جورج طنوس بقتل زوجته مارغريت.

في 7 آذار (مارس)، أقدم الشاب أ. ب. على طعن شقيقته، وهي في العقد الرابع من العمر، في عنقها بمنزلهما في البسطة التحتا، وتم نقلها الى المستشفى. وفي 21 منه، أطلق محمد حسن منذر الرصاص على زوجته الحامل رقية أسعد منذر لأنها طلبت الطلاق، احتجاجًا على استمراره في ضربها.

وفي حزيران (يونيو) نجت تمارا حريصي من الموت ضربًا على يد زوجها.

زلفا

وكانت منظمة "كفى عنف واستغلال" أطلقت حملة "زلفا"، لمتابعة تطبيق قانون 293 لحماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، بالصيغة التي أقر بها، والاستفادة من المواد التي لم يطلها تشويه اللجان النيابية في البرلمان اللبناني.

وتطرح حملة "زلفا" أسئلة شائعة تجول في ذهن أي امرأة تتعرّض للعنف، وتتولى المنظمة الإجابة عنها ببساطة، وفقًا لنص القانون، كي تعرف نساء لبنان حقوقهن والخيارات القانونية المتاحة أمامهن اليوم.

ونقلت تقارير صحافية عن المحامية في المنظمة ليلى عواضة تأكيدها نجاح كفى في الحصول على 14 قرار حماية لنساء معنفات، في ظل قانون يرفض إعطاء المرأة حقًا حصريًا في طلب الحماية من أجهزة الدولة المدنية.

لكن يبدو أن هذا لم يحمِ نسرين من رصاصتي زوجها.