أكّد الأردن والولايات المتحدة أن الجهود في الحرب على الإرهاب ليست عسكرية فقط، بل هي جهود دبلوماسية، واجتماعية، وسياسية، وهي معركة لكسب العقول والقلوب ومحاصرة المتطرفين في الإقليم.

نصر المجالي: في قمة جمعتهما في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، يوم الجمعة، بحث العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس الأميركي باراك أوباما، علاقات التعاون والشراكة الاستراتيجية الأردنية الأميركية وسبل تعزيزها في مختلف المجالات.

كما تم تجديد مذكرة التفاهم بين البلدين لمدة 3 سنوات، حيث أعلن الرئيس الأميركي عن زيادة المساعدات للمملكة الهاشمية بقيمة مليار دولار سنويا، إضافة إلى تقديم الولايات المتحدة للأردن حزمة ثالثة من ضمانات القروض.

وحسبما صدر عن البيت الأبيض والديوان الملكي الأردني، فقد تناولت القمة التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، لا سيما مساعي تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وجهود المجتمع الدولي في التصدي للتنظيمات الإرهابية، والتعامل مع مستجدات الأزمة السورية، ومجمل تطورات الوضع في العراق.

تصريحات مشتركة

وفي تصريحات صحافية مشتركة بعد القمة، نقلتها وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، شكر العاهل الهاشمي، الولايات المتحدة على الدعم السخي للأردن وللموازنة الأردنية عبر تجديد مذكرة التفاهم بين البلدين، "والتي تأتي في وقت دقيق جداً إذ نستضيف قرابة مليون ونصف لاجئ سوري، أي نحو 20 بالمئة من السكان".

وفي ختام اللقاء مع الرئيس الأميركي، قال الملك عبدالله الثاني: "أشكركم فخامة الرئيس نيابة عن الجميع، كما أشكركم والشعب الأميركي والكونغرس على الدعم السخي الذي أشرتم إليه للتو، وهو دعم كريم للأردن وللموازنة الأردنية عبر مذكرة التفاهم بين البلدين، ويأتي في وقت دقيق جداً إذ نستضيف قرابة مليون ونصف لاجئ سوري، أي نحو 20 بالمئة من السكان، وهذا سيكون له أثر مهم جداً على شعبنا على مختلف المستويات. أكرر الشكر الجزيل لكم ولشعبكم على هذا الدعم الذي يأتي في وقت مهم جداً لبلدنا".

وأضاف: "الأردنيون والأميركيون يقفون جنباً إلى جنب ضد التطرف منذ سنوات، ولكننا نرتقي إلى مستوى جديد في العلاقة عبر التحالف ضد داعش، وقواتنا فخورة بالعمل سوية لمحاربة هذا التنظيم في سوريا والعراق، ونحن نعمل معا لدعم أصدقائنا في العراق وفي الحكومة العراقية، وهذا أمر سنستمر به بكل اعتزاز".

وتابع: "وكما أشار فخامة الرئيس، فنحن ملتزمون، وعلى مدى طويل، في دعم الوصول إلى حل سياسي شامل للأزمة السورية، والعملية ماضية في طريقها، وقد خصصنا جزءا من نقاشاتنا حول كيفية التقدم في هذا المجال".

وقال العاهل الهاشمي: كما أود أن أشكر الرئيس لجهوده المتواصلة للتقريب بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فنحن بحاجة لإيجاد حل بينهما، خاصة وأننا نمضي في مواجهة التحدي العالمي المتمثل في الإرهاب والتطرف الذي نواجه جميعا: كمسلمين ومسيحيين ويهود وبوذيين وهندوس، كلنا جميعا في هذه المعركة ضد قوى الشر.

ونبه الى& إنها معركة مستمرة لأجيال، نحارب فيها جميعا الإرهاب والتطرف في العالم أجمع، ولذا علينا جميعا الاتحاد في صف واحد، ونحن فخورون جداً بالعلاقة المتميزة مع الولايات المتحدة، والتي كما أشار فخامة الرئيس لا تنحصر فقط بالجهود ضد داعش، بل تمتد لتشمل الإقليم. إنني فخور جداً بهذه العلاقة، وبصداقتنا الشخصية، وبرؤية الرئيس للتصدي للمعاناة التي تواجهها شعوب المنطقة، والتزامه الثابت في دعم المسلمين في العالم كله لمواجهة الإرهاب والتطرف".

ترحيب أوباما

من جانبه، أكد الرئيس الأميركي استمرار العمل ضمن مذكرة التفاهم بين البلدين، وزيادة المساعدات إلى مليار دولار سنوياً، إلى جانب تقديم ضمانات قروض إضافية للأردن لتعزيز الإصلاحات الاقتصادية والسياسية في المملكة.

وقال أوباما: "إنه لمن دواعي سروري أن أرحب مجددا بصديقي جلالة الملك عبدالله والوفد الأردني هنا في المكتب البيضاوي، الأردن هو أحد شركائنا الأكثر فاعلية وقدرة وتصميما، ليس فقط في الشرق الأوسط بل على مستوى العالم. علاقتي الشخصية القوية مع جلالة الملك أمر أقدره عالياً، وأثمن دائماً الحديث معه والاستماع إلى صراحته وصدق نصيحته".

وقال الرئيس الأميركي: كان بيننا حديث موسع حول مختلف التحديات التي تواجهنا في المنطقة، وفي مقدمة ذلك كانت جهود محاربة داعش في كل من العراق وسوريا. يعد الأردن شريكا قويا في التحالف ضد داعش وهزيمتها.

والقوات الأردنية تعمل جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة وجيوش من مختلف دول العالم في التحالف ضد داعش، محققين بذلك تقدما، قد يكون بطيئا لكنه ثابت، في مساعدة بغداد ضد داعش، ومساعدة المعارضة المعتدلة داخل سوريا لاستعادة ما حققته داعش. نحن ندرك بأن هذا الجهد سيكون طويل المدى وهو تحد متعدد الجوانب، لكننا متفائلون جداً بنجاح هذه الجهود. وقد عبرت عن عميق تقديري لجلالة الملك على الجهود التي يبذلها منتسبو القوات الأردنية.

الحرب على الإرهاب

وأضاف: كما أتيحت لدينا فرصة الحديث عن حقيقة أن الجهود في الحرب على الإرهاب ليست عسكرية فقط، بل هي جهود دبلوماسية، واجتماعية، وسياسية، وهي معركة لكسب العقول والقلوب ومحاصرة المتطرفين في الإقليم، وأعتقد أن الأردن يقوم بدور ريادي في هذا المجال. وقد شاركني جلالة الملك بعض الأفكار حول جهود التحرك ضمن العالم الإسلامي، وبما يضمن مساعدة غالبية المسلمين المحبين للسلام للمساهمة في محاصرة فكر المتطرفين، ضمن مجتمعاتهم وضمن الإقليم، خطوة بخطوة للقضاء على هذه الظاهرة التي ألحقت أضرارا كبيرة بالمنطقة.

وتابع الرئيس الأميركي: لقد كانت لدينا أيضاً فرصة مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الأهمية، ولدينا القلق نفسه حيال استمرار التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين. لطالما شكل الأردن شريكا في العمل معنا في الوصول إلى حل الدولتين وتحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، خاصة في ظل تبعات ما حدث في غزة وأخيرا القدس. إن البيئة الحالية غير محفزة لمبادرات السلام التي نود رؤيتها، ولكن سنستمر في تبادل الأفكار، آخذين بالاعتبار بأنه وفي نهاية المطاف سيكون في مصلحة الفلسطينيين والإسرائيليين العيش جنبا إلى جنب بأمن وسلام، وأن يكون للفلسطينيين دولتهم الخاصة.

المحادثات مع إيران

وأشار أوباما الى انه وضع العاهل الأردني في صورة المحادثات مع إيران، "وأشرت له أننا نفضِّل عدم الوصول إلى اتفاق على أن نصل إلى اتفاق سيئ، ونحن حريصون على منع حصول إيران على قدرات نووية، ومنح إيران الفرصة للعودة إلى المجتمع الدولي. وحول ما&إذا& كانت إيران حريصة على اغتنام هذه الفرصة أم لا، فما زلنا غير قادرين على تحديد ذلك، ولكن سنستمر في محاولاتنا خلال الأشهر المقبلة، وسنستمر في وضع الأردن بصورة آخر التطورات".

وقال الرئيس الأميركي: كانت لدينا أيضا فرصة مناقشة بعض القضايا الأمنية المهمة التي تتجاوز سوريا والعراق ومن بينها حركة بوكو حرام، وحركة الشباب، وما يجري في شمال أفريقيا، وكيفية تعزيز التحالفات لتكون أكثر فاعلية لمواجهة الإرهاب أينما ظهر.

أعباء الأردن

وقال أوباما: "ولأن الأردن شريك في غاية الأهمية، وحيث أنه يتحمل أعباءً هائلة، بما فيها استضافة مئات الآلاف من اللاجئين الذين تم تهجيرهم بسبب الحرب الأهلية في سوريا - وأنا فخور جداً بالدعم الموصول الذي نوفره للأردن، وهو بلد متواضع بموارده ولكنه يرتقي دائماً إلى مستوى المسؤوليات ويلبيها - وبناء على ذلك، قلت لجلالته أننا سنستمر في العمل ضمن مذكرة التفاهم، ولكننا سنقوم أيضاً بزيادة المساعدات إلى مستوى مليار دولار سنوياً، وسنزود الأردن بضمانات قروض إضافية، وجميعها بهدف تعزيز الإصلاحات الاقتصادية والسياسية الجارية حالياً في المملكة، وبما يمكن شعب الأردن من الازدهار والاعتماد على الذات، وأن يكونوا بمثابة الرافعة للجهود المهمة في دعم علاقاتنا على المدى البعيد".

وختم الرئيس الأميركي قائلاً: "جلالة الملك، أنت صديق وحليف عزيز جداً، ونقدر عاليا هذه الزيارة، ونتمنى لك ولأسرتك الخير دائما. إن ابن جلالته، سمو ولي العهد، يدرس هنا، وقد أنهى فصله الدراسي للتو، وأتمنى له إجازة سعيدة. حيث سيعود إلى الامتحانات بعد الإجازة. وقد كان من الرائع رؤية جلالته وسموه".

وحضر المحادثات ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، وفايز الطراونة رئيس الديوان الملكي الهاشمي، وناصر جودة وزير الخارجية وشؤون المغتربين، وجعفر حسان مدير مكتب الملك، وعبدالله وريكات مستشار الملك مقرر مجلس السياسات الوطني، والسفيرة الأردنية في واشنطن، فيما حضرها عن الجانب الأميركي نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، ومستشارة الأمن القومي سوزان، وأليس ويلز السفيرة الأميركية في عمان، وعدد من كبار المسؤولين الأميركيين.