&
ترددت أنباء حول نية قطر تسليم الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ضمن صفقة المصالحة مع مصر برعاية المملكة العربية السعودية، إلا أن المكتب الإعلامي للإتحاد نفى تلك الأنباء. فيما قال خبير سياسي إن عملية تسليم القرضاوي لمصر تشوبها الكثير من التعقيدات، مستبعدين إقدام الدوحة على تسليمه للقاهرة، ولكن إسكات صوته الناقد للنظام المصري فقط.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: تداولت أنباء في مصر حول قرب تسليم قطر الشيخ يوسف القرضاوي لمصر، ضمن المصالحة التي ترعاها المملكة العربية السعودية بين البلدين، لإغلاق ملف الخلافات بينهما، الذي نشبت على أثر تدخل الجيش بقيادة عبد الفتاح السيسي، للإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، واستضافة الدوحة لقيادات جماعة الإخوان المسلمين المعارضة، وفتح قنوات الجزيرة لإنتقاد مصر والسيسي وتسمية التغيير الذي أزاح مرسي بـ"الإنقلاب العسكري".
وقالت الأنباء إن أمير قطر تميم بن خليفة، وافق على تسليم القرضاوي إلى مصر، تنفيذًا لمذكرة الأنتربول الدولي، التي قدمتها مصر، بعد إتهامه في قضايا التحريض على العنف والقتل.
الكريسماس حرام
تأتي تلك الأنباء متزامنة مع إنتقاد القرضاوي للسلطات في قطر، بسبب السماح باحتفالات أعياد الميلاد "الكريسماس". وقال في خطبة له: "شجرة الكريسماس ليس لها أصل عندنا في الإسلام، ولكن مظاهر الاحتفال في بلاد المسلمين تظهر كأننا في بلد أوروبي مسيحي".
ويرى مراقبون أنها المرة الأولى التي يهاجم فيها قطر علانية، ما رجّح الأنباء التي تحدثت عن قرب تسليمه إلى مصر. وقال القرضاوي في خطبته: "لم نر في قطر مظاهر احتفال بالمولد النبوي أو عيد الأضحى في محال المسلمين، بعكس الاحتفال بعيد الميلاد". وتابع: "في قطر وبعض بلاد المسلمين لا يحتفلون بمولد محمد، ويعتبرونه بدعة، ولا نأخذ إجازة في هذا اليوم، ونحتفل بعيد الكريسماس، ونقيم شجرة طولها 4 أمتار، الأمة تتنازل عن شخصيتها الإسلامية".
"علماء المسلمين" ينفي
في المقابل، نفى المكتب الإعلامي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي يترأسه القرضاوي هذه الأنباء "جملة وتفصيلاً". وقال في بيان له: "ينفي المكتب الإعلامي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين كل ما نشر اليوم في بعض المواقع الإخبارية المصرية وغيرها حول تسليم العلامة الشيخ يوسف القرضاوي إلى مصر بوساطة دولة قطر"، مشيرًا إلى أن "الشيخ يمارس عمله الطبيعي في مكتبه في قطر، وهو في صحة وعافية وحرية بفضل الله تعالى".
ودعا المكتب الإعلامي "جميع الوسائل الإعلامية إلى تحري الدقة في ما تنشره عن الاتحاد أو الشيخ يوسف القرضاوي، وعدم اختلاق الأكاذيب والافتراءات، ويطالب العالم أجمع بالحصول على المعلومات من مواقعنا وصفحاتنا الرسمية، سواء للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أو لرئيسه فضيلة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي".
مخبر أمن دولة
فيما اتهم عصام تليمة، مدير مكتب القرضاوي، من وصفه بـ"مخبر أمن الدولة" بإطلاق الشائعات، وقال تليمة في بيان عبر حسابه على "فايسبوك": "هذا الكلام عار تمامًا من الصحة، ومصدره ليس مجهولًا، بل معلوم، حيث إنه مخبر أمن دولة طوال عمره، وعندما يطلب مواطن في دولة خليجية يحاكم في بلده إن صحت الشائعة البلهاء".
وأضاف: الشيخ القرضاوي يحمل الجنسية القطرية منذ سنة 1966م، مشيرًا إلى أن "الشيخ يحظى باحترام وتقدير معظم حكام الخليج، ويوم طُلب في عهد عبد الناصر رفضت قطر تسليمه وبقية الإخوان، رغم أن حكام قطر وقتها كان هواهم السياسي قريبًا جدًا من عبدالناصر". وتابع: "لم تسلم دولة واحدة خليجية مطلوبًا (للسلطات المصرية)، وهم لا يحملون الجنسية الخليجية، بل كان قرارهم رفض التسليم".
تقف تعقيدات قانونية وسياسية وصلات خاصة للقرضاوي بالأسرة الحاكمة في قطر أمام عملية تسليمه إلى مصر رغم المصالحة. وقال الدكتور محمد صلاح الخبير السياسي، لـ"إيلاف" إن تسليم القرضاوي لمصر ضمن المصالحة عملية معقدة.
لا سند قانونيًا
وأضاف إن العملية تحتاج سندًا قانونيًا، ولفت إلى هذا السند غير موجود، وأوضح أن مذكرة الإنتربول ليست إلزامية لقطر بتسليم القرضاوي وقيادات الإخوان الهاربة إلى مصر، مشيرًا إلى أن إتفاقية الإنتربول تمنح قطر الحق في إعادة النظر في الإتهامات الموجهة إلى القرضاوي وغيره من قيادات الإخوان، وإذا رأت أنها غير جدية أو أن تسليم الشخص المطلوب يمثل خطورة على حياته، لا يمكنها فعل ذلك. ولفت إلى أنه رغم المصالحة القطرية المصرية، ورغم إحتمالية أن تبعد الدوحة أو تسلم قيادات الإخوان، إلا أن عملية تسليم القرضاوي مستبعدة.
وأوضح أن القرضاوي يحمل الجنسية القطرية، ويرتبط بصلات قوية مع الأسرة الحاكمة في قطر ودول الخليج، بما فيها السعودية، ولديه تلاميذ في مختلف أنحاء العالم، فضلاً عن أنه طاعن في السن، وهناك خطورة كبيرة على حياته في حالة تسليمه وتعرّضه للسجن في مصر.
ونفى القرضاوي الإتهامات الموجهة إليه في مصر، لاسيما إتهامه بإقتحام سجن وادي النطرون وتهريب قيادات الإخوان أثناء ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، وقال: "أنا أعيش في قطر، ومعي جواز سفر قطري، لا أتحرك إلا به، فهل خرجت من قطر في هذه الفترة؟، هل ذهبت إلى مصر في هذه الفترة أم أنني طرت في السماء؟". وأضاف: "سني 88 عامًا، وعندي أمراض، ولا يمكنني السفر إلا بمرافق أو مرافقين بسبب ظروفي الصحية". وتابع: "أنا حتى لا أعرف هذا السجن المسمى النطرون، وأعجب ممن يصدقون هذا الكلام ويقبلونه، وعليهم مراجعة أنفسهم". وقال: "أشكوهم إلى الله، فهو الذي يعلم الظالم من المظلوم".
&
التعليقات