كابول: ما يزال 30 جنديا افغانيا متمركزين في قاعدة سياه تشوي في جنوب البلاد اثر انسحاب قوات حلف شمال الاطلسي بعد 13 عاما من انتشارهم في افغانستان متعهدين الصمود في مواقعهم رغم انسحاب القوات الاميركية.

وهناك كرسي وبعض السخانات اضافة الى بعض الخرائط التي تدل على وجود اميركي سابق في القاعدة الواقعة في ولاية قندهار،مهد طالبان واحد معاقلهم، والتي شهدت لسنوات قتالا عنيفا بينما كانت قوات حلف الاطلسي تحاول ترسيخ وجودها في المنطقة.

وانتهت الايام التي كانت فيها القوات الاميركية تقود المجندين الافغان عبر حقول الحشيش والخشخاش. وقال اللفتنانت سعيد نظير (40 عاما) وهو ضابط كبير في القاعدة يخدم فيها منذ عام 2009 "رايت الكثير من الاميركيين يأتون ويذهبون--بعض الوحدات بقيت ستة اشهر فقط".

ويتابع "كان القتال في بعض الاحيان عنيفا جدا مع سقوط قذائف على القاعدة واشتباكات مسلحة وغارات جوية. كانت لدينا علاقات جيدة مع بعض الضباط الاميركيين وعلاقات سيئة مع اخرين منهم".

ويضيف نظير "تعلمنا كيفية تسيير دوريات وقدموا لنا اسلحة.لا توجد قوات جوية الان او طائرات مروحية لنقل الجنود المصابين الى المستشفيات او اي معدات للرؤية الليلية". ويؤكد "نحن على ما يرام،لم تسجل اصابات منذ ان غادر الاميركيون (في اب/اغسطس)الماضي.نأمل ان نواصل ذلك-لقد خسرت 12 زميلا من المقربين في السنوات الخمس الاخيرة".

وقد انهى الحلف الاطلسي الاحد رسميا خلال احتفال وداعي عملياته العسكرية بعد استمرارها 13 عاما في افغانستان التي ما زالت تشهد حركة تمرد عنيفة. وقاد نظير دورية مشاة في قرية قريبة في اليوم الاخير لعملية استمرت عشرة ايام مع 1200 جندي و 300 شرطي.

وتصرف الجنود باحتراف خلال انتشارهم بين مزروعات الحشيش وتخلصوا من محاصيل الخشخاش الذي يجعل قندهار مركزا لتصنيع الافيون في العالم. ويقول نظير "خلافا للشرطة، نحن لا نزعج سكان القرى في محاصيلهم الزراعية" في اشارة الى حقول الافيون مؤكدا "نريد ان يعمل السكان المحليون معنا".

وتبادلت قوات حلف شمال الاطلسي وطالبان السيطرة على منطقة ضاري& في 13 عاما. وكانت القوات بقيادة كندية سيطرت على المنطقة في عام 2006 ثم خسرتها فورا وقاتلت مرة اخرى في عملية اطلقت عليها اسم "ميدوسا" -والتي تعد اكبر معركة لقوات التحالف قتل خلالها اكثر من الف مسلح في طالبان.

وكانت المنطقة بين عامي 2010 و2011 المكان الرئيسي لنشر تعزيزات عسكرية اميركية امر بها الرئيس الاميركي باراك اوباما وقوامها 30 الف جندي اضافي. وفر العديد من المدنيين من القتال لكن البعض منهم عاد لرعاية الحقول القريبة رغم مخاطر العبوات الناسفة.

واكد الكولونيل غلام حضرت،الضابط المسؤول عن العمليات الاخيرة "تراجع المتمردون ولكن ما زالوا ينشطون حتى اليوم". واضاف "احد المشكلات هي ان الجيش يسيطر يوما ما ثم تقوم طالبان باستعادة المنطقة.وفي العادة فان قوات الشرطة هي اكثر من يعاني من الخسائر البشرية بسبب النقص في المعدات".

وتقع ضاري ايضا قرب الطريق السريع والشارع الرئيسي المؤدي الى مدينة قندهار،عاصمة طالبان السابقة. ويعيش الجنود في قاعدة سياه تشوي وسط التقشف ونظام من الدوريات في الفجر وعمليات التدريب والحراسة ونظامهم الغذائي قوامه الرز والفاصولياء بالاضافة الى بعض اللحوم.

وتنخفض درجات الحرارة في الليل الى ما دون الصفر وينام الجنود في خيم دون تدفئة بينما يوجد مولد كهرباء ضعيف لا يكفي لتشغيل المكيفات الاميركية الصنع. وفي المخيم كهرباء تكفي لخمس ساعات فقط كل مساء،حيث يجتمع بعض الضباط في غرفة نظير لمشاهدة قنوات التلفزيون الهندية.

ويؤكد محمد (18 عاما) وهو اصغر جندي في القاعدة ان "الوضع جيد.احب ان اكون جنديا ولكن سريري في المنزل مريح اكثر". ويوضح الشاب الذي عاد مؤخرا من اجازة لدى عائلته في مقاطعة كونار في الشرق "استغرقت رحلة العودة الى البيت 24 ساعة.اتمنى ان يساعد الجيش اكثر".

واعتبارا من الاول من كانون الثاني/يناير ستحل بعثة "الدعم الثابت" لمساعدة وتأهيل الجيش الافغاني، محل القوة الدولية للمساعدة على احلال الامن (ايساف) التي خسرت 3485 عسكريا منذ 2001.

ومني الجيش والشرطة الافغانيان بخسائر كبيرة تتمثل باكثر من 4600 قتيل في الاشهر العشرة الاولى من 2014، اي اكثر من كل خسائر قوات الحلف الاطلسي منذ 2001.

ومنذ 2001، انفقت مليارات الدولارات من المساعدات من قبل الاسرة الدولية لكنها لم تحقق الكثير نظرا للفساد المستشري في البلاد. وشهدت منطقة ضاري نزاعا منذ الثمانينيات بعد فشل الاحتلال السوفياتي في السيطرة عليها، وسيتم اختبار قدرة الجيش الافغاني في الحفاظ على سياه تشوي.

لكن يبدو ان نظير واثقا من ذلك ويقول في هذا الصدد "اعتقد ان بامكاننا القيام بذلك، نحن اقوى من قبل".