لم تدم الثورة الأوكرانية أكثر من 10 أيام، وذهب ضحيتها 82 قتيلًا فقط، لكنها غيّرت وجه أوكرانيا، ونقلتها من ضفة إلى أخرى.


حين بدأ الحراك الشعبي الأوكراني مغلبًا خيار الانتقال إلى ضفة الاتحاد الأوروبي ومغادرة الضفة الروسية، كان غالب الظن أن المياه بين الضفتين لن تتعكر كثيرًا، لأن الأمر محسوم للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في بلد لن يرتضيه الكرملين خاصرة رخوة له، في صراع الحرب الباردة المستجدة، بين روسيا التي تحاول تسلق مركز القوة العظمى، والولايات المتحدة التي تصارع لتوقف انزلاقها عن مركز القوة العظمى.

لكن الحراك الحقيقي لم يحتج إلى أكثر من عشرة أيام فقط، قلبت أوكرانيا رأسًا على عقب. عشرة ايام فقط غيّرت وجه أوكرانيا، وقد توصل العالم إلى مواجهة مباشرة، انتظرها الجميع في سوريا. عشرة ايام جعلت من شهر شباط (فبراير) 2014 منعطفًا تاريخيًا في سيرة حياة العديد من الأوكرانيين، على رأسهم الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش، وزعيمة المعارضة يوليا تيموشنكو.

قبل هرب الرئيس

في 18 شباط (فبراير)، تظاهر 20 ألفًا في العاصمة الأوكرانية كييف، فحصلت مواجهات قرب مبنى البرلمان، تخللها هجوم قوات مكافحة الشغب لطرد آلاف المحتجين من ميدان الاستقلال، الذي احتله المتظاهرون قبل ثلاثة اشهر.

في 20 شباط (فبراير)، استعاد مئات المتظاهرين المتشددين ميدان الاستقلال، فأطلقت قوات الشرطة الرصاص الحي. وكانت الحصيلة 82 قتيلًا في ثلاثة أيام، بينهم 15 شرطيًا.

في 21 شباط (فبراير)، ابرم يانوكوفيتش والمعارضة اتفاقًا للخروج من الازمة، بضغط من وزراء الخارجية الفرنسي والالماني والبولندي. لكنّ المتظاهرين رفضوا الاتفاق، وواصلوا المطالبة بإسقاط الرئيس.

في 22 شباط (فبراير)، اقال البرلمان يانوكوفيتش، وصوت على الافراج الفوري عن تيموشنكو المسجونة، ودعا إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في 25 ايار (مايو). وفي هذا اليوم، غادر يانوكوفيتش كييف، وانتقل إلى خاركيف على الحدود مع روسيا، حيث احتشد مؤيدوه، رافضين مقررات البرلمان، بينما كانت تيموشينكو تشيد في ميدان الاستقلال بأبطال اوكرانيا من مقعد متحرك أمام 50 ألفًا احتشدوا لتحيتها.

سلطة جديدة

في 23 شباط (فبراير)، جرى انتخاب رئيس البرلمان اولكساندر تورتشينوف رئيسًا انتقاليًا لأوكرانيا، بينما أعلنت تيموشنكو أنها لن تسعى لمنصب رئاسة الوزراء. وقد استدعت موسكو سفيرها في كييف، بينما دعت واشنطن وباريس وبرلين إلى احترام وحدة أراضي أوكرانيا.

في 24 شباط (فبراير)، صدرت مذكرة توقيف بحق يانوكوفيتش، بتهمة أعمال قتل جماعية. وطعنت روسيا بشرعية السلطة الجديدة، ونددت بوسائلها الديكتاتورية.

في 25 شباط (فبراير)، أكدت موسكو أن أوكرانيا ليست مضطرة لتختار بين روسيا والغرب. وترشح فيتالي كليتشكو، بطل الملاكمة السابق وأحد قادة الاحتجاجات، للرئاسة إلى جانب حاكم منطقة خاركيف ميخائيلو دوبكين، الموالي لروسيا. وطلب البرلمان الأوكراني من المحكمة الجنائية الدولية ملاحقة يانوكوفيتش بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية.

التهديد الروسي

في 26 شباط (فبراير)، وضعت روسيا قواتها المتمركزة على طول الحدود المشتركة مع اوكرانيا في حال تأهب. وحذرت واشنطن روسيا من أن أي تدخل عسكري سيكون خطأ فادحًا. واعلن الحلف الاطلسي انه يريد اوكرانيا سيدة ومستقلة ومستقرة.

واندلعت الصدامات في سيمفروبول بالقرم بين موالين ومعارضين لروسيا. واعلنت واشنطن عن استعدادها لضمان قرض بقيمة مليار دولار لاوكرانيا، فيما بدأ الاوروبيون يبحثون تقديم ضمانة بقيمة 1.5 مليار دولار. وصدر اليوم قرار بحل قوات مكافحة الشغب. كما عرضت تشكيلة حكومية جديدة في الميدان برئاسة ارسيني ياتسينيوك الموالي لأوروبا، وتشمل شخصيات منبثقة من حركة الاحتجاجات.

في 27 شباط (فبراير)، احتل مسلحون مؤيدون لروسيا في سيمفروبول مقري الحكومة والبرلمان في جمهورية القرم. وحذر تورتشينوف الاسطول الروسي من أي هجوم عسكري على الأراضي الأوكرانية. كما اعلن يانوكوفيتش إنه ما زال رئيس اوكرانيا، وطلب من روسيا ضمان أمنه.