أنهى الرئيس التونسي زيارة إلى مالي والنيجر والتشاد والغابون بدأها يوم الجمعة الماضي 20 يونيو، وحملت عناوين اقتصادية وأمنية بالأساس.


محمد بن رجب من تونس: ينهى الرئيس التونسي محمد المنصف ‫المرزوقي اليوم الجمعة زيارات صداقة وعمل إلى كل من مالي والنيجر والتشاد والغابون بدأها يوم الجمعة الماضي 20 يونيو الجاري، رفقة وفد هام من رجال الأعمال وممثلين عن هياكل مهنية ومؤسسات اقتصادية عمومية وخاصة.

وأكد المرزوقي في تصريح إعلامي مع الرئيس البوركيني بلاز كومباوري أنّ تونس تنتهج بعد الثورة استراتيجية جديدة تتأسس على الإنفتاح على القارة الأفريقية وترسيخ التعاون جنوب/جنوب.

المحيط الإفريقي

اعتبر عماد الدائمي الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية أنّ هذه الزيارة هي تجسيد لتصوّر طرحه الرئيس المرزوقي منذ وصوله إلى قصر قرطاج تتبوّأ تونس بموجبه مكانتها الطبيعية ضمن المحيط الأفريقي الذي كان مهمّشا طوال عقود ماضية، مشيرا إلى أنّ تونس خسرت بسبب تلك السياسات الكثير من آفاق الإستثمار.

واعتبر الدائمي في تصريح لـ"إيلاف" الزيارة بمثابة "الخطوة الأولى الكبرى التي ستتلوها خطوات قادمة في إطار تطوير علاقات تونس على المستوى الأفريقي واستفادتها من موقعها الجيواستراتيجي المتميز والذي يمكن أن يمكننا من لعب دور مركزي في التعامل البيني الأفريقي - الأفريقي أو في التعاملات ما بين الأوروبيين وباقي الدول الأفريقية وخاصة دول جنوب الصحراء".

وقال مدير عام مركز النهوض بالصادرات عبد اللطيف حمام في تصريح صحافي إنّ تونس مهتمة بالإستثمار في الغابون معتبرا أنّ افريقيا تمثل أرضا خصبة للمستثمرين التونسيين في مختلف المجالات ومشيرا إلى أنّ "مشاركة العدد الكبير من رجال الأعمال التونسيين يؤكد الإرادة السياسية التونسية للتوجه نحو الأسواق الأفريقية.

الصدمة الإيجابية

أوضح عماد الدائمي أنّ هذه الزيارة ستكون نقطة فارقة في علاقة تونس بمحيطها الأفريقي ويمكن أن تحدث الصدمة الإيجابية للفاعلين الإقتصاديين التونسيين حتى يتوجهوا إلى الأسواق الأفريقية الواعدة التي تتنافس اليوم بشأنها القوى الإقتصادية الصاعدة بعد أن أزاحت منها القوى الكلاسيكية الإستعمارية والرأسمالية السابقة.

وشدد على أن تتجه اليوم كل قوى البلاد من ذلك وزارة الخارجية وكل إدارات التعاون الدولي إلى الأسواق الأفريقية للإستثمار وتتويج هذه الزيارة والبناء عليها وإعداد سلسلة من العروض التي تنتظرها الدول الأفريقية جنوب الصحراء من تونس باعتبار السمعة الطيبة التي تتميز بها قطاعات الإقتصاد الوطني خاصة في مجالات التكوين والتعليم والصحة والخدمات في تلك البلدان الأفريقية الصديقة.

وأكد رئيس غرفة التجارة والصناعة والفلاحة والمناجم والصناعات التقليدية الغابوني جون بابتيست بيكالو أنّ المنتدى الاقتصادي التونسي الغابوني الذي انعقد تحت شعار "من أجل شراكة ديناميكية وتضامنية"، "يمثل فرصة حقيقية للاستثمار في الغابون"، داعيا رجال الأعمال التونسيين للاستثمار في بلده الذي يعتبر "وجهة استثمارية جذابة وواعدة تتوفر على موارد طبيعية ومنجمية هائلة".

تنويع الأسواق

أكد المستشار الإقتصادي والقيادي في حزب المسار الديمقراطي الإجتماعي عبد الجليل البدوي أنّ الإقتصاد التونسي "في حاجة أكيدة إلى تنويع أسواقه وعلاقته الإقتصادية والمالية لأن الإرتباط الوثيق بأوروبا أصبح يمثل عائقا في وقت تعيش فيه أوروبا صعوبات اقتصادية كما أنها تمثل تبعيّة تكبّل كل المبادرات والتنويعات".

وشدّد البدوي في تصريح لـ"إيلاف" على أن تضع تونس استراتيجية واضحة متوسطة وطويلة المدى لتمشّيها على المستوى الإقتصادي، بعيدا عن الزيارات المناسباتية وأن تلعب الديبلوماسية الإقتصادية دورا كبيرا في الإعداد الجيد إلى جانب التشريع لإستحثاث نسق الإستثمار وتقنين التشريعات القادرة على جلب المستثمرين وتشجيعهم على مستوى التنقل والإقامة ضمن خطة واضحة للإنطلاق من البلدان التي يسهل اكتساحها وتكون الفائدة من التقارب معها كبيرة من خلال نسبة نمو سريعة لآقتصادها وسوق واسعة وإمكانيات هائلة اقتصادية ومالية.

واعتبر أنّ اختيار البلدان الأربعة ضمن زيارة رئيس الجمهورية لم يكن في إطار مقاييس واضحة لأنّ الدول الأفريقية الأربعة (مالي والنيجر و‫‏التشاد والغابون) لا تعيش استقرارا يجعلها تفكر في جلب الإستثمار خاصة وأنّ المنافسة كبيرة على القارة الأفريقية من ذلك المنافسين التقليديين (فرنسا) والمنافسين الجدد(أمركيا والبرازيل وروسيا والصين..)

وقال البدوي إنّ تونس لا تقاليد لها في اكتساح الأسواق ذلك أنها بقيت دوما وفية للسوق التقليدية مشددا على ضرورة وجود خطة واضحة المعالم.

محاربة الإرهاب

أوضح الدائمي أنه ما من شكّ في أنّ موضوع الإرهاب هو موضوع مشترك بين تونس وبلدان جنوب الصحراء بإعتبار التحدي الإرهابي في المنطقة التي تفصل بلادنا عن تلك البلدان، معتقدا أن تدعيم العلاقات السياسية معها سيخدم المصلحة المشتركة على مستوى الإقتصادي أولا ثم على مستوى دعم المسار السياسي في المنطقة والتصدي إلى كل الإختراقات الإرهابية وغيرها من التحديات التي يمكن أن تؤثر على استقرار المنطقة.

من جانبه أشار الدكتور البدوي إلى أنّ اختيار هذه البلدان الأفريقية الأربعة يوحي بأنّ الإهتمام بالجانب الأمني أكبر من البعد الإقتصادي لأن هذه البلدان تعيش ظروفا أمنية صعبة.

وأشار وزير الشؤون الخارجية منجي الحامدي في تصريح صحافي إلى أنّ تونس تبلغت مقترحات ما تزال قيد الدرس وتتمثل في فتح عدد من التمثيليات الديبلوماسية لتونس في عديد الدول الأفريقية منها انغولا والتشاد وغانا والنيجر وكينيا وبوركينا فاسو إلى جانب إعادة فتح سفارتها في الغابون ورفع التأشيرة مع دولة التشاد وذلك في إطار انفتاح تونس على محيطها الأفريقي.

حملة انتخابية ؟

اعتبر البدوي أنّ زيارة رئيس الجمهورية رغم أهميتها تدخل في جانب منها ضمن الحملة الإنتخابية للمرزوقي في الإنتخابات القادمة.

لكنّ الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية عماد الدائمي أشار إلى أنّ الجهات التي ترى هذا الأمر هي نفسها الجهات التي تتهم رئاسة الجمهورية بالقيام بحملة انتخابية منذ وصول رئيس الجمهورية إلى قصر قرطاج قبل نحو ثلاث سنوات، وبالتالي فهذه التهمة القديمة الجديدة باطلة ولا علاقة لها بالواقع لأن المرزوقي لم يعلن بعد عن ترشحه للإنتخابات الرئاسية كما أنّ تركيزه في هذه الفترة منصبّ على استكمال القيام بدوره كرئيس لكل التونسيين وكمسؤول أول على الدبلوماسية التونسية.