فشلت كل محاولات نوري المالكي للبقاء رئيسًا للوزراء لولاية ثالثة الاثنين بعد أن كان منفياً مجهولاً قبل أن يتولى هذا المنصب الذي يتضمن صلاحيات كثيرة، وذلك اثر خسارته التأييد اللازم، بينما يشهد الامن مزيدًا من التدهور في العراق.


بغداد: كلف الرئيس العراقي فؤاد معصوم حيدر العبادي المنتمي الى حزب الدعوة على غرار المالكي، بتشكيل حكومة جديدة متجاهلاً ارادة المالكي الذي يتحدى كثيرين بالحاح للاحتفاظ بالمنصب.

وكان المالكي (63 عامًا) اعلن الاحد أنه قدم شكوى الى المحكمة الدستورية ضد معصوم بتهمة خرق الدستور، وامر القوات الامنية بانتشار واسع النطاق في بغداد.

وقد تغيّرت الاوضاع الان بشكل جذري عمّا كانت عليه العام 2006 عندما اعتقد كثيرون أن المالكي يعتبر مرشح تسوية ضعيفاً خرج من الظل ليصبح رئيسًا للوزراء.

ومنذ ذلك الحين، تحول المالكي من وطني حارب الميليشيات الشيعية واخمد اعمال العنف الى اتهامه بجمع السلطات بين يديه وتهميش الحلفاء.

والسنوات الثماني الاخيرة للمالكي في السلطة تختلف جذرياً عن حياته قبل الاجتياح الاميركي العام 2003.

فقد ولد المالكي قرب كربلاء وانضم الى حزب الدعوة بينما كان يتابع دراسته الجامعية، وفرّ من العراق العام 1980 اثر حظر حزب الدعوة الذي يؤكد أن حكماً غيابيًا بالاعدام صدر بحق المالكي.
توجه الى ايران حيث تولى النشرة التي يصدرها الدعوة واتخذ اسم جواد مع توليه مسؤولية عمليات تسلل من ايران الى العراق.

وانتقل بعدها الى سوريا قبل أن يعود الى العراق مع الاجتياح الاميركي، حيث شغل عضوية لجنة اجتثاث البعث لابعاد مؤيدي الرئيس السابق صدام حسين عن المناصب الحكومية.

وفي العام 2006، تم الاتفاق على تعيينه رئيسًا للوزراء بعد الاعتراض على سلفه ابراهيم الجعفري الذي اعتبره العرب السنة والاكراد طائفيًا.

وخلال الصراع على السلطة ابان ذروة العنف الطائفي الذي اودى بعشرات الآلاف، كان المالكي حين تعيينه رئيسًا للوزراء يعتبر ضعيفاً سياسيًا.

لكنه استمر في المنصب وامر بعد عامين بضرب الميليشيات الشيعية بقيادة الزعيم الديني مقتدى الصدر بمساعدة القوات الاميركية.

واسفر نجاح الهجوم عن تصفيق الكثيرين له من جميع المكونات، وحظي بسمعة قائد وطني تمكن من السيطرة على اعمال العنف الى درجة كبيرة.

وانسحبت القوات الاميركية خلال ولاية المالكي الثانية اواخر العام 2011 كما ازداد انتاج النفط الخام في البلاد.

لكن منذ توليه منصبه لولاية ثانية رئيساً لحكومة وحدة وطنية عام 2010، واجه المالكي ازمات سياسية بشكل دائم تقريبًا.
ويتهمه معارضون بجمع السلطات بين يديه وخصوصاً الاجهزة الامنية ويلقون عليه الملامة بسبب تدهور الاوضاع الامنية.

ورد المالكي بعنف أدى الى نزف الدماء منذ نيسان/ابريل 2013 مع عمليات عسكرية واسعة النطاق ادت الى توقيف المئات لكنها فشلت في اخماد العنف.

كما انه لم يقدم تنازلات ذات مغزى للسنة الذين يشكلون اقلية وانتفضوا ضد الحكومة التي يقودها الشيعة ما شكل سبباً رئيسياً في ارتفاع نسبة العنف.

وفقدت القوات العراقية السيطرة على الفلوجة باكملها وقسمًا من الرمادي مطلع العام الحالي، بينما شن المتطرفون الاسلاميون هجومًا كاسحًا في حزيران/يونيو الماضي شمل خمس محافظات.

من جهته، اتهم المالكي عوامل خارجية مثل الحرب في سوريا بزيادة العنف والاضطرابات في العراق متجاهلاً دور حكومته والسياسة التي اتبعها في تأجيج ذلك.

لكن استمرار الازمة دفع بواشنطن الى التخلي عنه، وكذلك فعل البعض في التحالف الشيعي بشكل بدا معه أن كل محاولاته للتمسك بالسلطة ذهبت ادراج الرياح.