ليس واضحًا حتى الساعة معالم الحلف الدولي في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية بعد إعدام الصحافيين الأميركيين، الذي شكّل كالهجوم على بيرل هاربر حيث أدى لمشاركة الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية، ويبقى السؤال ما هو موقع لبنان ضمن هذا الحلف؟


بيروت: من المتوقع أن ينشأ حلفًا جديدًا دوليًا في مواجهة الدولة الإسلامية والسؤال ما هو موقع لبنان من هذا الحلف؟

يؤكد النائب والمحلل السياسي الدكتور فريد الخازن في حديثه لـ"إيلاف" أن لبنان متلق أكثر مما هو فاعل في الحلف الذي سينشأ بمواجهة الدولة الإسلامية، وسيضم الحلف الدول الأساسية الفاعلة في المنطقة، ولا إمكانية أن يكون الحلف فاعلاً من دون مشاركة سوريا، فما يسمى عمليًا بـ الدولة الإسلامية موجودة في سوريا أكثر من العراق، ولبنان لا يملك الإمكانات والقدرات ولكن الجيش اللبناني يتصدى لالدولة الإسلامية والنصرة في منطقة عرسال، ولا يمكن أن نطلب من لبنان أكثر من ذلك، المطلوب تسليح الجيش اللبناني ودعمه، وهكذا يكون لبنان مشاركًا ويشكل جزءًا من التحالف بطريقة غير مباشرة.

بيرل هاربر

ويلفت الخازن إلى أن إعدام الصحافيين الأميركيين شكل "بيرل هاربر" التدخل في وجه الدولة الإسلامية، فالمعروف أن الهجوم الياباني على بيرل هاربر أسفر عن المشاركة النشطة من جانب الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية، وهذا ساهم بشكل كبير في إقناع الكونغرس والرأي العام الأميركي بأن الموضوع لم يعد يحتمل التأخير.

وكان هناك نية في السابق لضرب الدولة الإسلامية لكن كان الموضوع يؤخذ بكثير من الروية، أما اليوم فالأسراع أوالتحرك مفروض، وإلا زادت أعداد الضحايا من الأميركيين أيضًا.

جبهة عرسال

ويؤكد الخازن أن لبنان سيكتفي بالجبهة الموجودة في عرسال وهي حدود الموضوع، والجيش اللبناني يتصدى اليوم لالدولة الإسلامية وهو بحاجة لدعم خصوصًا في الحدود مع سوريا حيث الأمر يشكل خطرًا، وجماعة الدولة الإسلامية والنصرة هناك بأعداد كبيرة.

ويشير الخازن إلى أنه بالنسبة للبنان فهو لا يملك الإمكانات والقدرات الموجودة في دول أخرى، ويستطيع ان يساهم من خلال الجيش اللبناني في تحدي المخاطر التي يواجهها في عرسال ولكن كذلك هو بحاجة لدعم كبير في الإمكانات والماديات، ويمكن أن يكون مساندًا لكن بطريقة غير مباشرة، والساحة للمعركة الحقيقية ستكون حيث يتواجد الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.

لبنان ليس في الحلف الدولي

بدورها تعتبر المحللة السياسية الدكتورة فاديا كيوان (عميدة كلية العلوم السياسية في الجامعة اليسوعية) في حديثها لـ "إيلاف" أن لبنان لا يمكن أن يكون في أي حلف جديد دولي ضد الدولة الإسلامية، لأن روسيا لن تكون في محور هذا الحلف، وروسيا أظهرت إهتمامًا في الفترة الأخيرة بالشرق الأوسط وهي تظهر اهتمامًا بالمسيحيين في هذه المرحلة، وعلى الأرجح لبنان لن يسلك باتجاه الانخراط بالحلف في حال كانت روسيا باتجاه آخر.

وتلفت كيوان إلى الدور الكبير الذي لعبه إعدام الصحافيين الأميركيين في الاستعداد لتشكيل حلف جديد ضد الدولة الإسلامية، وكان بمثابة عملية استدراج كي يكون هناك تجميع للقوى الغربية بصورة رئيسية ضد التنظيم، ولكن ليس معروفًا حتى الآن إن كانت إيران ستدخل من ضمن هذا الحلف.

والأمر يعود إلى التقارب الإيراني الاميركي الذي لا يمكن أن يقفز بحسب كيوان فوق الواقع في سوريا، والأمور ليست بهذه السهولة لأن الموضوع يستوجب أن يكون هنالك موقف آخر مع النظام السوري وتسوية ما معه.

تفاهم أميركي إيراني

وإذا كان هنالك تفاهم أميركي إيراني، قد تجري مواجهة الدولة الإسلامية من خلال هذا التفاهم، ولكن برأي كيوان فلن يكون هناك حلف تقليدي بما للكلمة من معنى، لأن هذا الحلف يفترض أن يواجه حلفًا آخرًا، ونحن نعرف أن روسيا لن تكون في هذا الحلف، ولبنان الذي لديه إتصالات وثيقة مع روسيا وهي مهتمة بمسيحيي لبنان وسوريا، لذلك فالموضوع هو معقد أكثر مما هو ظاهر والمتوقع أن يكون هناك إتجاه لعملية عسكرية دولية مباشرة ضد الدولة الإسلامية، لأن ذبح الصحافيين وتصفية الرهائن البريئة انما يشكل استدراجًا واستفزازًا سيدفع الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا إلى موقف أكثر تدخلاً وصرامة.

مصالح أميركا

وتشير كيوان إلى أن الأميركيين يتحركون فقط عندما تصبح أميركا ورعاياها ومصالحها بخطر فقط، ولكن لا يهم أحد من الأميركيين ما يجري لنا كأقليات، وقد شاهدنا بالأمس 700 جندي عراقي يقتلون، ولم تتحرك المخابرات الأميركية ساكنًا.

وتلفت كيوان إلى أنه بات مؤسفًا حقًا أن نكون وصلنا إلى هذا العنف والعنف المضاد والإرهاب والإجرام، والأمر الذي لم نعتمده للآن هو مواجهة جذور الإرهاب والأسباب التي دفعت إلى نشوء منظمات إرهابية في المنطقة، وهو أمر لم يتم الإلتفات إليه بشكل كاف، يجب محاربة الأسباب وليس الظواهر الإرهابية.

وتؤكد كيوان أن لبنان لن يكون لا مقرًا ولا مستقرًا لأي عمليات من أي نوع ضد الدولة الإسلامية، ومن مصلحة لبنان أن ينأى بنفسه عن كل الصراعات وخصوصًا صراعات المحاور.