تتواصل الاغتيالات لقياديين في الجيش الحر، فيما تقوم الغارات الروسية الكثيفة أيضًا بتصفيتهم، وسط احتجاجات من السوريين في عدد من عواصم العالم، فيما نعت مواقع التواصل الاجتماعي الفنان السوري عامر رفيق السبيعي المؤيد للثورة، والذي توفي في القاهرة، من دون أن تذكر خبر وفاته وسائل إعلام النظام السوري.


بهية مارديني: تستعد الجالية السورية في بريطانيا لوقفة احتجاجية السبت المقبل أمام السفارة الروسية في لندن لإدانة التدخل الروسي في سوريا، والذي أدى إلى مقتل مدنيين في عدد من المناطق السورية، فيما سلمّ الائتلاف الوطني السوري المعارض رسالة إلى السفارة الروسية في بروكسل، اعتبر فيها أن "العدوان الروسي على سوريا غير شرعي وغير قانوني، بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي".

مخالفة دولية
وبعد وقفة احتجاجية في بروكسل ضد التدخل الروسي، أكدت المذكرة التي تلقت "إيلاف" نسخة منها، أن العدوان "يخالف الفقرة الرابعة من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة في عدم جواز استعمال القوة في العلاقات الدولية، كما يخالف المادة الرابعة والعشرين، والتي توجب على روسيا الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، لكونها دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن".

وقال هيثم المالح رئيس اللجنة القانونية في الائتلاف الوطني، الذي سلّم المذكرة، إن العدوان الروسي يخالف المادة الحادية والخمسين، التي أجازت للدول استخدام القوة في الدفاع عن النفس، ولا توجد أية حدود برية بين روسيا وسوريا، ولا توجد حالة اعتداء من السوريين على روسيا، وهذا لا يجيز لها التذرع بحالة الدفاع عن النفس".

وبيّنت المذكرة "أن روسيا خالفت قرار مجلس الأمن رقم 2170 لعام 2014، والذي ينص على عدم تلقائية الخيار العسكري للدول في تطبيق مكافحة الإرهاب، بل اشترط الرجوع إلى مجلس الأمن لأخذ هذا القرار".

ولفتت إلى أن هذا العدوان يخالف أيضًا مبدأ القانون الدولي بعدم التدخل، والذي ينص على أن الشرعية الدولية لا تبقى دائمًا إلى جانب الحكومات القائمة، ففي حال اختارت الشعوب تقرير مصيرها تصبح الشرعية للشعوب بدلًا من الحكومات، وبالتالي لا يحق لروسيا التذرع بأن بشار الأسد هو من طلب التدخل في سوريا، لكونه رئيسًا غير شرعي بعد ثورة الشعب السوري على نظام حكمه.

تظاهرات برلين
هذا وتظاهر مئات السوريين أمام السفارة الروسية في برلين تنديدًا "بالاحتلال الروسي لسوريا، ودعم بوتين للأسد من دون أدنى اعتبار للشعب السوري وحقه في الحرية والكرامة، والتخلص من الدكتاتورية، وتضامنًا مع جميع أبناء الشعب السوري وإجلالًا للشهداء الذين قضوا في مجازر القصف الروسي، ومجازر براميل الأسد، واستنكارًا لصمت المجتمع الدولي ووقوفه مكتوف الأيدي تجاه هذه المجازر".

وقال سفير الائتلاف في ألمانيا بسام العبدالله إنه بات من الواضح أن روسيا ونظام بشار الأسد لن يتوقفا عن قصف السوريين من تلقاء نفسيهما، وهذا ما يوجب أن يكون للعالم الحر، وخاصة الاتحاد الأوروبي، موقف واضح وقوي من هذا العدوان.

ولفت العبدالله إلى أنه حتى هذا اليوم العالم يقف موقف المتفرج أمام ما يحدث في سوريا، عدا التنديد والاستنكار، الذي سمعناه مرارًا وتكرارًا. وقال إن هذه السلبية في التعامل مع الثورة السورية تجعل من الصامتين مسؤولين بشكل أو بآخر عمّا يجري من جرائم هناك.

وأكد العبد الله أن الشعب السوري دفع ثمنًا غاليًا لصمت المجتمع الدولي، وكذلك الدول المجاورة لسوريا، التي استقبلت مئات الآلاف، بل الملايين من اللاجئين الهاربين من الموت ومن براميل الأسد ومخابراته الإرهابية، مضيفًا إن اليوم وصلت آثار الكارثة إلى أوروبا، وتجاوزت حدود ألمانيا، حيث إن أكثر من 250 ألف سوري دخلوا لاجئين إلى ألمانيا.

ونوّه بأن العالم يقف أمام تحدٍ سياسي وعسكري كبير في سوريا، خصوصًا بعد التدخل الروسي السافر إلى جانب نظام الأسد، لكن قبل كل شيء أصبح هذا التحدي أخلاقيًا أيضًا، مشددًا على أن أصدقاء الشعب السوري مطالبون بوضع خطة قوية ومحددة لحماية الشعب السوري، وإلا فإن الأزمة ستطول وستتعقد أكثر، وأزمة اللاجئين الباحثين عن الحياة والأمان ستتضاعف حتمًا.

نفي الوقوف مع موسكو
من جانبه نفى عضو الائتلاف الوطني قاسم الخطيب ما نسب إليه بشأن ترحيبه بالعدوان الروسي على سوريا. وأكد لـ"إيلاف" أنه "لا يمكن لأي مواطن سوري شريف أن يقبل بهذا العدوان، وهو يهدف من دون شك إلى تقوية نظام بشار الأسد، الذي كان على وشك السقوط، على أيدي الثوار، لولا الدعم الروسي اللامحدود".

وأشار إلى أنه من غير المنطقي أن "يرحّب أي سوري شريف بقتل السوريين ودعم الأسد، وأن كل المعارضة السورية متفقة على أنه لا دور له في المرحلة المقبلة". وشدد الخطيب على إدانة العدوان الروسي على الثورة السورية والشعب السوري، وطالب المجتمع الدولي بـ"عدم التراخي مع هذا التدخل السافر لدعم نظام فقد شرعيته، بعدما قتل مئات آلاف المدنيين، واستهدف دور العبادة ومدارس الأطفال والمشافي".

وكان الخطيب قد التقى مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف في القاهرة في مطلع الأسبوع الجاري، وأكد له، بحسب الخطيب، أن "سلاح الجو الروسي قصف تجمعات سكنية مأهولة ومواقع الجيش الحرّ عند خطوط التماس مع تنظيم داعش، وهذا ما سمح للأخير بالتقدم في ريف حلب، ودفع بزيادة عدد المهاجرين إلى أوروبا".

وكان أحمد الجربا رئيس الائتلاف السابق وعضو الهيئة العامة في الائتلاف وقاسم الخطيب قد التقيا بوغدانوف وسامح شكري وزير الخارجية المصري في القاهرة. وحذّر الخطيب من أن استمرار الضربات الروسية "سيجلب مزيدًا من العناصر الإرهابية إلى سوريا، وسيمهد الطريق لإيران وميليشيات طائفية تابعة لها بالتمدد والهيمنة على سوريا". ونقل أنه أكد لبوغدانوف أن المعارضة السورية بجميع أطيافها متمسكة ببيان جنيف وقرارات مجلس الأمن، ورفض وجود بشار الأسد في أية عملية انتقالية أو في مستقبل سوريا.

استهداف جديد للحر
عسكريًا نعت الفرقة الأولى الساحلية المقاتلة ضد النظام في ريف اللاذقية، رئيس أركانها النقيب باسل زمو، الذي قضى في غارة جوية للطيران الروسي، استهدفت مقرًا للفرقة ملاصقًا للشريط الحدودي مع تركيا قرب قرية اليمضية في جبل التركمان.

وجاء نعي الفرقة القيادي في صفوفها ورئيس أركانها في بيان الثلاثاء، ونقلت شبكة سوريا مباشر، أن الغارة الروسية تسببت بمقتل اثني عشر مقاتًلا وإصابة خمسة عشر آخرين من مقاتلي الفرقة الأولى الساحلية، حيث استهدفت المقاتلات الروسية بخمسة صواريخ فراغية مقرًا للفرقة، يقع مقابل مخفر بيسون الحدودي للجيش التركي بين بلدتي أوبين "البونسية" وقرية اليمضية في جبل التركمان في ريف اللاذقية.

وكانت المقاتلات الحربية الروسية استهدفت المقر خلال اجتماع ضم العديد من قادة الفرقة. ويمر الجيش الحر في أزمة حقيقية ما بين الغارات الروسية والاغتيالات ولجوء بعض قادتهم إلى أوروبا، حيث توفي مساء الأحد الماضي القائد الميداني لجيش اليرموك "أبو قاسم مجاويش" متأثرًا بجروحه إثر تفجير سيارته في بلدة صيدا في ريف درعا.

وقالت مصادر ميدانية لـ"إيلاف"، "الغريب أن أكثر المستهدفين في الاغتيالات من الجيش الحر أو من صفوف المعتدلين". وأكدت أنه "عادة لا يعرف من القاتل، ومن الذي قام بعملية الاغتيال، ومن الجهة الحقيقية، وتلصق العملية بأطراف أخرى". وجاءت عملية اغتيال مجاويش بعد سلسلة من عمليات اغتيال ناشطين معروفين في مناطق عدة، وخاصة حوران.

وفاة فنان معارض
إلى ذلك توفي مساء أمس الاثنين، الفنان السوري عامر رفيق السبيعي، إثر نوبة قلبية، نُقل على أثرها إلى المستشفى في القاهرة، حيث فارق الحياة، عن عمر يناهز السبعة وخمسين عامًا.

كان آخر ظهور له من خلال شريط& مصور في آذار/مارس الماضي وهو يغني أغنية "حسن زميرة طوطنالو" في إشارة إلى حزب الله وحسن نصر الله ومواقفه في سوريا،& ونعى أصدقاء الفنان الراحل السبيعي الفقيد على صفحات التواصل الاجتماعي بكثير من الألم والتأثر، وتذكرت مواقفه وثباتها، رغم خلافاته مع عائلته ومحيطه، بسبب وقوفه مع الثورة السورية.

ويعرف عن الفنان الراحل معارضته للنظام منذ الأيام الأولى لانطلاق الثورة، معارضًا بذلك مواقف والده الفنان رفيق السبيعي وشقيقه المخرج والممثل سيف الدين السبيعي والعديد من أصدقائه المقربين، الذين أظهروا تأييدهم للنظام الحاكم في سوريا.

&

&