&يؤكد أحمد ميزاب، الخبير الاستراتيجي الجزائري، اهمية التعاون والتكامل بين الجزائر وتونس في مختلف الملفات المطروحة، لا سيّما تلك التي تتعلق بالوضع الأمني والاستراتيجي.


عبد الباقي خليفة: في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة على كل المستويات، حيث تواجه الحكومات والشعوب معضلة الإرهاب والتطرف، وتزامنًا مع انعقاد الدورة العشرين للجنة التونسية الجزائرية المشتركة، وعلى هامش الملتقى الأول لمنظمات المجتمع المدني في كل من تونس والجزائر، أكد الخبير الاستراتيجي الجزائري أحمد ميزاب، رئيس اللجنة الجزائرية الإفريقية للسلم والمصالحة، في حديث خاص لموقع "إيلاف"، بأن هناك الكثير من العمل المشترك بين البلدين، وأضاف: "نتقاسم الكثير من الأشياء، ناهيك عن القواسم الاجتماعية والثقافية المشتركة، وعن المخاطر التي تهدد الجميع، ومن ضمنها المشكلة الليبية، التي تعد واحدة من أبرز التحديات بوجه تونس والجزائر، فضلًا عن كوننا نتقاسم مع ليبيا حدودًا جد معتبرة، وهي تعاني من مخاض الانتقال الديمقراطي ومن ظاهرة الإرهاب وبروز الخطر الداعشي، الذي أمسى خطرًا جديدًا يهدد المنطقة، علاوة على أهمية وضرورة محاربة الجريمة المنظمة المتحالفة عضويًا مع الإرهاب".&

محاربة الارهاب
&
وعن أساليب الحرب ضد الإرهاب، قال ميزاب: "علينا مواجهة هذا الجيل الجديد من الارهاب العابر للحدود بالطرق الاجتماعية وبالفعل المدني والتنسيق مع القراءات الاستشرافية، ووقف نموه وتجزئته &ومقايضة تسليم السلاح مقابل الأمن، واجهاضه عبر تحصين الشباب ثقافيًا ودينيًا"، وأضاف: "يجب أن نوضح ذلك ونرّسخه في الواقع لنتمكن من تجاوز هذه التحديات التي تفرض نفسها علينا جميعا".&
&
العلاقات التونسية الجزائرية
&
وحول مستوى التنسيق بين تونس والجزائري، لا سيّما في ظل أنباء عن توتر تشهده العلاقات الرسمية، نفى ميزاب ذلك، مؤكدًا بأن "مستوى التنسيق بين تونس والجزائر مرتفع، وسنرى ثماره في المستقبل"، وأضاف: "هناك جهد مستمر ومتواصل بين الجزائر وتونس في مجال محاربة الإرهاب وتأمين الحدود، وكذلك في بناء رؤية مشتركة لمعالجة القضية الليبية، التي تعتبر عنصرًا مشتركًا بين البلدين، بالإضافة إلى عادات وتقاليد وعلاقات تاريخية وجذور ثقافية مشتركة، من شأنها أن تؤهل العلاقات لمستوى أعلى وأرفع، وهذا ما تعكسه الاتفاقات الثنائية التي تم توقيعها، أو تتم حاليًا على المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية وغيرها".&
&
وعن دور الجزائر بمساعدة تونس في المجال السياسي، أشار ميزاب إلى أن الجزائر "واكبت وساندت عملية الانتقال الديمقراطي في تونس، وهناك علاقات ممتازة بحكم أن أمن تونس من أمن الجزائر والعكس صحيح، ونحن نريد أن نبني مشروعا تكامليًا بين البلدين ليكون نموذجًا للعلاقات الثنائية في المنطقة برمتها".
&
ساركوزي
&
وبخصوص تصريحات الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، والتي بشر فيها من تونس، بتغييرات في الجزائر، وهو ما أزعج الجانب الجزائري، أجاب ميزاب بالقول: "تصريحات ساركوزي تلزم ساركوزي، ولا تلزم الجانب التونسي ولا تلزم الشعب التونسي، نحن ندرك كيف يرواغ ساركوزي وكيف يتلاعب بالكلمات، وهو لا يحسن توظيف هذه الكلمة التي لا تمس الجزائر، بقدر ما تمس تونس وشعب تونس"، وتابع: "ساركوزي لا يعني الجزائر، لكنه مس بأصالة تونس، وتونس أرقى وأجلّ من ذلك"، وأردف: "الدبلوماسية الجزائرية رصينة وحكيمة وتدرك كيف تتعامل مع هذه الظروف وهذه التحديات، وهي تدرك جيدا أن ما يجمعها مع تونس هو أعلى وأرفع من أن تؤثر فيها تصريحات كالتي بدرت من ساركوزي".&
&
الدور الجزائري
&
إلى ذلك، ثمّن أحمد ميزاب دور بلاده في الملف الليبي، مشيرًا إلى إنعقاد ثلاث جولات للحوار الليبي في الجزائر، وأضاف: "هي من أنجح الجولات التي تمت في هذا الإطار، فقد استقبلت الجزائر أكبر عدد من الفصائل والأطراف الليبية الفاعلة والمعنية بالسلم والمصالحة والوفاق، وتم الاعلان عن البيان الذي ضم 11 نقطة، ثم المرحلة الثانية التي تم فيها رسم الخطوط العريضة لإدارة المرحلة الانتقالية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية".&
&
وجدد الخبير الجزائري تأكيد حضور بلاده في الملف الليبي، حيث تم استقبال أكثر من 200 شخصية ليبية، تمثل كامل الطيف الاجتماعي والسياسي، وذلك لادراك الجزائر لخطوة الملف الليبي وانعكاساته الأمنية والسياسية على المنطقة، لا سيّما على تونس"الحلقة الأضعف في هذه المعادلة بحكم أنها تتلقى الكثير من تداعيات هذه الأزمة، سواء من خلال وجود اللاجئيين الليبيين فوق أراضيها، أو من خلال التهديدات المستمرة للتنظيمات الارهابية، ولذلك تسعى الجزائر لبناء رؤية مشتركة مع تونس".&
&
الوئام المدني&
&
وحول قانون الوئام المدني في الجزائر ومدى استفادة تونس وليبيا منه، للتخفيف من حدة الخطر الإرهابي بمقايضة المقاتلين بالآمان مقابل القاء السلاح، قال ميزاب: "في الجزائر بدأنا بقانون الرحم، ثم الوئام المدني عام 2002، الذي حقق مكسبًا كبيرًا للجزائر، وهو ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الذي أقره الشعب الجزائري في 2005 باعتبار أنه اختيار شعبي يُجسد التجربة الجزائرية في مواجهة الإرهاب واحقاق السلم الأهلي والمصالحة الوطنية، وهذه تجربة يمكن أن تستفيد منها دول أخرى مثل تونس وليبيا، لا سيما وأنها خضعت للبحث والدراسة والتدريس من قبل مراكز البحث والدراسات الاستراتيجية في ايطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمركية، وهي تجربة ناجحة حققت المستحيل، ويمكن لاخواننا في ليبيا الاستفادة منها للخروج من النفق المظلم الذي دخلوا فيه".&
&
التدخل العكسري&
&
ويرى الخبير الجزائري أن التدخل العسكري في ليبيا، مسألة وقت، وشرح ذلك بالقول: "أعتقد أنه من المقاربات الخاطئة الظن بأن مجرد التوصل إلى حكومة وفاق وطني ستنتهي كل الصراعات في ليبيا، الوضع هناك غير ذلك تماما"، وأضاف: "الوضع يحتاج لحوار ومصالحة اجتماعية، ثم بعد ذلك التطرق إلى المحور الأمني عبر وضع استراتيجية لجمع السلاح بعد ادماج المليشيات التي يمكن ادماجها في الجيش الليبي، ومحاربة المليشيات الخارجة عن القانون ، ثم التوجه لبناء حكومة وحدة وطنية والتي يجب أن يتبناها كل الليبيين"، وأردف متسائلًا: "أما أن يكون المجتمع مشتتًا في إطار نزاع، ونتحدث عن حكومة وحدة وطنية ستشرف على ماذا؟ وستسيّر ماذا؟ وستحكم ماذا ؟ وبأي شرعية ستحكم؟"، مؤكدًا بأن "التدخل العسكري في ليبيا بات مسألة وقت"، وتابع مستدركًا: "كثيرون يريدون التلاعب بهذا المصطلح &لأغراض معينة، بيد أن الموقف الجزائري واضح، وهو ضد التدخل العسكري، لأن التدخل العسكري قد يفجر المنطقة بأكملها وينشر الفوضى الأمنية، لا سيّما وأن التنظيمات الإرهابية الموجودة في ليبيا كثيرة ومتعددة".&
&
وعما إذا كان التدخل العسكري القادم يمكن أن يكون مفيدًا، أشار ميزاب إلى أن "أي تدخل عسكري في ظل الوضع الحالي سينقل حالة اللا أمن واللا استقرار في ليبيا إلى خارج الحدود، وكل دول الجوار الليبي معنية بهذه المسألة، &لذلك فإن الجزائر، ومعها تونس ودول أخرى، تطالب باستبعاد التدخل العسكري إلى حين بناء أرضية اجتماعية سياسية وأمنية، بعد ذلك يمكن الحديث عن دعم الجيش الليبي في إطار محاربة الإرهاب".&
&
حفتر
&
أما ما يتعلق بمستقبل خليفة حفتر، فقد أبدى الخبير الجزائري تحفظا حيال ذلك، مرجعًا الأمر لإرادة الشعب الليبي، وقال: "مستقبل خليفة حفتر بيد الليبيين، وهم وحدهم من سيحدد مصيره"، وكانت جهات دولية قد طالبت بابعاد خليفة حفتر نظرًا لوجود جهات مركزية في ليبيا ترفض بقاءه على رأس الجيش الليبي.
&