&استطاعت صحيفة "التايمز" أن تدخل واحدًا من أشد الأجهزة التجسسية سرية في بريطانيا، بعد سماح الجهاز بذلك. ويأتي هذا التطور، الأول من نوعه، قبيل أسابيع على نشر البرلمان لمشروع جديد حول قانون الصلاحيات الاستقصائية.

&
عبد الإله مجيد: منح المقر العام للاتصالات الحكومية، أشد الأجهزة التجسسية تكتمًا في بريطانيا، منح صحيفة "التايمز" امتيازًا خاصًا بالدخول إليه، في وقت يستعد البرلمان لمناقشة قانون يُحدد مستقبل النشاط الجاسوسي في عصر التكنولوجيا الرقمية. &
&
وسُمح للصحيفة بدخول المقر العام، في تشيلتنهام في جنوب غرب انكلترا، ومكاتبه السرية للغاية في لندن، للاطلاع على حجم العملية التي يقوم بها في جمع المعلومات.&كما رأت الصحيفة "القفص" الذي يضم الماكينة التي تصنع الشفرات الحكومية، وتعتبر الجزء الأشد سرية في الوكالة التجسسيّة، التي تبلغ ميزانيتها ملياري جنيه استرليني سنويًا.&
&
حلقات يومية
وحاول المقر العام للاتصالات الحكومية، الذي اتهمه ادوارد سنودن بمراقبة المواطنين الاعتياديين "على نطاق هائل"، ان يُبيّن كيفية عمل عناصره على مدار الساعة، بهدف جمع المعلومات الاستخباراتية التي تحمي بريطانيا ضد الهجمات "الارهابية"، وتنقذ الرهائن، وتحدد اماكن المنحرفين الذين يعتدون على الأطفال.&
&
وتصف صحيفة التايمز هذا الجهاز الجاسوسي، بأنه يقف في الصفوف الأمامية للمعركة ضد الجريمة الالكترونية، ناقلةً عن مدير المقر العام للاتصالات الحكومية، روبرت هانيغان، قوله: "هذا الجهاز يكشف موجة واسعة من الهجمات الالكترونية كل يوم"، واضاف: "التهديد يتزايد عددًا وتعقيدًا وتأثيرًا".
&
وقالت صحيفة التايمز انها ستقدم للقراء، قبل نشر قانون "الصلاحيات الاستقصائية"، ثلاث حلقات يومية تتناول بالتفصيل عمل المقر العام للاتصالات الحكومية، من مقابلات مع رؤساء اقسامه، وزيارات قامت بها، على امتداد أيام، لمنشآته السرية للغاية.
&
كما اتاح جهاز الاستخبارات الخارجية "أم آي 6" للصحيفة امكانية الحديث مع بعض ضبّاط الاستخبارات الذين يخفون عملهم عن عائلاتهم وأقرب اصدقائهم، وكذلك مع مخبرين سابقين وصفوا مخاطر التجسس لحساب الاستخبارات البريطانية في المعركة ضد الارهابيين.&
&
وداعًا للسرية
واعترف مسؤولون استخباراتيون بأن ما سربه "سنودن" أجبر الأجهزة التجسسية البريطانية الثلاثة، المقر العام للاتصالات الحكومية و "أم آي 6" وجهاز المخابرات الداخلية "أم آي 5"، على مراجعة ثقافتها الراسخة في السرية التامة، فيما يعبّرون عن إدراكهم الحاجة الملّحة الى اطلاع الجمهور على ما يفعلونه وكيف يفعلونه إذا كانوا يريدون الاحتفاظ بثقة السكان، وفي هذا الإطار، قال احد المسؤولين لصحيفة التايمز: "إن المقر العام للاتصالات الحكومية يجب ان يكون مفتوحًا، فنحن لا يمكن ان نعمل وراء حُجب من السرية بعد الآن".&
&
ورفض مسؤول آخر تهمة التجسس على الجميع، مؤكدًا أن المقر العام للاتصالات الحكومية يدخل إلى جزء ضئيل من حركة الانترنت بهدف واحد، وهو إجهاض مخططات الإرهابيين والمجرمين الآخرين، فيما قال رئيس الجهاز الجاسوسي في تشيلتنهام: "إذا كانت شبكة الانترنت تُستخدم لبيعك بعض الأشياء، فلماذا يكون من الخطأ ان يستخدم المقر العام جزءًا ضئيلًا من البيانات لمنع تفجيرك اثناء قضاء إجازتك؟". &
&
القانون الجديد
ومن المقرر نشر مشروع قانون الصلاحيات الاستقصائية قبل عطلة البرلمان في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وبعد ثلاثة تقارير رئيسة عن المراقبة، سيحدد القانون، بصراحة لم تُعرف من قبل، الخطوط العامة لصلاحيات الأجهزة الاستخباراتية والشرطة، وقدراتها في استخدام المراقبة الشديدة لأغراض التحقيق وجمع المعلومات، كما سيقترح طريقة جديدة واكثر شفافية لممارسة الضوابط والرقابة على الأجهزة التي تتمتع بهذه الصلاحيات التجسسيّة.
&
وسيناقش البرلمان مسودة المقترحات، قبل ان تُحللها لجنة تدقيق، وستدرس وزيرة الداخلية تريزا ماي نتائج هذا التدقيق قبل ان تقدم مشروع القانون بصيغته النهائية الى البرلمان. &&
&
متابعة
إلى ذلك، سيتابع العالم موقف البرلمان ليرى ما إذا كانت بريطانيا قادرة على اصدار قانون يحسم، اخيرًا، الجدل بين الخصوصية والأمن، وهناك اهتمام كبير بالعملية بين الأجهزة الاستخباراتية الاميركية في الولايات المتحدة، شريكة بريطانيا الأساسية في المجال الأمني، وبين الحلفاء الآخرين في مجموعة العيون الخمس، أي استراليا ونيوزيلندا وكندا.&
&
كما ستتابع شركات الانترنت العملاقة النقاش باهتمام، لترى ما إذا كان بمقدور بريطانيا ان تُشرّع قانونًا تستطيع ان تؤيده، في وقت تواجه هذه الشركات ضغوطًا لمساعدة الدول ضد الارهاب، ويطمئن&الطرف الآخر الذي يهمه القانون في اوروبا، حيث نقضت محكمتان، أخيرًا، صلاحيات استقصائية تعتبرها الحكومة البريطانية ضرورية لمكافحة الجريمة وتعزيز الأمن.&
&
مخاوف وتحذيرات &
وكتب الخبير القانوني المكلف من الحكومة البريطانية بمراجعة قوانين مكافحة الارهاب، ديفيد اندرسون، في صحيفة التايمز، ان القانون الجديد يجب ان يحظى بتوافق دولي، وحذّر من ان القانون يمكن ان يصبح نافلًا قبل ان يجف الحبر الذي كُتب به إذا لم ينل قبول شركات الانترنت العملاقة أو المحاكم الاوروبية.&
&
وفي الولايات المتحدة، اعرب مسؤولون امنيون عن مخاوفهم من اتخاذ قضاة غير منتخبين قرارات بشأن قضايا امنية يجب ان تكون من اختصاص السياسيين، وقال روبرت ليت، المستشار القانوني لرئيس الاستخبارات الوطنية في الولايات المتحدة، ان منظمات الدفاع عن الخصوصية تحاول استخدام المحاكم لتحديد قرارات استخباراتية من الأفضل ان تُترك للكونغرس.&
&
وتحدّث كريس انغليس، نائب مدير وكالة الأمن القومي في الولايات المتحدة، عن عملية تجري لإعادة بناء اجهزة الاستخبارات الغربية برمتها بعد تسريبات سنودن، واضاف: "سنودن احرق البيت، لكننا سنحصل على بيت أفضل".&
&