يعاني مئات الآلاف من سكان مدينة حلب في الأحياء الخاضعة لسيطرة قوات النظام من الحصار الخانق الناجم من قطع تنظيم الدولة الإسلامية طريق الإمداد الوحيد إلى ثاني مدن سوريا قبل خمسة أيام، والذي أدى إلى شبه فقدان للخضر والفاكهة وأسطوانات الغاز، وإن وجدت فبأسعار خيالية ليست في متناول غالبية الشعب.


إيلاف - متابعة: يشكو السكان من ارتفاع اسعار المواد الغذائية والمحروقات بشكل جنوني بسبب النقص في الكميات من جهة، ولجوء التجار الى سياسة الاحتكار من جهة ثانية. كما وجد البعض الاخر نفسه محتجزًا داخل المدينة او خارجها.

شبه فقدان
ويقول صلاح الدين (45 عامًا)، وهو سمسار عقارات، أب لاربعة أولاد، ويقيم في حي سيف الدولة، لوكالة فرانس برس، "مع ورود خبر انقطاع الطريق، بدأت الأسعار تحلق حتى وصلت بعد خمسة أيام إلى حد الجنون". يضيف "يتراوح سعر كيلو الطماطم اليوم، إن وجدت، بين 900 والف ليرة سورية (نحو ثلاثة دولارات) بزيادة سبعة أضعاف، كما ان الخضر والفواكه شبه مفقودة في المدينة".

ونتيجة النقص في المحروقات، يوضح صلاح الدين أن "الشوارع تكاد تخلو من السيارات، بسبب اغلاق محطات الوقود، حتى ان مولدات بيع الكهرباء ستتوقف غدًا، بسبب نفاذ كمية المازوت". وتشهد مدينة حلب منذ صيف 2012 معارك مستمرة بين قوات النظام، التي تسيطر على احيائها الغربية، والفصائل المقاتلة التي تسيطر على احيائها الشرقية.

آخر منفذ
وتمكنت الفصائل المقاتلة حينها من قطع طريق حلب دمشق الدولي ومحاصرة المدينة، قبل ان تعمل قوات النظام عام 2014 على فتح طريق أخرى تمر عبر بلدتي السفيرة وخناصر، اللتين تسيطر عليهما في ريف حلب الجنوبي الشرقي.

وفي 23 تشرين الاول/اكتوبر، تمكن التنظيم من قطع طريق خناصر اثريا، كما شن الثلاثاء هجومًا على بلدة السفيرة الواقعة على الطريق نفسه، وتمكن من التقدم في محيطها قبل ان تتصدى له قوات النظام مستقدمة تعزيزات اضافية الى المنطقة.

وبحسب مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن، فإن "مئات الالاف من سكان الاحياء الغربية في مدينة حلب باتوا معزولين بالكامل"، موضحًا ان طريق خناصر اثريا السلمية (حماة) "يعد المنفذ الوحيد من حلب الى كل مناطق سيطرة النظام في سوريا، عدا عن انه الطريق الوحيد باتجاه المدينة، سواء لامداد قوات النظام عناصرها، او لايصال الغذاء والحاجيات الاساسية الى سكان الاحياء الغربية".

تجار أزمات
ويتهم اهالي المدينة تجار حلب باستغلال الوضع القائم وممارسة سياسة الاحتكار، ما ادى الى ارتفاع الاسعار بشكل جنوني في غضون خمسة ايام. ويقول صلاح الدين "تجار حلب معروفون بالاحتكار ومحاولة الكسب في الأزمات".

ويعتبر أنس شعبان (28 عامًا) العامل في مجال الطباعة، "الكل يعلم بوجود احتياطي من المواد الغذائية، لكنّ هناك تجار أزمة يحتكرون المواد كي ترتفع أسعارها". ويقول مصور لوكالة فرانس برس في المنطقة ان سعر اسطوانة الغاز ارتفع من 1800 ليرة (ستة دولارات) الى 7500 ليرة (نحو 25 دولاراً).

ويرى احمد رامي (30 عامًا) أن "المشكلة ليست في تراجع كميات المواد الأساسية وارتفاع سعرها فقط (...) فالنقص في البنزين سيؤثر على موضوع التنقل في المدينة، كما ان فقدان المازوت سيؤدي غدا إلى اغراق المدينة في الظلام مجددًا". وينتظر احمد كما كثيرون اعادة فتح الطريق بفارغ الصبر بعدما عرقل خططهم الشخصية والمهنية.

ويقول احمد، التاجر الحلبي المقيم في مصر مع عائلته منذ نحو ثلاث سنوات، "قصدت حلب بداعي الزيارة والاطمئنان إلى صحة الأقارب والأصدقاء"، لكن "الطريق قطع قبل يوم من موعد سفري إلى بيروت، تمهيداً للانتقال إلى القاهرة، ومنذ ذلك الحين وأنا انتظر اعادة فتحه بفارغ الصبر".

قطع الانترنت يعزل
ويوضح ان "مشكلة انقطاع خدمة الانترنت زادت من معاناتي"، مضيفًا "لم أعد قادراً على التواصل سوى في ساعات الليل المتأخرة والصباح الباكر" لمتابعة اعماله في مصر.
وبالنسبة الى عبد الرحمن عبود (42 عامًا) العامل في مجال تسويق الادوية، اعتاد الاهالي على الحصار والنقص في المواد الاساسية، اذ "يمكن للحلبي أن يتأقلم مع أي ظرف.. مرّت عليه كل أشكال المعاناة". لكنه يضيف "أشعر بالملل حين ينقطع الانترنت لا الطريق".

وفي حين تستغل بيان عزام (22 عامًا) الطالبة في جامعة اللاذقية، قطع الطريق لقضاء بضعة ايام اضافية مع اسرتها واصدقائها في حلب، اضطرت ديما حريري (23 عامًا) الى تجميد خطة سفرها الى الخارج. وتقول لفرانس برس "كنت أنوي الهجرة إلى ألمانيا عبر مطار بيروت مرورًا بتركيا، لكن الطريق المغلق أرجأ الفكرة أيامًا إضافية، والخطة تقتضي وجودي في بيروت الخميس، وهذا الأمر بات مستحيلاً".

ولا يأبه ايهاب السيد (33 عامًا)، موظف في شركة اتصالات ومقيم في دمشق، بارتفاع الاسعار في حلب او بامكانية غرق المدينة في الظلام، لكنه وجد نفسه للمرة الرابعة مضطرًا لتأجيل زفافه بسبب تعذر وصوله الى خطيبته المقيمة في حلب.

ويقول لفرانس برس: "اضطررت لتأجيل حفل زفافي، الذي كان مقررًا غدًا، ليس بسبب الضائقة المالية والاقساط والديون، كما في المرات السابقة، إنما بسبب الطريق المغلق إلى مدينة حلب". ويضيف "أخبرونا أنه سيفتح قريبًا، ونحن بانتظار ذلك".

&