قال العبادي اليوم انه مُصرّ على خططه الاصلاحية رغم القيود التي وضعها عليه البرلمان العراقي في تصويت بالاجماع، مشددًا على ان من خسروا امتيازاتهم لن يستطيعوا وقفها .. فيما اعتبر خبير قانوني قرار البرلمان منعًا لرئيس الوزراء في الاستمرار بقراراته هذه من دون الرجوع اليه.

واكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الثلاثاء "عزمه واصراره على الاستمرار بالاصلاحات ومحاربة الفساد والفاسدين وعدم التراجع عن ذلك رغم التحديات والعقبات"، كما قال مكتبه الاعلامي في بيان صحافي اطلعت "إيلاف" على نصه. ونقل عن العبادي تشديده بالقول "لن تفلح محاولات من خسروا امتيازاتهم باعاقة الاصلاحات أو اعادة عقارب الساعة الى الوراء ونقض ما انجزناه، فإرادة المواطنين اقوى منهم وستقتلع جذور الفساد وتحقق العدل في العراق".

وكان مجلس النواب العراقي اعلن امس أن الحكومة لا تملك صلاحية تطبيق بعض بنود خطة الاصلاحات التي اعلنها العبادي، لان العديد من هذه البنود تحتاج الى قوانين من السلطة التشريعية.

وجاء قرار المجلس هذا بعد ان كان قد اقر في وقت سابق خطة الاصلاح تحت ضغط تحرك شعبي غاضب يطالب بخدمات وبمكافحة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة.

ويعتبر قرار البرلمان الجديد هذا بمثابة عائق اضافي امام تطبيق الاصلاحات التي تكمن صعوبتها الاساسية في الحد من الامتيازات، التي يتمتع بها المسؤولون الحكوميون الكبار.

خبير قانوني: البرلمان منع رئيس الوزراء من الاستمرار بالاصلاحات

ومن جهته، اعتبر الخبير القانوني طارق حرب قرار البرلمان امس بعدم جواز العبادي الاستمرار باصلاحته من دون عرضها عليه وأن تكون مشروطة بتوافقها مع مواد الدستور العراقي، منعًا وحظرًا لأي اصلاحات جديدة.

واشار الى ان قرار البرلمان اكتنفه الغموض والابهام مما يجعله قابلاً للتفسير والتأويل والرأي وخلافه والاجتهاد ونقيضه، فالمبدأ العام والقاعدة العامة التي وردت في صدر القرار وبدايته تتضمن الدعم والمؤازرة والمعاضدة والتأييد للاجراءات الاصلاحية التي يقوم بها رئيس البرلمان، وهذه فضيلة ومنقبة تحسب للبرلمان، ولكن قرار البرلمان هذا لم يكتفِ بذلك بل قيد رئيس الوزراء بقيود وحدود تمنعه من القيام باجراءات اصلاحية، وهذا واضح اولا من عبارة (وفق الدستور) الواردة في آخر مقدمة القرار الخاص بالتأييد والمعاضدة، وهذه العبارة قد تفسر الاستناد الى احكام المادة (59/2) من الدستور".

وجاء في نص قرار البرلمان الذي حصلت "إيلاف" على نصه، ما يلي، "بناء على احكام البند (ثانيا) من المادة (59) من الدستور صدر القرار الآتي "ان مجلس النواب العراقي اذ يؤكد تأييده ودعمه الكامل لحزمتي الاصلاحات النيابية والحكومية، وحرصه على انجازها وفقًا لأحكام الدستور والقوانين النافذة ضمن التوقيتات الزمنية المحددة، بما ينسجم وتطلعات ابناء الشعب الذين وضعوا ثقتهم بهذا المجلس وحملوه مسؤولية تمثيلهم، فإنه وفي الوقت نفسه، ينفي قيامه بتفويض أي من اختصاصاته التشريعية الموكلة اليه بموجب الدستور الى أي من السلطات الأخرى، حيث انه والتزامًا بمبدأ الفصل بين السلطات فإنه ينبغي على كل سلطة من سلطات الدولة القيام بوظيفتها وان لاتحيل هذه الوظيفة الى غيرها من السلطات".

واضاف الخبير القانوني طارق حرب في بيان صحافي الثلاثاء، اطلعت على نصه "إيلاف"، قائلاً إن هذا التفسير يكون بعيدًا اذا علمنا ان القرار ذاته صدر وفقًا لتلك المادة ولكن هذه العبارة تعني ان الاجراءات الاصلاحية التي يصدرها رئيس الوزراء يجب ان تكون وفق الدستور، واذا كان الامر كذلك فإن البرلمان يشكك باجراءات رئيس الوزراء حيث يعتقد ان بعض اجراءاته الاصلاحية او جميعها لم تكن وفق الدستور على الرغم من ان للبرلمان الطعن امام المحكمة الاتحادية بدعوى لابطال اجراءات رئيس الوزراء، اذا لم يتحقق فيها الحكم الخاص (وفق الدستور) وبالتالي لا يحتاج البرلمان الى ايراد هذه العبارة ما لم يكن قاصدًا ايقاف رئيس الوزراء عن اجراءاته الاصلاحية.

واوضح حرب أن تأكيد قرار البرلمان على أن سلطة التشريع هي للبرلمان وحده وليس لرئيس الوزراء ممارسة سلطة التشريع يعني ان البرلمان يرى في الاجراءات الاصلاحية ما يعد تجاوزًا على سلطاته على الرغم من أن رئيس الوزراء يصدر اوامر ديوانية، وليست قوانين في اجراءاته الاصلاحية، وهذه هي الاخرى توضح رفض البرلمان للاجراءات الاصلاحية دونما حاجة للتذرع بسلب سلطة اصدار القوانين.

وقال إن مبدأ الفصل بين السلطات من البديهيات والمسلمات الدستورية الواردة في المادة (47) من الدستور، والتي قررت ان السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات ولا نعلم ان رئيس الوزراء قد اصدر قوانين تدخل في اختصاص البرلمان أو اصدر مراسيم تدخل في اختصاص رئيس الجمهورية او اصدر احكاماً تدخل في اختصاص السلطة القضائية وانما اصدر اوامر ديوانية من صلاحيته واختصاصه الوارد في المادة (78) من الدستور باعتباره المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة.

واشار حرب الى ان الموقف الدستوري في قرار البرلمان انه اورد مقدمة لكنه عاد في التفصيل فألغى هذه المقدمة وشكك باجراءات رئيس الوزراء ودعا بطريق غير مباشر الى ايقاف الاجراءات الاصلاحية ومنعها ورفضها وكان الاولى ان يكون قرار البرلمان واضحاً بالنقاط السالفة دون ان يكون غامضًا مبهماً.

البرلمان: بعض قرارات العبادي تحتاج لتشريع ليس من صلاحياته

ويرى مجلس النواب ان قرار العبادي وضع سلم رواتب جديد لموظفي الدولة تضمن رفعًا للدرجات الدنيا وخفضًا بشكل كبير للدرجات العليا، هو تجاوز لصلاحيات مجلس النواب، كما أن اقالة نواب رئيس الجمهورية الثلاثة واحدة من القضايا التي تحتاج الى تشريع دستوري في البرلمان، وهذه ليست مهمة رئيس السلطة التنفيذية وهو رئيس الوزراء بل مهمة نواب الشعب وحيث لا يمكن&ضرب التشريع بدعوى الاصلاح.

يذكر ان العبادي وضمن حزم الاصلاحات التي اطلقها في التاسع من آب (اغسطس) الماضي قد الغى مناصب نواب رئيس الجمهورية الثلاثة، ومناصب نواب رئيس الحكومة الثلاثة، كما اعفى 123 وكيل وزارة ومديراً عامًا من مناصبهم واحالهم الى التقاعد.. وايضا قرر تقليص عدد المناصب الوزارية الى 22 بدلاً من 33 عبر الغاء ثلاثة مناصب لنواب رئيس الوزراء واربع وزارات ودمج ثماني وزارات وجعلها اربعًا فقط. كما قام بتقليص مرتبات المسؤولين الكبار والغاء غالبية عناصر حماياتهم واعادتهم الى القوات الامنية.

وأتت هذه الخطوات الاصلاحية بعد اسابيع من التظاهرات في بغداد ومناطق عراقية عدة، طالب خلالها المحتجون بدعم من مرجعية السيستاني بمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين وانهاء تسييس القضاء وتوفير الخدمات لا سيما المياه والكهرباء.