تسبب قرار لوزير العدل المصري يلزم المتقدم للزواج من مصرية، ويكبرها بأكثر من 25 عامًا، بأن يدفع لها مبلغ 50 ألف جنيه، تسبب بالكثير من ردود الفعل الغاضبة، التي اعتبرته بمثابة "تسعيرة" لبيع المصريات للأثرياء الأجانب والعرب، بينما ردت وزارة العدل بالقول إنه قرار يتماشى مع الشريعة الإسلامية. ويأتي القرار في ظل انتقاد نشطاء حقوقيين لما يعرف بـ"الزواج الصيفي"، المنتشر في بعض المناطق الفقيرة، بين الأثرياء العرب والفتيات الصغيرات.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: يواجه وزير العدل المصري أحمد الزند، انتقادات شديدة، على خلفية قرار أصدره بإلزام الزوج الأجنبي، الذي يكبر المصرية بأكثر من 25 عامًا بدفع مبلغ 50 ألف جنيه لها، أي ما يعادل 6.3 آلاف دولار أميركي.
ونص القرار رقم 9200 لسنة 2015، والذي نشر في الجريدة الرسمية على: "يكلف طالب الزواج الأجنبي من طالبة الزواج المصرية بتقديم شهادات استثمار ذات عائد دوري ممنوح / المجموعة (ب) في البنك الأهلي المصري، بمبلغ 50 ألف جنيه باسم طالبة الزواج المصرية، استيفاء للمستندات المطلوبة لدى مكتب التوثيق، إذا ما جاوز فارق السن بينهما 25 عامًا، عند توثيق عقد الزواج".
رقّ مقنّع
وهاجم نشطاء مدافعون عن حقوق المرأة& الزند، واعتبروا قراره بمثابة تقنين لعمليات الاتجار في البشر، وقال رضا الدنبوقي المدير التنفيذي لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، إن "بنات مصر ونساءها لسن سلعة للبيع"، معتبرًا أن "مدلول قرار وزير العدل المستشار أحمد الزند، ما هو إلا صورة من صور الإتجار بنساء مصر وربط الزواج بمقابل مادي".
وأضاف أنّ "المقابل المادي لن يحل مشكلة الإتجار بالنساء، وكذلك اتخاذ البعض ورقة الزواج كوسيلة مشروعة لذلك، ولن يكون عائقًا أو حائلًا على المزايدة بأن من يمتلك مالًا أكثر يتزوج أكثر". وتابع: "كان ينبغي على الدولة أن تضع آليات لحماية المرأة من الإتجار بها". وأعرب عن "بالغ القلق من قرار المستشار أحمد الزند وزير العدل، المتضمن القوانين المعدلة لتكاليف طالب الزواج الأجنبي من مواطنة مصرية بتقديم شهادات استثمار ذات عائد دوري في البنك الأهلي المصري بمبلغ 50 ألف جنيه باسم طالبة الزواج المصرية".
بدورها، هاجمت نائبة رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، رباب عبده، القرار الجديد. وقالت في تصريح أرسلته إلى "إيلاف" إن ما حصل "يؤكد على أن وزارة العدل بمعزل تام عن جهود الدولة الرامية إلى مكافحة إحدى الظواهر المجتمعية التي تهدد آمن وسلامة بنات وسيدات مصر، مستغلة في ذلك حالة العوذ المادي وتدني الأوضاع الإقتصادية عند بعضهن، وهي ظاهرة الزواج الصيفي أو زواج الصفقة، وهو الذي يتم إستغلال الفتيات الصغيرات في الزواج (السياحي) بينها وبين شخص يكبرها بعقود، بشرط إمتلاكه للسعر، والذي حدده وزير العدل بثمن بخس".
ليست حلًا
واعتبرت عبده أن القرار بمثابة "تأصيل وتأكيد على أن من يملك ثمن الشهادات (50 ألف جنيه) سيتمكن من إتمام الصفقة، ولكن في إطار قانوني، وبموافقة ومباركة من وزارة العدل المصرية".
ولفتت إلى أن القرار "يعود بالمرأة المصرية إلى عصر الجواري وأسواق النخاسة من جديد، وهي محاولة من وزير العدل (غير صائبة) لحل المشاكل الناتجة من زواج العرب بالمصريات أثناء تواجدهم في مصر، وذلك لأن هذا الشرط المالي (البخس) لن يساهم في حل الأزمة، لأنه لن يكون عائقاً أمام أي مسنّ ثري ليتمتع بالفتاة الصغيرة ثم يطلقها إن أراد في أي وقت، وبهذا لن تحل مشكلة زواج المصريات بالعرب".
ووصفت عبده القرار بـ"غير المدروس"، مشيرة إلى أنه "يؤكد على أن وزارة العدل المصرية تعمل في عكس توجهات القيادة السياسية للدولة المصرية، التي تدعو إلى ضرورة الإرتقاء بأوضاع المرأة المصرية في المجالات كافة، وخاصة بعد حالة المشاركة السياسية غير المسبوقة لها في كل الإستحقاقات السياسية المصرية ودورها التاريخي في دعم خارطة الطريق 2013 ودعمها لها في كل إستحقاق، حتى وصفها الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنها (أيقونة المشاركة السياسية في مصر)".
ودعت إلى "إعادة النظر مرة أخرى في هذا القرار المعيب من جديد، وفي إطار أوسع من التعاون مع منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، وتماشيًا مع جهود الدولة في دعم قضايا المرأة والدفاع عن حقوقها والنهوض بها في المجالات كافة، وبما يتماشى مع توجهات الدستور المصري، الذي رسخ لحقوقها، وكذا إجراء نوع من المواءمة القانونية والتشريعية مع الإتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق المرأة".
شرعي وقانوني
من جانبها، دافعت وزارة العدل عن القرار، معتبرة أنه يتوافق مع الشريعة الإسلامية. وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة، المستشار حمدي عبدالتواب، إن قرار وزير العدل الخاص بتعديل قوانين التوثيق لزواج المصريات من أجانب في حالة كونه يكبرها في السن بـ25 عامًا، ودفع 50 ألف جنيه كتأمين لها، ليس جديدًا، بل معمول به منذ أكثر من 30 عامًا، وهو ضمانة وتأمين للفتاة المصرية عند زواجها من أجنبي.
أضاف عبدالتواب، في تصريحات له تلقت "إيلاف" نسخة منها، أن وزارة العدل عدلت بعض أحكام المرسوم باللائحة التنفيذية لقانون التوثيق المعدل بالقانون 103 لسنة 1976 بزيادة المبلغ من 40 إلى 50 ألف جنيه، ونزل بالسن من 30 إلى 25 عامًا، كنوع من الضمانة والتأمين، موضحًا أن الزيادة جاءت للحد من الزواج العرفي وبكبار السن، وأن زيادة المبلغ جاءت بما لا يخالف الشريعة الإسلامية.
وأشار المتحدث باسم الوزارة إلى أن البرلمان المقبل سينظر كل القوانين التي صدرت خلال الفترة الماضية، وأنه له الحق في الإبقاء عليها أو تعديلها ومراجعتها، منوهًا بأن ذلك يأتي في إطار تقدير وزير العدل للمرأة المصرية، وأن أولى خطوات هذا التقدير كانت بتعيين امرأة مساعدًا لوزير العدل، تكون متخصصة في شؤون المرأة والطفل، وأيضًا تخصيص دوائر لنظر قضايا العنف ضد المرأة.
&
ونس سياحي
ووفقًا لدراسة صادرة من وزارة السكان في العام 2009، فإن نسبة الفتيات المصريات المتزوجات من غير المصريين تقدر بـ 3.74 في المئة. وعرفت الدراسة التي أجريت على عينة من ألفي فتاة، الزواج السياحي أو الزواج الصيفي بـ"زواج الطفلة الأنثى من غير المصري في موسم توافد السيّاح العرب إلى مصر".
ولفتت إلى أن هذه الظاهرة "تزداد في فصل الصيف، عندما يأتي السائح بالنزهة في الأماكن الأثرية والساحلية والتسوق، يريد أيضًا أن يتزوج من فتاة صغيرة مصرية في هذه المدة". وأشارت الدراسة إلى أن السبب في وجود الظاهرة انتشار "شبكة السماسرة في المناطق النائية والعشوائية في القرى والنجوع، وهم وسطاء بين أهل العروسة والعريس لتوطيد العلاقة، ولإبهار الأهل بما يدفعه الفارس العريس الطاعن في السن".
&
التعليقات