إسلام آباد: تنشط "جماعة الدعوة" في جميع انحاء باكستان، رغم ادراجها على لائحتي الامم المتحدة والولايات المتحدة للتنظيمات الارهابية، ما يشكل تحديا لسياسة الحكومة الجديدة في مكافحة الارهاب.

وتعهدت باكستان الامتناع عن التساهل حيال من يطلق عليهم المقاتلين "الجيدين" وذلك بعد المجزرة التي ارتكبتها حركة طالبان في احدى مدارس بيشاور في كانون الاول/ديسمبر وانتهت بمقتل 153 شخصا بينهم 134 تلميذا.

وتعتبر قوى دولية، بينها الولايات المتحدة والهند، ان "جماعة الدعوة" ليست سوى احدى جبهات جماعة "لشكر طيبة" المتهمة بتنفيذ هجمات بومباي الدامية في العام 2008، التي اسفرت عن مقتل 166 شخصا.

وتنفي "جماعة الدعوة" اي علاقة لها باعمال العنف، كما ان لديها في باكستان شعبية كبيرة بسبب اعمالها الخيرية، وخصوصا في مواجهة الكوارث الطبيعية. وللالتزام بقرار صادر عن الامم المتحدة، اعلنت باكستان تجميد اموال الجماعة بعد تفجيرات بومباي، وهو التزام جددته اسلام آباد خلال الاسابيع الماضية.

ولكن مقر الجماعة الاساسي، وهو مجمع محاط باجراءات امنية مشددة في حقول الارز في مدينة موريدكي (شمال لاهور)، يظهر ان شيئا لم يتغير فعليا. ويرأس الطبيب اخطر حسين مستشفى العزيز في وسط المجمع، الذي يضم ايضا مدارس للفتيان والفتيات تستخدم الكتب المعتمدة من الحكومة الباكستانية واخرى تابعة للجماعة.

وانشأت "جماعة الدعوة" شبكة من المنشآت الصحية والتعليمية في كافة انحاء باكستان، بينها خمس مستشفيات و200 مستوصف وخدمات اسعاف فضلا عن 250 مدرسة.

وحين قامت وكالة فرانس برس بزيارة مستشفى العزيز، وجدت امرأة مسنة تنتظر دورها لاجراء فحص لعينيها. وفي هذا الصدد يقول حسين، ان "عمليات اللايزر للعينين مجانية". واشار ايضا الى ان كل من طبيبي الاسنان الموجودين في المستشفى يستقبل يوميا حوالى 40 مريضا.

وتبلغ تكلفة عملية عصب السن 50 روبيه (50 سنتا اميركيا). وتقول المريضة رنا خلق الرحمن ان السعر ليس سوى "جزءا تافها من السعر الحقيقي، ففي مستشفى خاص تدفع على الاقل الف روبيه".

وعند حصول اي كارثة طبيعية، تكون "مؤسسة الفلاح والانسانية"، الجناح الاغاثي للجماعة، بين اول منظمات الاغاثة على الارض. وعادة ما يمكن رؤية رئيس "جماعة الدعوة" حافظ سعيد واقفا في الخطوط الامامية يقدم الطعام للمتضررين. وقد وضعت الولايات المتحدة مكافأة بقيمة عشرة ملايين دولار لمن يقدم معلومات للقبض عليه.

ورغم المكافأة الاميركية، يمارس سعيد حياة عادية ويلقي خطابات قاسية ضد الهند. وتقدم الخميس الماضي تظاهرة شارك فيها الآلاف في لاهور لاحياء "يوم كشمير" تحت انظار الشرطة امام مقر المحكمة العليا في المدينة.

ويشرح المعماري صدام سهيل (25 عاما) ان "السياسيين لا يفهمون مشاكلنا بعكس الجماعة التي تساعدنا". وسهيل ايضا يكن العداء للهند مثل غالبية انصار "جماعة الدعوة". وبدوره يضيف المزارع غلام سروار (55 عاما) "حين تقول الولايات المتحدة ان جماعة الدعوة ارهابية، يغلي الدم في عروقي".

اما جماعة "لشكر طيبة" فتأسست في الثمانينات لمحاربة القوات السوفياتية في افغانستان، وعادت الجماعة وقدمت نفسها في التسعينات "للجهاد" في كشمير، المنطقة التي تتقاسمها باكستان مع الهند. وتدعي كل من الدولتين ان المنطقة تعود اليها، وقد خاضتا فعليا حربين حولها.

وترسل "لشكر طيبة" اليوم المقاتلين الى ولاية نورستان في شرق افغانستان، وفق ما نقل تقرير للامم المتحدة عن مسؤولين افغان.

وتجند تلك الجماعة غالبية عناصرها من معقلها الاساسي في ولاية البنجاب، حيث مستوى التعليم اعلى من المعدل العام في البلاد، بحسب دراسة حول قتلى المتمردين نشرتها اكاديمية ويست بوينت العسكرية.

ووفق عارف جمال، صاحب آخر دراسة حول "جماعة الدعوة"، فان شعبية الجماعة تعود لموقفها من قضية كشمير فضلا عن عملها في مجال الرعاية، وهما عنصران يميزانها عن باقي المجموعات "الجهادية" في باكستان.

ويقول جمال لفرانس برس ان جناح "جماعة الدعوة" في مجال الرعاية بمثابة "درع" لحمايتها. ويضيف ان الجماعة "تجمع التبرعات عبر العمل الخيري اكثر من اي وسيلة اخرى كما تجند المناصرين عبر الوسيلة ذاتها".

الى ذلك "لا ينظر اليها الجيش الباكستاني على انها جماعة ارهابية" بسبب موقفها من قضية كشمير.

كما ان السياسيين المعارضين للجماعة لن يعترضوا عليها ابدا في العلن. وفي هذا الصدد يقول جمال: "ما لم تخرج الجماعة عن سيطرتهم، لا اظن انهم سيتعرضون لها. ولا اعتقد ان هذا سيحصل في اي وقت قريب".