في خطوة أثارت الكثير من الجدل في مصر، حذفت وزارة التربية والتعليم دروساً تقدم سيرة صلاح الدين الأيوبي، محرر القدس، وعقبة بن نافع فاتح أفريقيا، معتبرة أن هذه الدروس تحرض على العنف وكراهية الآخر.
القاهرة: أثار وزير التعليم المصري الجديد، محب الرافعي، الكثير من الجدل الممزوج بالغضب، بسبب إقدامه على حذف دروس ونصوص تروي قصة البطل الإسلامي صلاح الدين الأيوبي، الذي ينسب إليه الفضل في تحرير القدس وطرد الصليبيين من بلاد العرب، كما حذف أجزاء واسعة من قصة عقبة بن نافع الذي ينسب إليه الفضل في فتح أفريقيا. وتعرض الرافعي لإنتقادات شديدة، بسبب هذه الخطوة التي اعتبرت بمثابة تعليم الأطفال الخنوع والخضوع للمحتل، فيما دافع آخرون عنها، لأن بعض هذه الدروس تعلم الأطفال العنف وتخض على كراهية الآخر.
&
وقد حذفت وزارة التربية والتعليم المصرية، ستة فصول من قصة "عقبة بن نافع.. فاتح إفريقيا"، المقررة في مناهج الصف الأول الإعدادي، وهي: الفصل الحادي عشر "عبقرية عقبة الحربية"، الفصل الثاني عشر "ماء فرس"، الفصل الرابع عشر "عزل عقبة"، الفصل الخامس عشر "عودة عقبة للقيادة"، الفصل السابع عشر "يوم مشهود"، والفصل الواحد والعشرون "عقبة على شاطئ الأطلنطي".
&
وقالت الوزارة إن الوحدات المحذوفة تتضمن عبارات تحض على العنف وكراهية الآخر، ومنها: "ظل عقبة في منصبه كقائد للحامية ببرقة، ونأى عن أحداث الفتنة التي وقعت بين المسلمين، وصب اهتمامه على الجهاد ونشر الإسلام بين قبائل البربر ورد غزوات الروم".
&
ووردت عبارات أخرى تحث على غزو أوروبا، ومنها: "كانت هناك عدة بلاد قد خلعت طاعة المسلمين بعد اشتعال الفتنة، منها ودان وإفريقية وجرمة وقصور خاوار، فحارب عقبة تلك القرى وأعادها بالقوة إلى الدولة الإسلامية، وأوغل بهم في بلاد المغرب، حيث تغلغل في الصحراء بقوات قليلة وخفيفة لشن حرب عصابات خاطفة في أرض الصحراء الواسعة ضد القوات الرومية النظامية الكبيرة التي لا تستطيع مجاراة المسلمين في الحرب الصحراوية، وبعد وفاة معاوية وفي خلافة ابنه يزيد أعاد عقبة مرة ثانية للولاية سنة 62هـ، فولاه المغرب، فقصد عقبة القيروان، وخرج منها بجيش كثيف وغزا حصوناً ومدناً حتى وصل ساحل المحيط الأطلنطي بالسوس الأقصى، وتمكن من طرد البيزنطيين من مناطق واسعة من ساحل أفريقيا الشمالي".
&
وحذفت الوزارة أيضاً، الوحدة الأولى بمنهج اللغة العربية للصف الخامس الابتدائي التي تتحدث عن البطل الإسلامي صلاح الدين الأيوبي، وتسرد فتوحاته وتحرير القدس من الصليبيين، وطرد الروم، وعللت لذلك بأن هذه الدروس تحث على كراهية الآخر، والغزو أن الإسلام انتشر بحد السيف.
&
كما حذفت الوزارة درساً من مناهج الصف الأول الإعدادي، يروي قصة معاقبة الخصوم بالحرق على طريقة إحراق تنظيم "داعش" الإرهابي للطيار الأردني معاذ الكساسبة، ويحمل الدرس عنوان "ثورة العصافير ونهاية الصقور"، ويروي الدرس قصة مجموعة من العصافير، حاولت الصقور احتلال أعشاشها واختطاف صغارها، إلا أنها تصدت لها وهزمتها وأحرقتها.
&
وتبرر الوزارة للإجراء بالقول إنه "تم حذف الموضوعات التي يمكن أن تحث على العنف أو التطرف، أو تشير إلى أي توجهات سياسية أو دينية أو أي مفاهيم يمكن أن تستغل بشكل سيئ".
&
فيما قالت مدير مركز تطوير المناهج، ثناء جمعة، إن وزارة التربية والتعليم لم تحذف قصة صلاح الدين الأيوبي وعقبة بن نافع بشكل كامل، مشيرة إلى أن الأجزاء المحذوفة تتضمن عبارات تحض على العنف والكراهية، وتسيء إلى الإسلام، وتؤكد النظريات الغربية أنه دين يعتمد على العنف وانتشر بحد السيف.
&
&وأوضحت لـ"إيلاف" أن من ضمن العبارات المحذوفة مثلاً عبارة وردت ضمن قصة عقبة بن نافع تقول: "دخل عقبة بن نافع وقتل أهل القرية وهم نائمون"، معتبرة أن هذه العبارة تسيء إلى الدين الإسلامي، وتحرض على قتل المدنيين والناس الآمنين في بيوتهم. ولفتت إلى أن هناك لجنة لتطوير المناهج تعمل على تنقيتها من الدروس والعبارات التي تسيء للإسلام وتحض على العنف والكراهية، وإنكار حقوق الآخر.
&
فيما انتقد خبراء تربويون وسياسيون إقدام وزارة التربية والتعليم على حذف هذه المناهج، واتهم الدكتور خالد محمود، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة القاهرة، وزارة التربية والتعليم بـ"تزييف التاريخ"، وقال لـ"إيلاف" إن صلاح الدين الأيوبي وعقبة بن نافع من أبرز الأبطال في التاريخ الإسلامي، وسيرتهما من أفضل السير، وشهد بحسن أخلاقهما الأعداء، وكتبت فيهما كتباً من قبل الغرب، معتبراً أن عقبة بن نافع ليس سافك دماء كما تحاول الوزارة إظهاره، بل إنه فتح شمال أفريقيا، ولم يثبت التاريخ أنه ارتكب أية مجازر، بل بنى المدن وأنشأ دور العلم، ولا ينكر أحد أنه بنى مدينة القيروان.
&
ولفت إلى أن الحكومة المصرية خضعت لضغوط أميركا في هذا الشأن، وحذفت سيرة صلاح الدين الأيوبي، بحجة أنها تنظر للغرب على أنه "صليبي"، مشيراً إلى أن "الحرب الصليبية المقدسة"، هي عبارة تاريخية أطلقها الغرب الأوروبي على حروبهم ضد الدول الإسلامية عندما غزوها، وارتكبوا مجازر بحق المسلمين في مدينة القدس، وقتلوا مئات الآلاف خلال أول إسبوع من الغزو.
&
ولفت إلى ضرورة تنقية العبارات الفضاضة وليس حذف الأحداث الثابتة في التاريخ. وتساءل: هل حذفت دول أوروبا وأميركا المناهج التي تتحدث عن الدول العثمانية أو الفتوحات الإسلامية؟ هل حذفت أسبانيا الدروس التي تتحدث عن قتل وحرق المسلمين في بلاد الأندلس؟&
&
وانتقد رئيس حزب النور السلفي الحذف، وقال: "بعد حذف قصة الصحابي الجليل عقبة بن نافع والبطل صلاح الدين من منهج اللغة العربية، ﻻ نستبعد أن نجد مكانهما العام المقبل "البطل ريتشارد قلب اﻷسد" والفاتح "نابليون".
&
التعليقات