يتهم المسؤولون الأميركيون ديفيد كاميرون بأنه لا يولي السياة الخارجية اهتمامًا كبيرًا ويجازف باتستفتء الخروج من أوروبا، وهذا يهدد العلاقات التاريخية بين البلدين.

إيلاف - متابعة: رحب الرئيس الاميركي باراك اوباما بفوز المحافظين بقيادة ديفيد كاميرون في الانتخابات البريطانية، لكن شكوكًا تحيط بدور بريطانيا في اوروبا والعالم، وكذلك بـ"علاقتها الخاصة" مع الولايات المتحدة. وسارع البيت الابيض إلى تهنئة كاميرون فور إعلان فوزه.

خاصة ومميزة

بعد أن أشاد أوباما بـ"فوز كاميرون الانتخابي اللافت"، شدد على العلاقة الخاصة والمميزة التي تربط الولايات المتحدة ببريطانيا. وقال اوباما: "لقد كنت مسرورًا للعمل بشكل وثيق مع رئيس الوزراء كاميرون حول سلسلة ملفات ذات الاهتمام المشترك في السنوات الماضية، واتطلع للاستمرار في توطيد العلاقات بين بلدينا".

ومع فارق العمر الذي لا يتجاوز خمس سنوات، وكون الانكليزية لغة مشتركة بينهما، يقول المسؤولون إن اوباما وكاميرون يتفقان كثيرًا، وهو أمر نادر لرئيس اميركي يعتبره العديد من المسؤولين الاجانب بالجدي، لا بل البارد جدًا.

وكون بريطانيا دولة دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي، وبلدًا عضوًا في حلف شمال الاطلسي شارك في الحرب على كل من العراق وافغانستان، وتشارك ايضا في المفاوضات حول النووي الايراني، فإن التنسيق معها حيوي.

بلد ضال

وغالبًا ما يعطي البيت الابيض أولوية للمستشارة الالمانية أنجيلا ميركل على قائمة الزعماء الاوروبيين، لكن للعلاقة الخاصة مع بريطانيا منافع عملية عديدة.

في واشنطن، يعقد الدبلوماسيون البريطانيون اجتماعات ثنائية مع كبار المسؤولين عن الامن القومي في البيت الابيض، خلافًا لما يحصل مع حلفاء اوروبيين اخرين. لكن إضافةً إلى القيم المشتركة، والروابط التي اقيمت بين البلدين في خلال الحرب العالمية الثانية، هناك شعور في واشنطن بأن بريطانيا بلد ضال.

وقال توماس رايت، من معهد بروكينغز: "واشنطن تشكك في كاميرون لأنه لا يبدو مهتمًا كثيرًا بالسياسة الخارجية". وهذا واضح جدا في السياسة التي ينتهجها كاميرون حيال اوروبا. ففي خلال الحملة الانتخابية، وعد بتنظيم استفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الاوروبي بحلول 2017.

تراجع التأثير

يسعى كاميرون وحزب المحافظين الذي يتزعمه والاحزاب السياسية الرئيسية للفوز بـ "نعم" في الاستفتاء حول البقاء في الاتحاد الاوروبي، لكن كثيرين في واشنطن يشعرون بالحيرة إزاء مجازفة رئيس وزراء بريطانيا بتنظيم الاستفتاء أصلًا.

فبريطانيا داخل أكبر مجموعة تجارية في العالم أكثر فائدة من جزيرة معزولة بالنسبة إلى الولايات المتحدة. وقال رايت إن الاميركيين مستاءون لأنهم يريدون بريطانيا قوية واوروبا قوية، "واذا استمر كما كان عليه في السابق فإن تاثير بريطانيا في الولايات المتحدة سيتراجع أكثر. لكن اذا غير مساره وحاول استعادة نفوذ بريطانيا على الساحة الدولية فانه سيعطي دفعة جديدة لهذه العلاقة المميزة".

نهج مستمر

لكن المبادرات الاولى لكاميرون بعد فوزه تنبئ باستمرار هذا النهج بدلًا من تغييره. كما أن ابقاء فيليب هاموند في منصبه كوزير للخارجية طرح تساؤلات. وقال غاري شميت، من مؤسسة أميريكان انتربرايز انستيتيوت: "هذا يوحي بأن كاميرون راض عن نهج السياسة الخارجية المعتمد، ولا يشعر بالحاجة إلى تغييرات في هذا المجال".

واعادة انتخاب كاميرون تعني ايضًا الاستمرار في تطبيق سياسات التقشف مع كبح النفقات الحكومية. واعلن رئيس الوزراء الجمعة أن جورج اوزبورن وزير المال الملقب ب"سيد التقشف" سيبقى في منصبه في ادارته الجديدة.

وفي حين ترحب الخزانة الاميركية والاحتياطي الفدرالي بهذا الحذر المالي فان هذا يعني أن بريطانيا ستتجاهل الدعوات الاميركية لزيادة النفقات في مجال الدفاع.

مستقبل لا يسرّ

كبلد عضو في الحلف الاطلسي، فإن داونينغ ستريت مستعدة لانفاق 2% على الأقل من إجمالي الناتج الداخلي في مجال الدفاع. وموازنة أوزبورن الاخيرة تعني أن الرقم يقدر الان بـ1,8% وفقًا لمعهد "رويال يونايتد سورفيسز انستيتيوت" النافذ.

وانتخابات الخميس ستطرح ايضًا تساؤلات في البنتاغون حول التزام بريطانيا في مجال الردع النووي. وحقق القوميون في اسكتلندا، الذين يعارضون نشر غواصات نووية في منطقتهم، فوزًا مدويا بالحصول على 56 مقعدًا من أصل 59.

وقال جيمس ليندسي، من مجلس العلاقات الخارجية: "للتاريخ المشترك واللغة المشتركة اهمية كبيرة. لكن بخصوص العديد من الملفات ستكون لندن وواشنطن اكثر سرورًا في التحدث عن الماضي بدلًا من المستقبل".