الدعم الذي تقدمه طهران لنظام دمشق ليس مجانيًا، بل ثمنه مصادرة للقرار السياسي، وتحويل منشآت عسكرية سورية إلى مناطق إيرانية مقفلة بوجه جيش الأسد.
بيروت: شدد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لمجلة دير شبيغل الألمانية على أهمية الدعم الإيراني المقدم للنظام السوري في حربه ضد شعبه، وقال: "لولا دعمنا لوجدنا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يحكم دمشق".
مفاصل القرار
لكن هذا الدعم ليس مجانيًا. فالمعارضون والعديد من الموالين يتحدثون عن "وصاية" إيرانية حقيقية على سوريا اليوم، وتستعيد صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية قولًا للمبعوث الدولي للأزمة السورية ستيفان دي ميستورا: "نظام الأسد مدين لإيران بنحو 35 مليار دولار، لكن طهران لم تعد قادرة على الاستمرار في إغداق الأموال على الأسد، إلا بشروط أبرزها هيمنة إيرانية كاملة على آلية صنع القرار في دمشق. وترجع الصحيفة الفرنسية حوادث الاطاحة بمسؤولين أمنيين سوريين أخيرًا إلى هذه الهيمنة.
أضافت "ليبراسيون": "ثمة مصادر مقربة من الأسد تتحدث عن بيع البلاد لإيران، فيقولون إن النظام وافق على بيع أو رهن مبانٍ أو أملاك تعود للدولة السورية مقابل استمرار المساعدات المالية المتدفقة من طهران".
على المستوى السياسي، وبحسب الصحيفة الفرنسية نفسها، هذه المساعدات المالية أمنت لطهران يدًا طولى في القرار السياسي والعسكري الدمشقي، فبادرت إلى إزاحة رموز أمنية اعتبرت لزمن طويل من أركان نظام الأسد، من أمثال حافظ مخلوف، ابن خال بشار الأسد ورئيس جهاز الأمن العام القوي في دمشق، ثم مدير الأمن السياسي وأحد أركان المخابرات السورية رستم غزالي الذي قتل بطريقة غامضة، ثم شفيق شحادة الذي لم يعد يسمع عنه أي خبر منذ إقالته بعد ضربه غزالي، ثم اللواء علي المملوك، رئيس جهاز الأمن الوطني والمستشار الخاص لبشار الأسد، أو أقوى الأقوياء كما تسميه الصحيفة، الذي يبقى مصيره غامضًا.
الضبعة ثكنة إيرانية
ثمة جانب آخر من الوصاية الإيرانية على النظام السوري وجيشه ومنشآته العسكرية. فقد نقل موقع "زمان الوصل" السوري المعارض عن ضباط منشقين تأكيدهم أن مطار الضبعة العسكري، الواقع 30 كيلومترًا جنوب غرب مدينة حمص، صار اليوم أهم المطارات التي تدعم النظام والميليشيات الإيرانية، كلواء الرضا الشيعي الذي يسعى للسيطرة على حمص، بعد أن بسط سيطرته على القصير وقراها.
وقال الرائد المنشق عن جيش النظام، وهو من آل الطويل: "مطار الضبعة العسكري من أقدم المطارات الحربية في سوريا، وأصبح الآن ثكنة إيرانية، يستقبل طائرات الشحن الإيرانية المحمّلة بالعتاد العسكري والمساعدات الغذائية والطبية والمقاتلين الشيعة من كافة أنحاء العالم، وإدارة المطار إيرانية بالكامل".
أضاف الطويل: "الإيرانيون أوكلوا حماية محيط المطار لميليشيا حزب الله، الذي منع سكان القرى المجاورة من العودة إلى قراهم، فالمطار أصبح نقطة استقبال وانطلاق لمعظم الميليشيات الشيعية التي تقاتل إلى جانب النظام، وجيش النظام ومرتزقته ممنوعون من الاقتراب من المطار، ولا يحق لهم الدخول إليه إطلاقًا".
تحّكم بالطائرات المسيّرة
وقال عميد مهندس منشق عن جيش النظام لـ"زمان الوصل" إن مطار الضبعة العسكري كان يسمى عسكريًا بـ"مفرزة متأخرة"، تخزّن فيه الطائرات الحربية المنسّقة من نوع ميغ-21، وكان مهملًا قبل الثورة، لا تهبط فيه الطائرات، وحاول محافظ حمص الأسبق المهندس إياد غزال تحويله إلى مطار مدني بالمنطقة الوسطى، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.
ونقل العميد المهندس عن ضابط طيار موالٍ للنظام قوله إن إيران استحدثت في مطار الضبعة ومنذ أيلول (سبتمبر) 2011 محطة تحكّم لطائرات من دون طيار إيرانية، مختصة بتصوير المظاهرات السلميّة والأماكن السكنية التي بدأ يستهدفها طيران النظام في العام الثاني للثورة السورية.
&
التعليقات