أكد العاهل المغربي الملك محمد السادس أن الانتخابات البلدية والجهوية ستكون حاسمة، مشددًا في الوقت ذاته على أن بلاده اضطرت لاتخاذ تدابير وقائية لحماية أمنها ومن ضمنها فرض التأشيرة على السوريين والليبيين.

الرباط: قال العاهل المغربي الملك محمد السادس إن الانتخابات البلدية والجهوية ليوم 4 سبتمبر/أيلول المقبل، التي تفصلنا عنها أيام معدودة، ستكون حاسمة لمستقبل المغرب، خاصة في ظل ما يخوله الدستور والقانون من اختصاصات واسعة لمجالس الجهات (المناطق) والجماعات المحلية (البلديات).

وذكر ملك المغرب أنه "حتى تكون الأمور مفهومة عند عموم المواطنين، فقد ارتأينا أن نوضح لهم مهام كل مؤسسة، ودورها وتأثيرها في حياتهم، لأن من حقهم أن يعرفوا كل شيء عن مؤسساتهم، ليتخذوا القرار ويحسنوا الاختيار".
&
وأوضح الملك محمد السادس، في خطاب وجهه إلى الشعب المغربي، مساء الخميس، بمناسبة الذكرى الثانية والستين لثورة الملك والشعب، أن "الحكومة مسؤولة، تحت سلطة رئيسها، عن ضمان تنفيذ القوانين، وعن وضع السياسات العمومية، والمخططات القطاعية في مختلف المجالات. كما أن الإدارة موضوعة تحت تصرفها. ومن واجبها تحسين الخدمات الإدارية، وتقريبها من المواطنين"، مذكرا بما قاله في خطاب سابق& بأن "الحكومة ليست مسؤولة عن مستوى الخدمات، التي تقدمها المجالس المنتخبة".
&
واضاف ان وزير الطاقة ليس مسؤولا عن الإنارة في الأحياء، وربط المنازل بشبكات الكهرباء والماء الصالح للشرب والصرف الصحي. كما أن نظافة الشوارع والأحياء ليست من مهام وزير الداخلية. وإصلاح الطريق داخل الجماعة(البلدية)، وتوفير وسائل النقل الحضري ليس من اختصاص وزير التجهيز والنقل، مشيرا إلى أنه "على المواطن أن يعرف أن المسؤولين عن هذه الخدمات الإدارية والاجتماعية، التي يحتاجها في حياته اليومية، هم المنتخبون الذين يصوت عليهم، في الجماعة والجهة، لتدبير شؤونه المحلية. وعكس ما يعتقده البعض، فإن المنتخب البرلماني لا علاقة له بتدبير الشؤون المحلية للمواطنين. فهو مسؤول على اقتراح ومناقشة القوانين، والتصويت عليها، ومراقبة عمل الحكومة، وتقييم السياسات العمومية".
&
واعتبر الملك محمد السادس أنه "إذا كان عدد من المواطنين لا يهتمون كثيرا بالانتخابات ولا يشاركون فيها، فلأن بعض المنتخبين لا يقومون بواجبهم، على الوجه المطلوب. بل إن من بينهم من لا يعرف حتى منتخبيه"، مشددا، بهذا الخصوص، على أن "المنتخب، كالطبيب والمحامي والمعلم والموظف وغيرهم، يجب أن يشتغل كل يوم. بل عليه أن يعمل أكثر منهم، لأنه مسؤول عن مصالح الناس، ولا يعمل لحسابه الخاص".
&
واشار الملك محمد السادس الى أن "هناك بعض المنتخبين يظنون أن دورهم يقتصر على الترشح فقط. وليس من أجل العمل. وعندما يفوزون في الانتخابات، يختفون لخمس أو ست سنوات، ولا يظهرون إلا مع الانتخابات الموالية"، معتبرا أن "التصويت لا ينبغي أن يكون لفائدة المرشح الذي يكثر من الكلام، ويرفع صوته أكثر من الآخرين، بشعارات فارغة أو لمن يقدم بعض الدراهم، خلال الفترات الانتخابية، ويبيع الوعود الكاذبة للمواطنين".
&
وذكر العاهل المغربي أن "هذه الممارسات وغيرها ليست فقط أفعالا يعاقب عليها القانون، وإنما هي أيضا تعبير صارخ عن عدم احترام الناخبين"، وأن "التصويت يجب أن يكون لصالح المرشح، الذي تتوفر فيه شروط الكفاءة والمصداقية، والحرص على خدمة الصالح العام".
&
وقال الملك محمد السادس إن الهدف من الانتخابات "لا ينبغي أن يكون الحصول على المناصب، وإنما يجب أن يكون من أجل خدمة المواطن فقط"، وأن "التصويت حق وواجب وطني" بالنسبة للمواطنين.
&
وشدد العاهل المغربي على أن ذلك "يتطلب من الأحزاب والمرشحين، العمل على إقناعهم، بجديتهم وجودة وواقعية برامجهم، وتوضيح الرؤية أمامهم، وحسن التواصل معهم".&
&
ودعا في هذا السياق، فعاليات المجتمع المدني والهيئات النقابية، للانخراط، بقوة، في تعبئة وتشجيع المواطنين على المشاركة في العملية الانتخابية.
&
وأشار الملك محمد السادس إلى "السلطة التي يتوفر عليها المواطن، للحفاظ على مصالحه، وحل بعض مشاكله، ومحاسبة وتغيير المنتخبين"، وقال إنها "تتمثل في كلمة واحدة من ثلاثة حروف (صوت)".
&
وقال مخاطبا المواطنين"إن التصويت حق وواجب وطني، وأمانة ثقيلة عليكم أداءها، فهو وسيلة بين أيديكم لتغيير طريقة التسيير اليومي لأموركم، أو لتكريس الوضع القائم، جيدا كان أم سيئا".
&
وأضاف "عليكم أن تعرفوا أن انتخاب رئيس الجهة (المنطقة) وأعضاء مجلسها بالاقتراع المباشر، يعطيكم سلطة القرار في اختيار من يمثلكم. فعليكم أن تحكموا ضمائركم وأن تحسنوا الاختيار. لأنه لن يكون من حقكم غدا، أن تشتكوا من سوء التدبير، أو من ضعف الخدمات التي تقدم لكم".
&
وسجل العاهل المغربي أن "مما يبعث على الارتياح، تزايد عدد الناخبين، الذين قاموا بالتسجيل في اللوائح الانتخابية، لأول مرة، رغم أنهم كانوا لا يشاركون في الانتخابات، بسبب عدم رضاهم على عمل المجالس المنتخبة". وقال "لكنهم اليوم يريدون ممارسة حقهم وواجبهم الوطني. إلا أن أغلبهم يتساءلون، لمن يعطون أصواتهم، وفي من يضعون ثقتهم". &
&
على صعيد آخر، قال الملك محمد السادس إن المغرب "اضطر لاتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية، لحماية أمنه واستقراره. وفي هذا الإطار جرى &فرض التأشيرة على مواطني بعض الدول العربية، وخاصة من سوريا وليبيا".
&
وذكر في سياق حديثه عن بعض دول المنطقة التي تعرف أوضاعا صعبة، بسبب انعدام الأمن، وانتشار الأسلحة والجماعات المتطرفة، قائلا: "إذ نعبر عن تضامننا مع شعوب هذه الدول، فإننا نتأسف للظروف القاهرة، التي دفعت المغرب لاتخاذ هذا القرار. غير أننا نريد أن نوضح، أن هذا القرار ليس موجها ضد أحد، ولا ينبغي فهمه على أنه تصرف غير أخوي تجاههم".&
&
وشدد الملك محمد السادس على القول إن الأمر يتعلق بقرار سيادي"فبصفتي المؤتمن على أمن واستقرار البلاد، فإنني لن أسمح بأي تهاون أو تلاعب في حماية المغرب والمغاربة".
&
وبخصوص اللاجئين القادمين من بعض الدول التي تعرف تدهورا في الأوضاع الأمنية، والذين دخلوا المغرب قبل هذه الفترة، قال الملك محمد السادس "فإني لا أحتاج لدعوة المغاربة إلى معاملة هؤلاء الناس كضيوف، وتقديم كل أشكال المساعدة لهم. كما أني واثق أنهم يشاطرونهم معاناتهم ولا يبخلون عليهم قدر المستطاع".&
&
وفي مقابل ذلك ، شدد العاهل المغربي على أن "عليهم الالتزام بالقوانين المغربية، واحترام المقدسات الدينية والوطنية، وفي مقدمها المذهب السني المالكي. وكما تم العمل به سابقا، فإن كل من يثبت في حقه، أي خرق للقوانين أو الضوابط المغربية، سيجرى ترحيله خارج الحدود" في إشارة إلى "أولئك الذين يحاولون إثارة الشغب والبلبلة داخل المساجد وخارجها، والذين ينخرطون في عصابات الإجرام أو الإرهاب".
&
وقال إن المغرب سيظل كما كان دائما، أرضا لاستقبال ضيوفه، الوافدين اليه بطريقة شرعية، ولن يكون أرضا للجوء، مبرزا أن للمغرب أولوياته الداخلية، ويركز جهوده على معالجتها، ويعمل على رفع التحديات التي تواجهه، من أجل تمكين المواطن المغربي، من أسباب العيش الحر الكريم.
&
ووجه الملك محمد السادس بالمناسبة تحية إشادة وتقدير لكل الأجهزة الأمنية، على تجندها ويقظتها، في التصدي لمختلف المحاولات الإرهابية التي تحاول يائسة المس بالنموذج المغربي، الذي يشهد العالم بتميزه.
&
وأكد ملك المغرب أن الحفاظ على أمن واستقرار البلاد، ليس من مهام الدولة ومؤسساتها فقط، وإنما هو أيضا من واجبات المواطن، في إطار التعاون والتنسيق مع الأجهزة المختصة.
&
وذكر بأن مواجهة التطرف "يجب أن تتم وفق مقاربة تشاركية، تقوم على تعزيز قيم الانفتاح والتسامح، التي يؤمن بها المغاربة، ويتكامل فيها النهوض بالبعد الاجتماعي والتنموي، مع الدور الديني والتربوي، إضافة إلى الجانب الأمني". واشار العاهل المغربي الى أن "المغرب ما فتئ يعمل على صيانة أمنه واستكمال تأمين حدوده، خاصة خلال السنتين الماضيتين"، وهو ما تمكن من تحقيقه بفضل تضافر جهود كل الأجهزة والقوات المعنية".
&
وأكد الملك محمد السادس أن المغرب لن يقف عند هذا الحد "بل سنواصل الجهود، بكل يقظة وحزم، من أجل منع أي كان، من الدخول لبلادنا، بطريقة غير شرعية".
&
وذكر العاهل المغربي بأنه "إذا كنا نعتبر خدمة المواطن، هي الغاية من كل السياسات الوطنية، فإننا نضع ضمان أمنه وسلامته، في صدارة انشغالاتنا"، مشيرا إلى أن العالم اليوم، والمنطقة المغاربية والعربية خاصة، تعرف تطورات متسارعة، بسبب تنامي نزوعات التطرف باسم الدين، وتزايد عصابات الإرهاب.
&
وخلص الملك محمد السادس الى القول في هذا السياق :"لأننا نعرف أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، فقد انخرط المغرب في الجهود الدولية، التي تهدف إلى محاربة هذه الآفة العالمية. كما يعمل على الصعيد الوطني، من أجل التصدي للأسباب، التي قد تؤدي إلى التطرف والإرهاب".لكن المغرب، يوضح عاهل المغرب ، كجميع بلدان المنطقة، بل وكل دول العالم،"ليس بعيدًا عن هذه التهديدات".