كشف رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود عن قرب تركه منصبه، بعدما تكررت المطالبات الموجّهة إليه من قبل المتظاهرين بالاستقالة، متهمين الهيئة القضائية بالتورط في قضايا فساد كبيرة ومحاباة السياسيين.
عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: رد رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق القاضي مدحت المحمود على منتقديه والمطالبين باستقالته بقرب تركه منصبه مرددًا عبارة "حسبنا الله ونعم الوكيل".
انتقادات دائمة
ويتعرّض رئيس السلطة القضائية في العراق إلى انتقادات متواصلة إعلامية وبين جموع المتظاهرين وخطباء الجمعة، بمن فيهم ممثل المرجع الشيعي آية الله السيستاني مطالبين بإصلاح القضاء واستقالة المحمود من منصبه الذي يشغله منذ نحو 12 سنة، حيث توجّه تهم للقضاة بمحاباة السياسيين الفاسدين ودعم المحمود لرئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي طالب قبل أسبوعين السلطة القضائية باتخاذ "إجراءات جذرية" تؤكد استقلاليتها وتتيح للحكومة المضي في الإصلاح، بعد ساعات من تشديد المرجعية الشيعية العليا وآلاف المتظاهرين على ضرورة تأهيل القضاء.
يأتي ظهور المحمود اليوم كرد على الانتقادات الموجهة اليه التي تصادعت خلال الشهرين الماضي والحالي وكإعلان عن قرب تركه منصبه، الذي قال انه ستنتهي مدة شغله الرسمية له بعد أشهر قليلة.
وقال المحمود إن "البعض يتهمنا بالتخاذل مع المسؤولين الفاسدين، إما عن سوء فهم منه، أو لأجندات يحملها، مؤكدًا أن الطائفية والمناطقية لم تدخل أبدًا الى القضاء"، مؤكدًا أن "النزاهة والكفاءة وحسن السيرة والسلوك هي سمات القضاء العراقي".
لتفعيل استرداد المطلوبين
ورد على منتقديه بعدم محاسبة القضاة الفاسدين بتشكيل ثلاث لجان لتنفيذ الإصلاحات القضائية"، مشددًا على ضرورة "تفعيل استرداد المطلوبين في الخارج". وقال المحمود&في كلمة له خلال حفل ترديد القسم لخريجي الدورة 36 في المعهد القضائي اليوم في بغداد إن مشروع قانون المحكمة الإتحادية المرسل الى مجلس الوزراء في عام 2014 تلكأ النظر فيه، معربًا عن أمله في تشريع القانون من قبل البرلمان.
وأضاف أن "مجموع القضاة في العراق أصبح 1587 قاضيًا بعدما كان 573 قاضياً في عام 2003"، مبيناً أن "صناعة القاضي الحق مهمة شاقة وطويلة"، شاكراً "جهود القائمين على إعداد القضاة".
وأشار المحمود الى أن "مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا المرسل الى مجلس الوزراء في عام 2014 تلكأ النظر فيه لإختلافات معينة" من دون أن يبينها. وكشف رئيس مجلس القضاء الأعلى أن "القانون الحالي ينص على استمرار رئيس وأعضاء المحكمة الإتحادية العليا مدى الحياة، ونحن عارضنا هذا المبدأ، ووضعنا مدة زمنية تنتهي فيها عضوية رئيس وأعضاء المحكمة الإتحادية العليا، وحددناها بـ12 سنة"، مبيناً أن "هذه الـ 12 سنة ستنتهي بعد أشهر"، وستدخل المحكمة عناصر جديدة تكمل مسيرتها، داعيًا الى الاسراع في إقراره"، ليرمي الكرة في سلة البرلمان العراقي.
وتحدى المحمود منتقديه بأنه لم يسجل عليه وعلى أعضاء السلطة القضائية "خرق واحد" منذ العام 2004، "بشهادة هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية ومكاتب المفتشين العموميين"، كاشفاً عن إبعاد ثمانية قضاة خلال ثماني سنوات ومعاقبة 107 قضاة بالانذار خلال خمس سنوات، مشيراً الى أن الانذار يعتبر اقسى عقوبة قبل الابعاد. واشار الى إجراء تنقلات لـ 47 قاضياً وعضو ادعاء عام منذ جلسة مجلس القضاء الاستثائية المنعقدة في الاسبوع الماضي.
بعد ضغوط
وقال المحمود السلطة القضائية طلبت من مجلس النواب تشريع القوانين الخاصة بالسلطة القضائية وذكر ان "مشروع قانون المحكمة الاتحادية الجديد المرسل من السلطة القضائية ينص على انتهاء عضوية اعضائها ورئيسها خلال 12 سنة وهذا السقف الزمني سينتهي بعد أشهر.
ونبه المحمود الى "رفع مجلس القضاء الاعلى أسماء مرشحي رئاستي محكمة التمييز وجهاز الادعاء العام الى مجلس النواب منذ 12 من كانون الثاني الماضي لإصدار قرار بتعيينهما وفقا لاحكام الدستور".
وختم المحمود كلامه بعبارة "حسبنا الله ونعم الوكيل"، في إشارة منه إلى قرب تركه منصبه الذي واكب خلاله جميع رؤساء الحكومات العراقية السابقة منذ عام 2003. وكان مدحت المحمود كشف في جلسات خاصة تعرضه لضغوط من بعض الكتل السياسية تطالبه بالاستقالة تمهيداً لشغل منصبه من قبل مرشحين قريبين لتلك الكتل وذكر اسم القاضي السابق وائل عبد اللطيف كمرشح بديل منه من قبل تلك الكتل السياسية، حسب ما أبلغ "إيلاف" مقربون من المحمود.
يذكر أن المحمود المولود في بغداد عام 1933 شغل أول منصب قضائي له عام 1968 وانتدب رئيساً لمجلس شورى الدولة قبل سقوط نظام صدام وعين رئيساً للمحكمة الاتحادية ورئيس مجلس القضاء الأعلى في الثلاثين من شهر آذار/مارس 2005، بعدما كان مشرفاً على وزارة العدل بدرجة وزير، ورئيساً لمحكمة التمييز الاتحادية عام 2003. وينسب منتقدوه له دعمه لسلطة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وتشريع قوانين مناسبة لبسط قوته.
المالكي يستعيد الحصانة
من جانب آخر قدم النائب عن ائتلاف دولة القانون حسن السنيد استقالته من عضوية مجلس النواب. وذكر مصدر نيابي أن "السنيد قدم استقالته لهيئة رئاسة مجلس النواب لعرضها للتصويت عليها".
يشار الى ان السنيد الذي لم يفز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة 2014 قد شغل المقعد النيابي كبديل عن رئيس الحكومة السابق نوري المالكي الذي سُمي كنائب رئيس للجمهورية في الحكومة الحالية.
ورجح مراقبون عراقيون أن تكون استقالة السنيد تمهيداً لإعادة المقعد البرلماني الى المالكي بعدما شمل الترشيق الحكومي منصبه& كنائب لرئيس الجمهورية اضافة الى سعيه إلى الحصول على الحصانة القانونية كنائب بعد توجيه التهم اليه في سقوط مدينة الموصل بحسب تقرير اللجنة النيابية الخاصة بالتحقيق في الاحداث وإحالة التقرير على القضاء.
&
لكن&مصدر قريب من المالكي نفى أن تكون لديه نية بالعودة الى البرلمان، نائبا، بعد إلغاء منصبه الحالي من قبل رئيس الوزراء حيدر العبادي، فيما كشف أن "دوافع قضائية" تقف وراء تقديم حسن السنيد استقالته الى البرلمان.
وقال المصدر لجريدة العالم البغدادية إن "المالكي لا ينوي العودة إلى البرلمان"، موضحا أن "ما أشيع عن ارتباط استقالة السنيد بنية المالكي العودة الى البرلمان قراءات سياسية لا تستند إلى شيء".
واضاف، أن "المالكي ما زال نائبا لرئيس الجمهورية".
ولدى سؤاله عن مستقبل المالكي في حال تفعيل قرار إلغاء منصبه، قال المصدر "لا نعلق على توقعات، وعندما يتم تفعيل قرار إلغاء منصب نواب الرئيس لكل حادث حديث".
وتابع، أن "السنيد يواجه، منذ وصل الى البرلمان، دعوى قضائية، رفعها أحد أعضاء ائتلاف دولة القانون، بعد أن جمع أصواتا أكثر من السنيد، لكنه لم ينل مقعدا في البرلمان"، موضحا أن "الدعوى أوشكت أن تحسم ضد السنيد، وهذا يعني سحب المقعد النيابي منه قانونا، لذلك اختار أن ينسحب بنفسه، منعا لإثارة الجدل".
وكان عضو لجنة النزاهة النيابية عن كتلة الاتحاد الاسلامي الكردستاني، عادل نوري، قال إن النائب عن ائتلاف دولة القانون حسن السنيد استقال من عضوية مجلس النواب "ليحل محله نوري المالكي"، المقال من قبل رئيس الوزراء حيدر العبادي.
وقال نوري "تفاجأنا بتقديم السنيد استقالته لرئاسة البرلمان"، موضحا أن "السنيد شغل عضوية البرلمان بعدما رشحته كتلته ليحل محل المالكي الذي اصبح نائبا لرئيس الجمهورية، رغم قلة الاصوات التي حصل عليها في الانتخابات ووجود آخرين حصلوا على أصوات أكثر".
وأضاف نوري "بعد متابعتي للموضوع استطعت ان اعرف ان السنيد قدم الاستقالة بتوجيه من حزب الدعوة وكتلة دولة القانون، بمعنى ان الحزب والكتلة يحاولان اعادة المالكي الى البرلمان ليحصل على الحصانة البرلمانية" .
&
التعليقات