عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لقاءات عدة مع زعماء دوليين، في نيويورك على هامش مشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتقى بالمستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الأيرلندي، ورئيس الوزراء الهندي، ورئيسة كرواتيا، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، إضافة إلى شخصيات أميركية بارزة، ومنهم هنري كسنجر، وزير الخارجية الأسبق، ودينيس روس، مبعوث الشرق الأوسط السابق.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: قال دبلوماسيون إن لقاءات السيسي تسعى إلى فتح قنوات اتصال مع دول العالم، بهدف جذب استثمارات جديدة إلى بلاده، ووضع استيراتيجية دولية لمحاربة الإرهاب في العالم، فضلاً على بحث مختلف القضايا، ولاسيما القضية السورية.

يواصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لقاءاته من بعض زعماء العالم فى نيويورك، على هامش مشاركته في قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتقى السيسي بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

وقال المتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية، السفير علاء يوسف، إن السيسي أكد على الأهمية التي توليها مصر لعلاقاتها المتميزة مع ألمانيا، مشيداً بالدور الإيجابي الذي قامت به الشركات الألمانية للمساهمة في دفع عملية التنمية في مصر من خلال العمل على إنجاز مشروعاتها في أقل وقت ممكن وبأعلى معايير الجودة مع إبداء التفهم اللازم لضرورة خفض التكلفة.

ووجه السيسي الشكر للمستشارة الألمانية على المشاركة رفيعة المستوى في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، حيث مثل ألمانيا نائب المستشارة ووزير الاقتصاد والطاقة الألماني.

ومن جانبها، أشادت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بمستوى الاتصالات الجارية والتنسيق المستمر بين الجانبين المصري والألماني في شتى المجالات السياسية والاقتصادية لمتابعة الموضوعات المشتركة وما يتم الاتفاق عليه بين الجانبين. كما وجهت التهنئة للسيد الرئيس على إنجاز مشروع قناة السويس الجديدة.

وأضاف المتحدث الرسمي أن السيسي أشار إلى قرب اكتمال البناء المؤسسي والتشريعي لمصر من خلال تشكيل مجلس النواب الجديد، حيث تم تحديد موعد عقد الانتخابات البرلمانية خلال شهريّ أكتوبر ونوفمبر المقبلين. وقد رحبت المستشارة الألمانية بهذه الخطوة، معتبرة أنها ستثري الحياة الديمقراطية في مصر.

وأضاف المتحدث الرسمي أن السيسي أعرب عن تقدير مصر للموقف الالماني إزاء التعامل مع مشكلة اللاجئين، وموافقة ألمانيا على استقبال عدد ضخم منهم، وهو الأمر الذي يعكس موقفاً إنسانياً رفيعاً.

وفي هذا الصدد، أشارت ميركل إلى أن بلادها أبدت تفهماً لظروف اللاجئين وأنها تشجع الحوار والتعاون الدولي بغية التوصل إلى حل لأزمة اللاجئين، ليس فقط من دول المتوسط وإنما أيضاً القادمين من الدول الافريقية.

وعلى صعيد مكافحة الإرهاب، قال السيسي إن مواجهة هذه الآفة الخطيرة يجب أن يكون من منظور شامل لا يتوقف عند حدود المواجهات العسكرية والأمنية، وإنما يمتد ليشمل كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، وهو الأمر الذي يتعين أن تشارك فيه الدول المتقدمة بفاعلية.

وأضاف الرئيس المصري أن الأبعاد الفكرية والدينية تلعب دوراً مؤثراً في مواجهة التطرف والارهاب، ومن هنا تبرز أهمية تصويب الخطاب الديني، الذي ينبغي أن تواكبه صحوة فكرية في العالم الإسلامي تؤكد على القيم الحقيقة السمحة للدين الإسلامي.

وقد أعربت المستشارة الالمانية عن توافقها مع الرؤية المصرية الداعية إلى المواجهة الشاملة للإرهاب، معربة عن استعداد بلادها للانخراط في أية جهود إيجابية بناءة تهدف لتحقيق الأمن والاستقرار، وتكافح العنف والتطرف والإرهاب.

كما التقى السيسي برئيس وزراء أيرلندا "إيندا كيني"، وذلك في اطار حرص مصر على تعزيز العلاقات الثنائية مع أيرلندا في مختلف المجالات بما يحقق المنفعة المشتركة للشعبين المصري والأيرلندي.

ووجه السيسي الشكر لرئيس الوزراء الأيرلندي على دعم بلاده لحصول مصر على عضوية مجلس الأمن لعامي 2016-2017.
وأكد الجانبان على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، ومن بينها الزراعة والتعليم والتكنولوجيا ومجالات التعاون الفني.

وأشار رئيس الوزراء الأيرلندي إلى اعتزام بلاده إرسال وفد أيرلندي إلى مصر للتباحث مع المسئولين المصريين المعنيين في سبل تفعيل التعاون حول البرامج التنموية اللازمة للدول النامية.

وعقد السيسي اجتماعاً مع الرئيسة الكرواتية كوليندا كيتاروفيتش، التي هنأت الرئيس المصري على افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة في زمن قياسي، منوهة إلى أنه يعد انجازا كبيرا لمصر وشعبها.

وأعربت الرئيسة الكرواتية عن تطلع بلادها لتعزيز التعاون بين قناة السويس وبين الموانئ الكرواتية الواقعة على البحر الادرياتيكي، وكذا تعزيز التعاون بين الجانبين المصري والكرواتي في مختلف المجالات، ولاسيما تلك التي تتميز فيها كرواتيا، ومن بينها الطاقة والتشييد والبناء وتكنولوجيا المعلومات.

ومن ناحية أخرى، أشادت الرئيسة الكرواتية بالتعاون الكامل الذى أبدته السلطات المصرية إزاء حادث اختطاف المواطن الكرواتي.

ورحب الرئيس المصري بالاستثمارات والمساهمة الكرواتية في مختلف المشروعات والمجالات التي أشارت إليها الرئيسة الكرواتية.

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية إن التشاور بشأن أزمة اللاجئين استأثر بجزء هام من المقابلتين، حيث نوه السيد الرئيس إلى أسباب الهجرة واللجوء، وفي مقدمتها المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها العديد من مواطني الدول النامية، والتي يتيعن مواجهتها من خلال تكثيف التعاون والتنسيق والمساهمة بفاعلية من قِبل الدول المتقدمة والمؤسسات الدولية المعنية فى دفع عملية التنمية وتوفير واقعٍ أفضل لهؤلاء المواطنين بما يساهم في تحسين مستوى معيشتهم في أوطانهم ويساعدهم على الحياة والاستقرار فيها.

وفي سياق متصل، أكد السيسي أنه دون التوصل إلى معالجة تلك المشكلات ستتفاقم أزمة الهجرة، ومن ثم يتعين أن تكون مكافحة الإرهاب شاملة ولا تقتصر فقط على المواجهات العسكرية والأمنية، ولكن تمتد لتمشل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، وكذا الأبعاد الفكرية والدينية.

وأضاف السيسي أن مصر تستضيف أعداداً ضخمة من اللاجئين من عدد من الدول العربية والافريقية الشقيقة، ويحصلون على ذات الخدمات التي تُقدم للمواطنين المصريين، ولا سيما في قطاعيّ التعليم والصحة، بما يشكله ذلك من أعباء على كاهل الحكومة في ظل محدودية الموارد المُتاحة، ولكن مصر لم تتراجع عن استضافتهم ولم تتحدث عن ضرورة ترحيلهم أو تقديم مساعدات لها للوفاء بالتزاماتها إزاءهم.

وفي هذا السياق، ذكر رئيس الوزراء الأيرلندي أن الاتحاد الأوروبي عقد مؤخراً قمة طارئة لبحث أزمة اللاجئين، حيث تم الاتفاق على تقديم مليار يورو لمساعدة وكالات الأمم المتحدة التي تدعم اللاجئين السوريين بدول الشرق الأوسط. وأضاف "كيني" أن الاتحاد الأوروبي أدرك أهمية التحرك الجاد من أجل التسوية السلمية لأزمات المنطقة، ويسعى في الوقت الراهن للمساهمة في التوصل لحلول سياسية لها.

وفي سياق متصل، ترأس السيسي اجتماع لجنة الرؤساء الأفارقة المعنية بتغير المناخ، وصرح المتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية السفير/ علاء يوسف، بأن هذا الاجتماع يأتي في إطار تنسيق المواقف الإفريقية إزاء قضايا تغير المناخ قبل انعقاد مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ المقرر عقده بالعاصمة الفرنسية باريس في ديسمبر المقبل.

وأضاف المتحدث الرسمي أن مصر تولي اهتماماً كبيراً لتحقيق التوازن بين كافة عناصر الاتفاق المأمول التوصل إليه في باريس، وأهمها التخفيف من تداعيات ظاهرة تغير المناخ والانبعاثات الضارة بالبيئة والتكيف معها، وتوفير وسائل تنفيذ الاتفاق من تمويلٍ وتكنولوجيا وبناءٍ للقدرات وشفافية الإجراءات واحترام كافة مبادئ وأحكام الاتفاقية، خاصةً مبدأ المسئولية المشتركة مع تباين الأعباء بين الدول المتقدمة والدول النامية، بما يتيح للدول الافريقية الفرصة للنمو، مع وفاء الدول المتقدمة بالتزاماتها في هذا الإطار.

وذكر يوسف أنه تم خلال الاجتماع إطلاق مبادرة الطاقة المتجددة في إفريقيا والتي تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة والاعتماد على الطاقة المتجددة كأحد سبل التحول نحو الاقتصاد النظيف، كما شهد الاجتماع إقرار مبادرة تعبئة الجهود العالمية لدعم أنشطة التكيف في إفريقيا، وهي المبادرة التي صاغتها مجموعة المفوضين الأفارقة لحشد الجهود الدولية لدعم التكيف في إفريقيا، وذلك في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ وصندوق المناخ الأخضر.

أولويات السيسي

لقاءات السيسي مع زعماء العالم لها أهداف عدة، أهمها دعم اقتصاد بلاده، وتكوين جبهة دولية لمحاربة الإرهاب.

وقال السفير محمد يوسف، مساعد وزير الخارجية الأسبق، لـ"إيلاف" إن السيسي مهموم بكيفية خروج مصر من أزمتها الإقتصادية، مشيراً إلى أن الرئيس المصري يركز في جميع مباحثاته على الجانب الإقتصادي، ويعقد لقاءات مع رجال أعمال ورؤساء شركات دولية، ولفت إلى أن السيسي لديه ملف آخر شديد الأهمية وهو محاربة الإرهاب، لاسيما أن مصر تعاني من تمركز تنظيمات إرهابية في سيناء، وانتشار مجموعات أخرى تابعة للإخوان في المحافظات والعاصمة القاهرة، ونبه إلى أن السيسي يدرك جيداً أنه الحرب على الإرهاب تحتاج إلى نفس طويل، وتحتاج إلى تكاتف جميع الدول، خاصة أن غالبية دول المنطقة تعاني من الإرهاب.

ويرى دبلوماسيون أن زيارات السيسي الخارجية تهدف إلى انقاذ الإقتصاد المصري من عثرته، وجذب استثمارات جديدة.

وقال السفير جمال سعيد، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن اللقاءات الرئاسية تمثل قمة التنسيق بين الدول، ويكون لها عادة نتائج مذهلة.

وأوضح لـ"إيلاف" أن السيسي يحرص على عقد لقاءات مع زعماء العالم ورؤساء الشركات الكبرى من أجل البحث عن استثمارات جديدة، والاستفادة من خبرات الآخرين في التنمية، ولفت إلى أن زيارات السيسي للصين وروسيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ساهمت في تقارب واضح بين رجال الأعمال في هذه الدول، وعقدت على خلفيتها العديد من الاتفاقيات الإقتصادية.

ولفت إلى أن السيسي يحرص دائماً ألا يفوت فرصة للقاء أي رئيس إلا وانتهزها، لاسيما أنه يعلم جيداً أن بلاده في أشد الحاجة إلى النهوض، وتعويض نحو أربعة أعوام ضاعت من عمرها بسبب قيام المصريين بثورتين، الأولى ضد نظام حسني مبارك، والأخرى ضد نظام الإخوان، مشيراً إلى أن السيسي لديه يقين أن المصريين لديهم الاستعداد للقيام بثورة ثالثة إذا لم يتحقق لهم التنمية الإقتصادية المنشودة.