فرض حدث إطلاق سراح الوزير اللبناني السابق، ميشال سماحة، من السجن بقرار من المحكمة العسكرية ذاته على الساحة كاسراً الرتابة السياسية الداخلية ومثيراً معه عاصفة من الانتقادات، إمتدت إلى الشارع حيث شهدت مناطق رئيسة في العاصمة بيروت وخارجها قطعاً للطرق بالإطارات المشتعلة، كما التهبت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات المنددة بخروجه.


هيثم الطبش من بيروت: بالأمس كان مشهد الحرية في لبنان متناقضاً، فناشطو المجتمع المدني كانوا يزجون في السجن لمطالبتهم بحلول لملف النفايات، بينما كان الوزير السابق ميشال سماحة، الذي تولى نقل المتفجرات من مخازن النظام السوري لينفّذ مخططاً يضرب الوحدة الوطنية ويمهّد للفتنة الطائفية، يخرج من السجن. أجمعت آراء الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي أن إطلاق سراحه أحيا في الذاكرة الجماعية اللبنانية فصولاً من زمن الاغتيال السياسي وعبث النظام السوري بالساحة المحلية.
من 8 أيلول 2012 وحتى 14 كانون الثاني 2016 أيام أمضاها سماحة في السجن وانتهت بقرار من المحكمة العسكرية الدائمة، التي وافق رئيسها طاني لطوف على طلب محامي سماحة، فأخلي سبيله بكفالة مالية قيمتها 100 ألف دولار على ان تستكمل محاكمته امام محكمة التمييز العسكرية.
وكانت السلطات الأمنية اللبنانية أوقفت سماحة متلبّساً بتهعمة نقل عدد كبير من المتفجرات من سوريا إلى لبنان بسيارته الخاصة، وكان ينوي تسليمها إلى مَن يزرعها في مناطق متنوعة وخصوصاً في الشمال وعكار لاستهداف شخصيات سياسية ودينية من بينها النائب خالد الضاهر وشقيقه والمفتي مالك الشعار. ونشرت وسائل الاعلام المحلية آنذاك تسجيلات بالصوت والصورة لسماحة تؤكد تورطه ورئيس مجلس الأمن القومي السوري علي الملوك ورئيس النظام بشار الأسد في ذلك المخطط.
محكمة خارج العدالة
لكن كيف رأى مًن كان في نية سماحة استهدافهم في ما عُرف حينها بـ"مخطط سماحة – المملوك" قرار إخلاء سبيله؟ "إيلاف" سألت مفتي الشمال الشيخ مالك الشعار والنائب خالد الضاهر عن قراءتهما للقرار، فأجمعا على أن ذلك يمثّل وصمة عار في جبين القضاء اللبناني.
وقال المفتي الشعار قرار المحكمة العسكرية قرار مؤسف وقد عبرت في السابق عن ذلك لأن المحكمة ينبغي أن يرأسها قاض والمحكمة العسكرية في لبناتن يرأسها رجل عسكري أمني ولذلك أعتبر أن هذذا القرار لا علاقة له لا بالقضاء ولا بالعدالة.
ورداً على سؤال عما إذا كان يخشى تداعيات سلبية محتملة نتيجة لإخلاء سبيل سماحة، أجاب الشعار: "لا أستطيع القول ان أحكم على المستقبل وهي أمور غيبية لكني ومما سمعت عبر الإعلام وجدت أن هناك مناخاً كبيراً من الخوف والقلق على ألسنة الكثيرين من الناس والسياسيين أصبح بارزاً وحاضراً، وهذا يمثّل تهديداً لأمن الوطن".
وختم المفتي الشعار حديثه إلى "إيلاف" بالقول: "أستغرب أن تكون المحكمة العسكرية غبر تابعة لوزارة العدل كأنها خارجة عن العدالة".
قرار مشين
أما النائب خالد الضاهر فرأى أن إطلاق سراح سماحة "يشكّل اغتيالاً جديداً للواء وسام الحسن الذي اكتشف الخلية الإرهابية التي يرأسها رئيس النظام السوري بشار الأسد وبعضوية كل من ميشال سماحة وعلي المملوك،" وأضاف: "هناك انطباع عام أنإطلاق سراجه عمل مشين وهو تبرأة لبشار الأسد من الجرائم، خصوصاً ان المحكمة العسكرية ومنذ بدء محاكمة سماحة حاولت قطع أي صلة بينه وبين بشار الأسد وعلي مملوك وتحويل القضية إلى أنه استدرج كما تستدرج الفتاة القاصر".
وأضاف: "المحكمة حاولت تصغير الجرم، وتجاوزت في هذه القضية مواد قانونية مثل المادة 201/549 التي تصل عقوبتها إلى الإعدام، وبرأته من محاولة القتل العمد وكأنه بريء وقد استُدرج، إضافة إلى تجاوز المواد 3 و4 و5 و6 من قانون 58 المتعلق بالإرهاب وحيازة المتفجرات والأحزمو الناسفة، باختصار هذه قضية سياسية وليست قضائية".
وأشار الضاهر إلى أن العصابة التي يرأسها سماحة كانت مرتبطة ببشار الأسد مباشرة، ولفت إلى أن اللواء وسام الحسن سبق أن أوفغ عدداً من العصابات التابعة للنظام السوري وقال: "سبق توقيف العديد من العصابات مثل رفعت عيد وعلي عيد اللذين ارتبطا بالمخابرات السورية وكذلك الشيخ أحمد الغريب الذي اعترف بالتواصل مع المخابرات السورية، إذاً الكثير من العصابات كُشف أمرها لكن للنظام السوري عصابات عديدة تهدد الأمن اللبناني والسلم الداخلي والقيادات".
وكشف خلال حديثه إلى "إيلاف" أنه تلقى وبعض النواب والسياسيين تحذيرات من محاولات استهداف خلال هذه المرحلة سائلاً "من وراء هذا الموضوع غير النظامين السوري والإيراني وأدواتهما في لبتان؟" مضيفاً: "ما جرى اليوم لن يمر مرور الكرام وسنرفع الصوت لمطالبة كل القيادات الوطنية بالعمل على إلغاء المحكمة العسكرية التي تبرّء المجرمين وتجرّم الأبرياء وهي من موروثات النظام السوري الإرهابي".
وتابع: "نحن أمام مشكلة ولا ثقة لدى اللبنانيين بالمحكمة العسكرية والقيادات السياسية والدينية مطالبة بإلعائها وترك الأمر للقضاء المدني بعيداً عن إرهاب الناس واستغلال المحكمة العسكرية لصالح النظامين السوري والإيراني للضغط على خصومهما السياسيين".