لندن: بعد سنوات أمضاها متحف لندن للتصميم في «مستودع موز سابق» قرب تاور بريدج، انتقل الآن الى مبنى يليق به في منطقة كينزينغتون غرب لندن. وقال مدير المتحف ان المبنى الجديد أكبر ويقدم الكثير مما يثير الزوار عموماً وليس هواة التصميم وحدهم.

وكانت الملكة اليزابيث فتحت معهد الكومنولث في لندن عام 1962. بهدف إعادة تحديد علاقة بريطانيا مع مستعمراتها السابقة من خلال المعروضات، ولكن المعهد نال صيتاً سيئاً بعض الشيء لعروضه المملة عن دورة حياة حبة القهوة مثلا. فلم يجد إقبالا من الجمهور، الى أن أغلق في عام 2004.

وفي الوقت نفسه تقريباً كان واضحاً أن متحف التصميم الذي أسسه السير تيرنس كونران عام 1989 على الضفة الأخرى من التايمس، بحاجة الى مكان أكبر. وكانت عملية انتقال المتحف الى الموقع الجديد مديدة وكلفت 83 مليون جنيه استرليني. وكانت مصادر التمويل متنوعة بينها 17.5 مليون جنيه استرليني من السير تيرنس نفسه.

فهم العالم

يقول مدير المتحف ديان سوديتش "ان متحف التصميم يهدف الى المساعدة على فهم العالم المعقد من حولنا". واضاف ان المسألة ليست بالضرورة كلها مسألة ذوق أو حتى ما هو تصميم جيد في مواجهة تصميم رديء ، وانما يستطيع المتحف في مبناه الجديد ان يفعل الكثير للسؤال عما يحرك العالم. وأكد ان مهمة المتحف هي في الغالب طرح الأسئلة بقدر ما هي تقديم اجابات انيقة. 

ويتوسط المبنى الجديد قاعة كبيرة. وهناك مساحتان للمعارض الموقتة ومجموعة دائمة في الطابق العلوي مع متجر لبيع الكتب ومقهى ومطعم وغرفة للتعلم وغرفة للأعضاء وغير ذلك من الملحقات التي تقترن بقصور الثقافة الحديثة. 

ويمكن دخول المبنى ومشاهدة مجموعته الدائمة مجاناً ولكن المعارض التي تُقام فيه لفترة محددة ليست مجانية.

ويتسم بالبساطة الفنية حيث تبدو المعروضات مخبأة بطريقة غريبة حين يدخل الزائر من الباب الأمامي. ومن المتوقع ان يستقبل المتحف في عامه الأول نحو 650 الف زائر، ومن اوائل معارض المتحف المعاصرة معرض "الخوف والحب ـ ردود افعال على عالم معقد". ويضم المعرض 11 عملا مختلفاً تتيح لمفاهيم التصميم ان تقول كلمتها عن الحياة والسياسة المعاصرة.

ومن المعارض ذات الشعبية الواسعة بين الأطفال معرض "ماينَس" الذي يتمحور حول روبوت صناعي في معمل لإنتاج السيارات، ويرصد الروبوت "ماينس" الذي صممته مادلين غانون الزائر المقبل ويستدير لمتابعة مساره. ويمكن ان يصبح الروبوت مشاكساً بعض الأحيان وتكون خبرة التعامل معه محرجة. 

الأتمتة

وقال مدير المتحف ان الهدف هو تحفيزنا على التفكير في اشياء مثل الأتمتة التي تغير عالمنا. ونقلت بي بي سي عن سوديتش "نحن تحدينا معماريين ومصممي ازياء ومتخصصين بالتكنولوجيا الرقمية واشخاصاً يصنعون مواقع على الانترنت وأردنا منهم ان يفكروا في أشياء تثير قلقنا. وهكذا نحن نقلق من استحواذ الروبوتات على وظائفنا أو ان الهاتف آيفون سلبنا خصوصيتنا وان بريطانيا خرجت من الاتحاد الاوروبي . فالتصميم يساعدنا على التعاطي مع كل هذه الأشياء".

وابدى سوديتش اعتزازه بالعمل الموسوم "غرفة معيشة اوروبية" من انتاج شركة معمارية استشارية في هولندا. ويمثل العمل الذي يستوحي تصويت بريطانيا على بريكسيت غرفة عرض في مخزن كبير للأثاث فيه قطعة اثاث من كل دولة من الدول الثماني والعشرين الأعضاء في الاتحاد الاوروبي. 

واعتبر سوديتش العمل بمثابة تعبير عن الأسف أو التحدي لنتيجة الاستفتاء على بريكسيت. فهناك مثلا اربعة كراسٍ من صنع معامل مختلفة في بلدان اوروبا الشرقية وقنينة زجاجية زرقاء من مالطا واريكة دنماركية وتُمثَّل بريطانيا في هذا العمل بنوع فاقع بعض الشيء من ورق الجدران. 

ويشير سوديتش الى موقف سياسي آخر يمثله العمل. فان كل علم من اعلام دول الاتحاد الاوروبي ممثَّل على ستائر عمودية باستثناء بريطانيا التي غاب علمها. ومن خلال ثغرة ضيقة نلمح صورة بالاسود والأبيض لمدينة روترام المدمرة بعد الحرب. 

يرى سوديتش ان التصميم لا يعترف بحدود بل "يعبر الحدود ويمزج الأشياء" مشيرا الى ان "الخوف والحب" عمل أُنجز بمشاركة مصممين من اليابان واميركا وهولندا والصين.

تغطية ايقونات تصميمية

ومن اكبر المعروضات في متحف التصميم عمل يمثل التصميم الصيني الكلاسيكي وهو جدار تغطيه ايقونات تصميمية، وبعض المعروضات اعمال كلاسيكية مألوفة مثل محطة لقطارات الانفاق في لندن. وهناك معروضات أخرى معلقة على الجدار، من الكتاب المقدس الى شريط من المطاط.

يقول مدير المتحف انه لا يريد ان يظن زائر المتحف لأول مرة ان التصميم شيء موجود هناك عن بعد، مترفع دائماً على الحياة اليومية بل هو "مجموع خيارات امرئ ما في صنع شيء محدَّد وهو ايضا الخيارات التي نمارسها نحن أنفسنا". 

وبحسب سوديتش فان "التصميم يقول لك الكثير عن الثقافة التي انتجته ، يقول لك ما يعجب الناس أو يريدون شراءه أو ما يريدون اعطاءه الى اطفالهم ـ ونحن نريد ان نمثل كل هذه الأشياء في المبنى الجديد". 

اعدت "ايلاف" هذا التقرير بتصرف عن بي بي سي. المادة الأصلية منشورة على الرابط التالي

http://www.bbc.co.uk/news/entertainment-arts-38067532