إيلاف من باريس: تحتفي اليونسكو في الثامن عشر من ديسمبر الجاري باليوم العالمي للغة العربية، ليس بالتأكيد على عراقة وفرادة العربية فحسب، وتجذرها التاريخي، بل بالتركيز على علاقتها بالعلوم أيضاً. بالآلاف هي اللغات منطوقة ومكتوبة، اختارت اليونسكو بضع لغات منها جاعلة لها احتفالية سنوية. 

من بين تلك العربية، وقد خصتها المنظمة الأممية باحتفالية خاصة في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، تحتفي به تحت عنوان عريض هو اليوم العالمي للغة العربية. 

وتقيم اليونسكو احتفالها لهذه السنة تحت شعار لغة الضاد والعلوم بين الأمس والغد، على أن يكون محور السنوية الراهنة هو اللغة العربية والعلوم.

فعالية أكبر

بالنسبة إلى اليونسكو، يكتسي تعدد اللغات، بوصفه عنصراً أساسياً في الاتصال المتناسق بين الشعوب، أهمية خاصة. وهو إذ يشجع على التسامح، فإنه يكفل أيضاً مشاركة فعالة ومتزايدة للجميع في ‏سير عمل منظمة الأمم المتحدة، وكذلك فعالية أكبر ونتائج أفضل ومشاركة أكبر.

وتعتقد اليونسكو بوجوب الحفاظ على تعدد اللغات ‏وتشجيعه بإجراءات مختلفة داخل منظومة الأمم المتحدة، بروح الإشراك والاتصال.

 

 

لغتنا والعلوم

من شأن اختيار محور "العربية والعلوم" لدورة 2016 لليوم العالمي للغة العربية إعادة لفت الانتباه الى أهمية اللغة العربية والقيمة العالية التي تحظى بها على مدى التاريخ، نظرًا إلى مكانتها في الحضارة البشرية، وإسهاماتها في التطور العلمي ماضياً.

وستتناول الندوات التي ستخصص لموضوع اللغة العربية والعلوم الحضور العلمي في اللغة العربية بين الأمس واليوم والغد، على أن تحظى بمشاركة واسعة من الخبراء اللغويين مع جمع من الكتاب والباحثين والعلميين والديبلوماسيين والإعلاميين والعاملين في اليونسكو.

معرض لمكانة العربية

يصاحب فعاليات الاحتفال معرض يبرز مكانة اللغة العربية والعلوم عبر التاريخ بمشاركة فنانين ورسامين من بلدان متنوعة، ليكون نافذة عالمية من اليونسكو تعرف بدور اللغة العربية في خدمة العلوم. وكان المجلس التنفيذي لليونسكو قرر في دورته 190 في أكتوبر 2012 تكريس يوم 18 ديسمبر للاحتفال باليوم العالمي للغة العربية.

جاء اختيار هذا التاريخ لأنه اليوم الذي أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973 اعتبار اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية لها ولكل المنظمات الدولية المنضوية تحتها. أما خطة تنمية الثقافة العربية (آرابيا) التي أنشأتها اليونسكو في عام 1999 فتهدف إلى "توفير إطار يمكن البلدان العربية فيه من تنمية تراثها الثقافي، بحيث يصان الماضي مع التركيز بوجه خاص على المستقبل، وينفتح العالم العربي على التأثيرات والتكنولوجيا الجديدة مع الحفاظ على سلامة التراث العربي".

 

 

لغة أكثرية

تعد العربية أكثر لغات المجموعة السامية متحدثينَ، بحسب الأمم المتحدة، وإحدى أكثر اللغات انتشارًا في العالم، يتحدثها أكثر من 422 مليون نسمة ويتوزع متحدثوها في المنطقة المعروفة باسم الوطن العربي، إضافة إلى العديد من المناطق الأخرى المجاورة كالأحواز وتركيا وتشاد ومالي السنغال وإرتيريا. 

وكان المؤتمر العام لليونسكو أعلن في دورته الثالثة المنعقدة في لبنان في عام 1948 اللغة العربية لغة العمل الرسمية للمؤتمر العام في دورته تلك، إلى جانب الإنجليزية والفرنسية. 

وأُفيد منذ الدورة السابعة للمجلس التنفيذي بأن اللغة العربية قد تُستخدم كلغة عمل في اليونسكو من طريق تأمين الترجمة الفورية إلى العربية خلال الدورات. تواريخ مهمة في الرابع من ديسمبر 1954، صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 878 يجيز الترجمة التحريرية "فقط" إلى اللغة العربية. 

وفي 1960، أصدرت اليونسكو قراراً يقضي باستخدام العربية في المؤتمرات الإقليمية، التي تُنظَّم في البلدان الناطقة بالعربية وبترجمة الوثائق والمنشورات الأساسية إلى العربية. وفي عام 1964، تم التذكير خلال المؤتمر الإقليمي للجان الوطنية العربية في الجزائر برغبة المنظمة في زيادة عدد الوثائق المترجمة إلى لغات غير لغات العمل الرسمية. 

وفي عام 1966، قررت اليونسكو تعزيز استخدام اللغة العربية وتقرر تأمين خدمات الترجمة الفورية إلى العربية ومن العربية إلى لغات أخرى في إطار الجلسات العامة. وفي 1968، اعتمدت العربية تدريجاً لغة عمل في المنظمة، مع البدء بترجمة وثائق العمل والمحاضر الحرفية وتوفير خدمات الترجمة الفورية إلى العربية.

في العام 1973، واصل العرب ضغطهم الدبلوماسي لجعل اللغة العربية تُستعمل كلغة شفوية خلال انعقاد دورات الجمعية العامة. في العام نفسه، أصدرت الأمم المتحدة في دورتها الستين قراراً يقضي بجعل "العربية" ضمن اللغات الرسمية للأمم المتحدة وباقي هيئاتها. اعتمد المؤتمر العام في العام 1974 اللغة العربية كلغة عمل، وقرر وضعها في نفس المكانة التي تحظى بها اللغات الأخرى. 

أما مسألة استخدام اللغة العربية كلغة عمل في دورات المجلس التنفيذي، فأُدرجت في جدول الأعمال في عام 1974 بناءً على طلب من حكومات الجزائر والعراق والكويت والسعودية واليمن وتونس ومصر ولبنان.