يحاول موفد الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، الأربعاء، إنقاذ محادثات السلام حول سوريا في جنيف، والمهددة بالتصعيد في مواقف الطرفين المعنيين وبالوضع الميداني، مع تقدم قوات النظام مدعومة بالقصف الروسي الكثيف في شمال البلاد.

جنيف: تعمل الامم المتحدة الاربعاء على انقاذ محادثات السلام السورية المتعثرة حيث تطالب المعارضة بوقف الضربات الجوية الروسية لكن موسكو اكدت انها لا تنوي وقفها قبل هزم "التنظيمات الارهابية".

وسيسعى موفد الامم المتحدة الخاص الى سوريا دي ميستورا الى اقناع وفدي النظام والمعارضة باستئناف الاجتماعات في مقر الامم المتحدة في جنيف التي يصلها رئيس الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن المعارضة السورية رياض حجاب غداة يوم شهد فوضى تامة سادت عملية التفاوض غير المباشرة.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال زيارة الى مسقط "الضربات الجوية الروسية لن تتوقف طالما لم نهزم فعليا تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة"، فرع تنظيم القاعدة في سوريا، بحسب ما نقلت عنه وكالة انترفاكس الروسية.

&واضاف لافروف "لا افهم لماذا يجب ان تتوقف هذه الضربات". وترفض المعارضة الممثلة بالهيئة العليا للمفاوضات الدخول في مفاوضات غير مباشرة مع وفد النظام السوري في جنيف طالما لم تتوقف عمليات القصف ولم يتحسن الوضع الانساني على الارض.

ونددت الثلاثاء "بمجزرة جديدة" في محافظة حلب (شمال) حيث تحرز قوات النظام السوري تقدما بدعم من الطيران الروسي. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان الروس نفذوا 320 ضربة جوية منذ الاثنين في تلك المنطقة ما ادى الى مقتل 18 مدنيا.

وقال لافروف الاربعاء "ظهر اناس متقلبون (داخل المعارضة) وبدأوا يطرحون مطالب لا علاقة لها بالمبادىء" التي يفترض ان تحكم مفاوضات السلام.

واعتبر لافروف ان وقف اطلاق النار في سوريا يجب ان يسبقه "وقف للتهريب عبر الحدود السورية التركية (...) الذي يؤمن الامدادات للمقاتلين". ويشن الجيش الروسي منذ 30 ايلول/سبتمبر حملة ضربات جوية مكثفة اتاحت لقوات النظام السوري تحقيق تقدم ميداني.

ومحادثات جنيف التي تقررت بضغط دولي كثيف لم تنطلق بشكل فعلي بعد منذ ستة ايام. وهذه المحادثات غير المباشرة تهدف لاطلاق عملية سياسية تنهي حربا اوقعت اكثر من 260 الف قتيل وتسببت بتشريد ملايين الاشخاص منذ اذار/مارس 2011.

&"ثقة معدومة"

اقر دي ميستورا مساء الثلاثاء في حديث مع هيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية "ار تي اس"، بان "الفشل لا يزال ممكنا وخصوصا بعد خمسة اعوام من الحرب الرهيبة". واضاف "لكن اذا حصل فشل هذه المرة فلن يعود هناك امل".

وفي مقابلة لاحقا مع هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي"، قال دي ميستورا بان "مستوى الثقة بين الطرفين شبه معدوم".

فمن جهة، يؤكد وفد النظام السوري عدم وجود محاور "جدي" للدخول في محادثات غير مباشرة.

وقال رئيس الوفد السفير السوري لدى الامم المتحدة بشار الجعفري الثلاثاء "ما زلنا في اطار الاجراءات التحضيرية للمحادثات غير المباشرة، ما زلنا بانتظار معرفة مع من سنتحاور، لا شيء واضحا حتى الان".

ويرى النظام وفد المعارضة الموجود في جنيف بانه غير ممثل، ويتهم بعض اعضائه

&ب"الارهابيين". ويشدد على ضرورة ان يكون الحوار "سوريا سوريا"، في اشارة الى ان العديد من اطراف المعارضة مرتبطون باطراف خارجية.

ومن جهة اخرى، تجد المعارضة نفسها في موقف دقيق للغاية، إذ انها عالقة بين رغبتها في عدم الظهور وكأنها هي الطرف الذي يفشل المحادثات وبين رفضها الدخول في مفاوضات فيما الحرب تتواصل بل تشهد تصعيدا.

هذا ووصل رياض حجاب، المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، الى جنيف قادما من الدوحة على الخطوط القطرية بعد ظهر الأربعاء، وقد بدأ اجتماعا مع دي مستورا في الفندق الذي يقيم فيه وفد الهيئة.

وكان دبلوماسي غربي قد أكد بأن "مجيء حجاب، سيعزز قدرة الهيئة العليا للمفاوضات على التعبير عن موقف موحد للمعارضة". واضاف "انها عملية معقدة جدا تتطلب ان تواصل الاطراف الحوار باستمرار".

من جهته، قال محمد علوش كبير المفاوضين في وفد المعارضة السورية الى محادثات جنيف الاربعاء انه ليس متفائلا& بشان جهود انهاء الحرب السورية المستمرة منذ خمس سنوات.

وقال علوش "المشكلة ليست مع دي ميستورا ولكن مع النظام المجرم الذي يفتك الاطفال وبين روسيا التي تحاول دائما ان تقف في صف المجرمين".

والغت الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن المعارضة السورية لقاء كان مرتقبا الثلاثاء مع دي ميستورا في مقر الامم المتحدة متهمة المجموعة الدولية بانها تتغاضى بالكامل عن المأساة السورية وخصوصا عن حجم القصف الروسي.

الوضع الميداني

تابعت قوات النظام السوري تقدمها في محافظة حلب في شمال سوريا وباتت على بعد ثلاثة كيلومترات من بلدتي نبل والزهراء الشيعييتين المحاصرتين من الفصائل المقاتلة المعارضة.

وترافق هذا التقدم مع تعرض منطقة ريف حلب الشمالي لقصف جوي روسي هو الاعنف منذ بدء موسكو حملتها الجوية في سوريا في 30 ايلول/سبتمبر، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

وتعليقا على ذلك، قال سالم المسلط العضو في الهيئة العليا للمفاوضات في المعارضة السورية في جنيف "هناك مجزرة اخرى تحصل في سوريا ولا احد يقوم باي شيء ولا يقول شيئا. المجتمع الدولي اعمى بالكامل".

ومن روما حيث شارك في اجتماع للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية، حث وزير الخارجية الاميركي جون كيري المعارضة على التفاوض رغم عمليات القصف.

والى جانب وقف القصف، تطالب المعارضة بالافراج عن معتقلين ورفع الحصار عن حوالى 15 مدينة محاصرة.

وتقدر الامم المتحدة بان حوالى 500 الف شخص يقيمون في مناطق محاصرة في سوريا.