بروكسل: أعلن الامين العام لحلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبرغ الاربعاء ان المحادثات الاولى التي تجري منذ قرابة عامين بين الدول الاعضاء في الحلف وروسيا كانت "صريحة وجدية" لكن بدون تسوية "الخلافات العميقة بين الطرفين".

وقد استأنف الحلف وروسيا اللذان تضررت علاقتهما بسبب الازمة الاوكرانية، في بروكسل "حوارا" على مستوى السفراء فيما التوتر لا يزال على اشده وخصوصا في بحر البلطيق. وقال ستولتنبرغ "عقدنا اجتماعا صريحا وجديا، بالواقع يمكنني القول انه كان جيدا جدا" لكن الحلف وروسيا "لديهما خلافات عميقة ومستمرة واجتماع اليوم لم يغير شيئا" في ذلك.

وكان سفراء الحلف وروسيا يجتمعون بانتظام في اطار هيئة "مجلس حلف شمال الاطلسي-روسيا" الى حين اندلاع الازمة الاوكرانية التي اعادت الاجواء الى ما يشبه حقبة الحرب الباردة.

واحتجاجا على ضم روسيا شبه جزيرة القرم والهجوم الذي شنه الانفصاليون الموالون لروسيا في شرق اوكرانيا في ربيع 2014، علق الاطلسي كل تعاون عملي مع موسكو متهما اياها بدعم المتمردين بالسلاح والعديد.

ولا يزال مستقبل شبه جزيرة القرم غير اكيد حيث يصر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على انه لن يتخلى عنها فيما يشدد الحلف الاطلسي في المقابل على عدم الاعتراف بضمها.

نظريا، بقيت قنوات الحوار السياسي مفتوحة لكن العلاقات بين الطرفين بقيت متوترة ولم يحصل اي تواصل منذ ذلك الحين، باستثناء بعض اللقاءات التي تبعتها تعليقات حادة، بين ستولتنبرغ ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

لكن في كانون الاول/ديسمبر وعلى خلفية تقارب مع موسكو بهدف تسوية الازمة السورية حيث ادى تدخل الجيش الروسي الى جانب قوات النظام السوري الى تغيير المعطيات الميدانية، قرر الحلفاء وبدفع من الولايات المتحدة محاولة اعادة احياء مجلس حلف الاطلسي-روسيا.

وقال ستولتنبرغ الثلاثاء "اتوقع ان يعرض الروس وجهة نظرهم (...) لا نخشى الحوار بل نعتقد على العكس ان الحوار اكثر اهمية في الاوقات الصعبة والتوتر الشديد".

واضاف ان سفراء الحلف يأملون في ايجاد "آليات معززة لخفض المخاطر المرتبطة بالنشاطات العسكرية مثل تلك التي شهدناها في بحر البلطيق من حوادث خطيرة في الايام الاخيرة"، حين حلقت مقاتلات روسية فوق سفينة اميركية ثم قرب طائرة استطلاع اميركية.

ويدعو حلف شمال الاطلسي الذي لم يعقد كبار مسؤوليه العسكريين اي اتصال مع الروس منذ ربيع 2014، مع وقوع كل حادث الى "وقف التصعيد". وبلغ التوتر ذروته في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي حين اسقطت تركيا مقاتلة روسية اتهمتها بانتهاك مجالها الجوي.

جدول الاعمال

المواضيع التي ادرجت على جدول الاعمال هي اتفاقات مينسك الهادفة لتسوية النزاع الاوكراني واعتماد الشفافية في المجال العسكري وكذلك الوضع في افغانستان. وينشر الحلف الاطلسي الاف الجنود في افغانستان في اطار مهمة دعم للقوات المحلية في مواجهة تمرد حركة طالبان التي دعيت في المقابل الى محادثات سلام مع السلطة الافغانية.

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي جان مارك آيرولت في موسكو "لقد قبلنا اقتراحا من الحلف الذي كان هو من بادر الى تجميد الاتصالات واليوم يعتبر انه من الضروري اعادة الاتصالات معنا".

من جهته اعتبر آيرولت ان استئناف الحوار بين الاطلسي وروسيا "ضروري" من اجل "احراز تقدم في اتجاه المصلحة المشتركة وهي مصلحة السلام والامن".

واكد ستولتنبرغ ان "الحلف الاطلسي لا يسعى الى حرب باردة جديدة ولا يريد سباقا جديدا الى التسلح"، وذلك ردا على انتقادات روسيا التي تتهم الحلف بتعزيز عسكري "غير مبرر اطلاقا" في دول البلطيق منذ 18 شهرا.

وفي مواجهة الازمة الاوكرانية والقلق من المناورات الروسية التي حشدت ما يصل الى مئة الف جندي، نشر الحلف الاطلسي في الشرق طائرات قتالية وسفنا وقام بتخزين اسلحة وبعمليات تبديل للقوات في تعزيز لـ"دفاعه الجماعي" لا سابق له منذ الحرب الباردة.

واسف سفير روسيا لدى حلف شمال الاطلسي الكسندر غروشكو لان "العلاقات بين حلف الاطلسي وروسيا سيئة جدا. بالواقع ليس لدينا جدول اعمال ايجابيا" مستنكرا "منطق الردع" لدى الحلف. من جهته قال ستولتنبرغ "انه اجراء دفاعي متوازن ورد مباشر على الموقف العدائي لروسيا الذي شهدنا عليه في اوكرانيا".

وقال دبلوماسي ردا على اسئلة وكالة فرانس برس حول النقاشات المرتقبة خلال الاجتماع "لن تكون جيدة، لكننا نتحاور على الاقل". واعتبر ان الاجتماع هدفه "جس نبض الروس ومعرفة الى اي حد هم مستعدون للمضي في محاولة ادارة التوتر" بين الطرفين.